كم تعب شريم من النفخ!
لا طبنا ولا غدا الشر، هذه حالنا مع هذه الحكومة ومع معظم الحكومات التي سبقتها، تقرير «الشال» الأخير أثار موضوع تعديل وضع منطقة الجليب، وذكر أنه «من المؤلم في ظل امتلاك الكويت كل مقومات التفوق البشرية والمالية، أن يبقى العائق الوحيد لتقدّمها وتفوقها ممثلاً في إدارتها العامة التي تتبنى سياسات وتنفّذ قرارات تعاكس تماماً متطلبات ما يحقق للبلد التفوق والاستدامة...».
هي حكاية استملاك جليب الشيوخ، وهو جليب خراب وهدر أموال من دون قرار، طالما ظل هذا الفكر - إن كان هناك فكر حصيف - عند أهل الحكومة، فالحكومة طلبت «إعادة تقدير تكلفة استملاكها...»، بكلام مباشر، الحكومة تقرّ مبدئياً باستملاك المنطقة، لكنّها تتوسل لإعادة تقدير تكلفة الاستملاك، فبدلاً من أن تكون مليار دينار، لتكن ملياراً ناقصاً عشرة دنانير مثلاً.
عدنا من جديد إلى ذكريات ما قبل الخمسينيات وما بعدها بقليل، حين تراكض الكبار من أهل السلطة في ذلك الوقت إلى المناطق الصحراوية خارج السور، لتحويطها بالبراميل التي تدفع وتتمدد حسب رغبات الكبار وسلطاتهم في الحكم، وادّعوا أنهم يمتلكون تلك الأراضي الشاسعة بوضع اليد، وسميت تلك المناطق «المُبرملة» بأسماء واضعي اليد عليها، وقبضوا الملايين من خيرات التثمين، حتى أدرك الراحل عبدالله السالم خطر هذا الابتلاع لأراضي الدولة وأموالها، فصدر في نهايات الخمسينيات قانون الأملاك الأميرية، كي يضع الحد الفاصل بين حق الدولة ونهم أهل السلطة.
داخل السور المسألة مختلفة قليلاً عن خارجه، فسعر التثمين يكون حسب أهل المنطقة ونفوذهم التاريخي وقربهم من أصحاب القرار.
دعوة استملاك منطقة جليب الشيوخ المتخربة بسبب إهمال تطبيق حكم القانون، وإعمال سلوك المحسوبيات وفساده، هي عودة مدمّرة لسياسة تثمين أراضي البراميل، ملّاك العقارات في المنطقة خالفوا قوانين البناء وتجاوزوها، وأجّروا صناديق الحمام بعماراتهم المهترئة لعمالة مستغلة جاءت أكثريتها عبر واسطة تجار الإقامات، وبغياب وإهمال متعمدَين من أصحاب القرار الإداري والسياسي، والآن كما ذكر تقرير «الشال» بدلاً من معاقبة ملّاك تلك العقارات وتحصيل غرامات مخالفات البناء لتعديل المنطقة، تروم حكومة الحصافة تعويضهم بمليار دينار... ما العمل مع هذه السلطة؟ وإلى متى يظل شريم ينفخ دون جدوى؟!