إسرائيل تؤجل «الاجتياح» وإيران تهدد بدخول الحرب

• بلينكن يصطدم بـ «جدار عربي»... الأولوية لوقف إطلاق النار ومنع التهجير
• واشنطن ترسل حاملة طائرات ثانية و«الاشتباكات المضبوطة» تتصاعد على «جبهة لبنان»

نشر في 16-10-2023
آخر تحديث 15-10-2023 | 20:39

أكد مجلس العلاقات العربية والدولية أن ممارسة المجتمع الدولي للمعايير المزدوجة وتقاعسه عن الالتزام بمسؤولياته الإنسانية والأخلاقية والقانونية تجاه جرائم الاحتلال في قطاع غزة، وتشجيعه نظام اليمين الفاشي في إسرائيل، أمور كفيلة بوضع المنطقة والعالم أمام أزمات لا يمكن التنبؤ بعواقبها، محذراً من خطورة التغاضي عن جرائم الاحتلال وتجاوزه لجميع الأعراف الدولية في التدمير الممنهج والوحشي للقطاع.

وقال المجلس، الذي يرأسه محمد جاسم الصقر، في بيان أمس، إن ما تمارسه إسرائيل أمام سمع وبصر المجتمع الدولي من جرائم إبادة وتهجير للشعب الفلسطيني، ومخططاتها لتحويل القطاع إلى معسكر اعتقال وإجبار أكثر من نصف سكانه على إخلاء منازلهم، مثال حي على ما تشكله جرائمهما من انتهاك صريح للقانون الدولي، مما يعرض المنطقة لكارثة رهيبة تقع مسؤوليتها كاملة على عاتق داعمي هذا النظام الفاشي وحُماته.

وأكد كارثية السياسات الغربية في دعم وتشجيع الفاشية العنصرية في إسرائيل على تجاهل التزاماتها كدولة محتلة، بل دعمها بإمكانات البطش، واحتضانها بإعلام عنصري مشوه يبرر جرائم الاحتلال ويشيطن نضالات الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن مثل هذا المسار لن يؤدي إلا إلى النتائج الوخيمة التي لن تفرز فائزاً ولا منتصراً.

وأضاف أن فرض حصار شامل على السكان المدنيين وحرمانهم من مقومات الحياة الأساسية يمثل عقاباً جماعياً ومخالفة صارخة للقانون الدولي ولقواعد الحرب واتفاقية چنيڤ الرابعة بشأن حماية السكان المدنيين وقت الحرب بما يرقى إلى اعتباره جرائم ضد الإنسانية.

وحذر المجلس من خطورة صمت المجتمع الدولي عن محاولات إسرائيل السافرة لارتكاب جريمة تطهير عرقي وخلق واقع جديد في تكرار مأساوي للنكبة المستمرة منذ 75 عاماً من التهجير ومصادرة الأرض.

وأعرب عن إيمانه بأن ميزان العدالة والحق والقانون لن يتحقق إلا بموقف عربي موحد ومنسجم مع الحقيقة السياسية التي عبرت عنها المبادرة العربية للسلام.

وفي تفاصيل الخبر :

في وقت يواصل الآلاف من سكان شمال قطاع غزة نزوحهم باتجاه جنوبه تحت وطأة الضربات الجوية الإسرائيلية المتواصلة منذ 9 أيام على عموم مناطقه، نقلت أوساط عبرية عن مصادر في الجيش الإسرائيلي، تأكيدها أنه تم تأجيل العملية البرية الكبرى التي يجهزها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضد حركة «حماس» بضعة أيام بسبب سوء الطقس الذي قد يعوق قدرة الطيارين ومشغلي الطائرات المسيرة على دعم القوات الأرضية التي يتوقع أن تواجه حرباً ضروس.

وشارك الجيش الإسرائيلي مع صحيفة «نيويورك تايمز»، تفاصيل غير سرية عن خطة العملية البرية المرتقبة، التي ستنطلق في شمال قطاع غزة، والتي أظهرت أن العملية ستبدأ في الأيام المقبلة، كما تخطط إسرائيل لإرسال عشرات الآلاف من الجنود للاستيلاء على مدينة غزة وإطاحة سلطة «حماس» المسيطرة على القطاع الساحلي المحاصر.

ووفقاً لثلاثة ضباط إسرائيليين كبار، من المتوقع أن يكون الهجوم أكبر عملية برية لإسرائيل منذ غزوها لبنان في عام 2006، وسيكون الأول الذي تحاول فيه الدولة العبرية الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها فترة وجيزة على الأقل منذ غزوها للقطاع عام 2008.

وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن العملية البرية المرتقبة، للانتقام من هجوم «حماس» الأعنف على الدولة العبرية منذ حرب 1973، «تخاطر بإدخال إسرائيل في أشهر من القتال الدامي في المناطق الحضرية، سواء فوق الأرض أو في منطقة من الأنفاق، وهو هجوم محفوف بالمخاطر تجنبته إسرائيل منذ فترة طويلة لأنه ينطوي على قتال في قطعة ضيقة ومكتظة يسكنها أكثر من مليوني شخص».

