بوصلة: المساواة بين المجرم والضحية!
سقطت الأقنعة، واتضح المشهد الإجرامي، واكتملت صورة المخطط الصهيوني الشيطاني المرتبط بتهجير سكان غزة واقتلاعهم من جذورهم الغزاوية بحجة محاربة الإرهاب! فأين القوانين الدولية والأعراف الإنسانية عندما أمرت حكومة العدو بالترحيل القسري لسكان شمال غزة (أكثر من 1.8 مليون نسمة) إلى معبر رفح الحدودي مع مصر، وإعطائهم مهلة يوم واحد فقط لمغادرة مساكنهم!
وعند بدء نزوح الآلاف منهم هرباً من وحشية القصف الصهيوني الذي طال كل مأوى وملجأ وحتى مستشفيات الأطفال، قامت بالهجوم على قوافلهم النازحة من دون رحمة، وبالرغم من الأعداد الهائلة من الضحايا الشهداء والجرحى الفلسطينيين فإن الصهاينة ما زالوا يمنعون دخول المساعدات الإغاثية والقوافل الإنسانية! فهل ما جرى قبل أيام كان بمنزلة استدراج للمقاومة حين ضحّى الصهاينة بأكثر من 150 مستوطناً (على غرار الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك 2001) في مقابل الحصول على الضوء الأخضر لإبادة أهالي غزة المدنيين؟ وهل يشمل هذا المخطط التخلص من «حزب الله» وباقي الفصائل في المرحلة الحالية أو القادمة فيما إذا قرروا الدخول في هذه المعركة؟
يرى المراقبون أن دخول «حزب الله» متوقع لأن لديهم مصيرا مشتركا مع فصائل المقاومة، أما الدليل على الاستدراج والإعداد المسبق لهذا المخطط الصهيوني، فهو ظاهر في ما كتبه الصهيوني الشهير والمنظّر للحكومة اليمينية المتطرفة (بيني موريس) في كتابه الذي تحدث فيه عن وجوب قيام نكبة ثانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لكن ليس على غرار نكبة 1948، بل بطريقة خبيثة وبحجج واهية وذرائع قانونية (كمحاربة الإرهاب) تتزامن معها حملة إعلامية غربية لإقناع شعوب العالم بشرعية هذا التهجير القسري والتطهير العرقي المبني على أيديولوجيا التخلص من الإرهابيين الذين يستحيل تطبيق مشروع الدولتين معهم، مما يضفي مشروعية على جريمة تهجير سكان غزة بوسائل مروعة! فالنكبة الثانية الجديدة أصبحت ضرورة وجودية لدولة الصهاينة حتى تنعم بالسلام كما يزعمون! وهذا ما ذكره المتطرف الصهيوني بيني موريس، الذي تجلى على الأرض في ما نشاهده اليوم من بطش الآلة الحربية الصهيونية بالشعب الفلسطيني الأعزل، وارتكابه جرائم حرب غير مسبوقة، وتهجيره أهالي غزة أمام أعين المجتمع الدولي.
ومع ذلك يستمر الإعلام الغربي في وصف الجلاد الصهيوني بالضحية، ويبرر ما يفعله من جرائم قتل وترويع وتهجير وقصف للمستشفيات وسيارات الإسعاف ومقرات الأونروا والصحافيين والإعلاميين بمحاربة الإرهاب، وتسمية المقاومين المدافعين عن أرضهم وأنفسهم بداعش!
إن قرّر الصهاينة اجتياح قطاع غزة والمضي قُدماً في هجماتهم الوحشية ومجازرهم المروعة أمام مرأى ومسمع العالم الحر، وبشهادة منظماته الإغاثية والأممية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبضوء أخضر أميركي، فستتسع دائرة الحرب، وسترتفع أعداد الضحايا المدنيين العُزّل، وستزداد ردود أفعال المقاومة الشعبية، عندها هل سيتمكن الإعلام الغربي من الاستمرار برواية الهولوكوست لتبرير النكبتين الأولى والثانية والمساواة بين المجرم والضحية؟