ولفتت الصحيفة، إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يعلن رسمياً حتى الآن نيته اجتياح القطاع، رغم أنه أكد أن فرق الاستطلاع دخلته فترة وجيزة الجمعة الماضية.

وبحسب «نيويورك تايمز» يعتقد أن عشرات الآلاف من مسلحي «حماس» تحصنوا داخل مئات الأميال من الأنفاق والمخابئ تحت الأرض وهو ما يمكنها من نصب أكمنة وتفخيخ طرق القوات المتقدمة.

وأكد الضباط أنه لتسهيل عمل الجنود، تم تخفيف قواعد الاشتباك، الرامية لتفادي قتل مدنيين، للسماح بإجراء فحوصات أقل قبل إطلاق النار على أعداء مشتبه بهم.

في غضون ذلك، كشفت وزارة الصحة الفلسطينية، عن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان إلى 2329 قتيلاً وأكثر من 9042 جريحاً في غزة، و56 قتيلاً بينهم 16 طفلاً وامرأة و1200 جريح في الضفة.

وتشير تلك الأرقام إلى أكبر مجزرة إسرائيلية بحق سكان القطاع منذ عام 2014، فيما يتوقع أن تزداد موجات النزوح مع قرب انطلاق الاجتياح البري.

اجتماع وتمزيق

في غضون ذلك، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي أول اجتماع لحكومة الطوارئ الموسعة في إسرائيل للمرة الأولى أمس، قائلاً، إن الوحدة الوطنية التي ظهرت بعثت برسالة في الداخل والخارج بينما تستعد البلاد «لتمزيق حماس» في غزة.

وبدأ الاجتماع، الذي عقد في المقر العسكري في تل أبيب، بوقوف الوزراء دقيقة صمت حداداً على أرواح نحو 1400 إسرائيلي قتلوا في الهجوم المباغت الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر الجاري، وتسبب بالإضافة إلى ذلك في إصابة 3200 إسرائيلي وأسر ما بين 150 إلى 200 شخص العديد منهم من مزدوجي الجنسية.

واستبق نتنياهو الاجتماع بتغريدة عبر منصة «إكس» أكد فيها أن «الجيش يعلم أن الدولة بأكملها تقف خلفه ويدرك أن هذه ساعة مصيرية».

في موازاة ذلك، خاطب وزير الأمن يوفي غالانت جنوده بالقول: «هذه ستكون حرباً قاتلة وستغيّر الوضع إلى الأبد» وتوجه الى حزب الله اللبناني قائلاً: «الجموا انفسكم حتى نقوم بالمثل».

وتزامن ذلك مع تأكيد متحدثين عسكريين أن الجيش ينتظر «قراراً سياسياً» بشأن توقيت الهجوم البري الكبير. وقال المتحدثان ريتشارد هيشت ودانيال هاغاري في إحاطتين إن «القرار السياسي» هو الذي سيحدد توقيت أي إجراء عسكري. وأوضح المتحدثان العسكريان أن أي غزو سيهدف للقضاء على شبكة «حماس» المسلحة وقيادتها حتى لا يمكنها شن مزيد من الهجمات. وتحدث الجيش بشكل خاص عن استهداف قائد حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار الذي تحمله إسرائيل مسؤولية هجوم السابع من أكتوبر الجاري.

في هذه الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، ليل السبت ـ الأحد، أن حاملة الطائرات «يو إس إس آيزنهاور» أبحرت من قاعدة نورفوك البحرية في ولاية فرجينيا، متجهة إلى منطقة القيادة العسكرية الأميركية في أوروبا، في إطار دعم إسرائيل وبهدف ردع إيران والفصائل المتحالفة معها. وستنضم حاملة «آيزنهاور» ومجموعة السفن الحربية التابعة لها إلى الحاملة «جيرالد فورد» التي سبق أن تم نشرها قبالة ميناء حيفا دعماً للدولة العبرية.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إن إرسال حاملة طائرات ثانية إلى شرق البحر المتوسط يأتي في إطار «ردع الأعمال العدائية ضد إسرائيل أو أي جهود لتوسيع الحرب».

ونفى أن تكون واشنطن قد طلبت من حليفتها تسريع أو تأجيل الحملة البرية المرتقبة على غزة، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني ينبغي ألا يدفع ثمن أفعال حماس».

من جهته، حذر مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان من أنه «لا يمكن استبعاد أن تختار إيران الانخراط بشكل مباشر بطريقة ما، وليست لدينا معلومات بأن التهديد على الأرض مختلف اليوم وهناك خطر من تصاعد الصراع».

وأوضح سوليفان: «قلقون بشأن القوات التي تعمل بالوكالة وحزب الله اللبناني وإيران». ولفت إلى أن «إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تفعل كل ما في وسعها للتأكد من عدم تصعيد الصراع واحتوائه في غزة».

وأكد أن واشنطن تركز على «إخراج الناس من غزة إلى مناطق آمنة وليس في شمال غزة أو جنوبها، ونتوقع نشاطاً مكثفاً مع الكونغرس بشأن حزمة دعم مستمر لإسرائيل».

وشدد على ضرورة احترام سلامة المدنيين وحصولهم على الغذاء والماء من قبل إسرائيل والأمم المتحدة ودول إقليمية.

وتزامن حديث سوليفان عن التركيز على إخراج المدنيين من القطاع خارج غزة مع مواصلة مصر لتعزيز حضورها الأمني على طول الشريط الحدودي مع المنطقة الفلسطينية وعند معبر رفح الحدودي.

وأمس الأول، اشترطت القاهرة السماح للأجانب بالمغادرة من غزة عبر «رفح» مقابل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية التي تصل إلى مطار العريش للفلسطينيين في ظل تكدسها وعدم سماح إسرائيل بادخلها لإحكام حصارها الكامل على سكان القطاع. وأعلنت مصادر أمنية مصرية أن القاهرة ليس لديها نية لقبول تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين.

جبهة سورية

وعلى جبهة سورية، اتهم مسؤول إسرائيلي كبير إيران بمحاولة فتح جبهة حرب ثانية بنشر أسلحة نوعية في سورية أو عبرها لتعزيز ترسانة «حزب الله» اللبناني، فيما قصف الجيش الإسرائيلي مناطق في سورية ليل السبت ـ الأحد بعد إطلاق تحذير من غارة جوية في مستوطنات بهضبة الجولان المحتلة. وكان الجيش الإسرائيلي قصف مطار حلب للمرة الثانية في غضون ايام.

وكتب مدير المركز الأميركي لدراسات الشرق الأوسط جول رايبيرن، أن «الضربات الإسرائيلية المتكررة لتعطيل مطاري دمشق وحلب هي في رأيي إشارة قوية إلى أنه أولاً، النظام الإيراني يحاول نقل أسلحة استراتيجية إلى سورية أو عبرها لفتح جبهة شمالية، وثانياً، أن الإسرائيليين مصممون على استباق ذلك».

تدخل إيراني مباشر

ووسط توقعات بتصاعد الأوضاع التي تهدد بتكرر «نكبة تهجير الفلسطينيين الكبرى عام 1948»، نبه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من الدوحة، التي وصلها ضمن جولته الإقليمية التي شملت العراق ولبنان وسورية، إلى أن «لا أحد يمكنه ضمان السيطرة على الوضع» إذا غزت إسرائيل غزة.

وقال عبداللهيان، عقب محادثات مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني أن الأطراف التي تريد «منع الأزمة من التوسع، عليها أن تمنع الهجمات الهمجية للنظام الصهيوني».

وأشار أمير عبداللهيان إلى أن كبار مسؤولي «حماس» الذين التقاهم في بيروت والدوحة وفي مقدمتهم رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية قالوا إن «مسألة الرهائن المدنيين تمثل أولوية»، وأنه «إذا توافرت الشروط، فإنهم سيتخذون إجراءات ملائمة».

وفي تصريحات منفصلة، أشار عبداللهيان إلى أنه «تم إبلاغ إسرائيل عبر داعميها أنه إذا لم تتوقف جرائمها في غزة فإن غداً سيكون متأخراً». وتزامن ذلك مع تقرير لموقع «أكسيوس» أفاد بأن إيران بعثت برسالة إلى إسرائيل عبر الأمم المتحدة مفادها بأنها ستتدخل مباشرة في الحرب إذا استمرت الهجمات على غزة.

«جبهة لبنان»

وتمددت أمس خريطة القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل، وتصاعدت المواجهات جغرافياً وكمياً، في مؤشر واضح الى تزايد مخاطر فتح الجبهة بشكل غير مضبوط، خصوصاً أن جنوب لبنان لم يعد حكراً على حزب االله حيث باتت تنشط فصائل فلسطنية مسلحة بينها حماس والجهاد الإسلامي. ويبدو أن حسابات حزب الله لا تأخذ في الاعتبار دعوات القوى السياسية المحلية لتجنيب البلد حرباً مدمرة ولا حتى التحذيرات الاميركية الجدية والمتكررة بضرورة عدم الزج بلبنان الجريح بسبب الازمة الاقتصادية والسياسية في اتون ما يحصل بغزة.

وتبنى حزب الله عدة عمليات قصف أمس، في قطاعات مختلفة من الجبهة. وقال الحزب إنه هاجم موقعاً عسكرياً في مستوطنة شتولا، ودبابة ميركافا بموقع الراهب، وموقع ظهر الجمل الحدودي الإسرائيلي ومنطقة يفتاح. ورد الجيش الإسرائيلي، الذي قال إن العشرات من الصواريخ أطلقت أمس منطقة الجليل، بقصف على علما الشعب اطراف رامية ومروحين والضهيرة واطراف ميس الجبل وعيتا الشعب حيث طاولت القذائف الأحياء السكانية واصابت مستشفى لذوي الاحتياجات الخاصة. ونعى حزب الله أحد عناصره الذي سقط «أثناء قيامه بواجبه الجهادي»، واصيب مواطن بشظايا في عيتا، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل شخص وطلب من سكان مستوطنة المطلة المحاذية للسياج البقاء في المنازل.

back to top