«نافذة» للمساعدات في غزة... وبايدن يحذّر من احتلالها

• السيسي يستضيف قمة السبت والرئيس الأميركي يزور المنطقة... واجتماع استثنائي لـ «الوزاري الخليجي» اليوم
• إيران ترسل إشارات متضاربة بشأن مشاركتها المباشرة في الحرب وترى «توسيع الجبهات» حتمياً
• الفلسطينيون يدفنون قتلاهم بمقابر جماعية... والقصف الإسرائيلي يوازي ربع قنبلة نووية

نشر في 17-10-2023
آخر تحديث 16-10-2023 | 20:05
حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل من إعادة احتلال غزة، فيما لاحت نافذة دبلوماسية لإدخال مساعدات إنسانية يحتاجها بشدة القطاع الذي يتعرّض منذ نحو 10 أيام لحملة إسرائيلية جوية وحشية وحصار شامل يمنع عنه الماء والكهرباء والدواء، فيما حصدت آلة القتل الإسرائيلية نحو 3 آلاف فلسطيني معظمهم من المدنيين.

تكثفت الجهود الدولية والإقليمية بقيادة الولايات المتحدة لحمل السلطات الإسرائيلية على السماح بفتح معبر رفح البري الرابط بين غزة ومصر لساعات معدودة، بهدف إيصال المساعدات الإغاثية إلى سكان القطاع المحاصر بشكل شبه كامل منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة في 7 الجاري وخروج الرعايا الأجانب.

ووسط حالة من الغموض والفوضى بشأن تشغيل المعبر البري الوحيد الذي لا تسيطر عليه إسرائيل، ويصل القطاع بالعالم الخارجي، صرح المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، أمس، بأن واشنطن تأمل في فتح المعبر لبضع ساعات للسماح لبعض الأشخاص بمغادرة غزة قبل اجتياح برّي محتمل رداً على الهجوم الذي شنّته حركة حماس في 7 الجاري، والذي يعدّ الأعنف منذ حرب 1973، وقال إن الجانب المصري يريد ضمان دخول المساعدات من معبر رفح.

وصباح أمس، تضاربت الأنباء بشأن التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية لساعات في جنوب قطاع غزة، للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وإخراج الأجانب. وقال مصدران أمنيان مصريان إن هناك اتفاقا بين أميركا وإسرائيل ومصر على وقف لإطلاق النار في جنوب غزة، الذي استقبل نحو مليون نازح من شمال القطاع، بعد أمر من الجيش الإسرائيلي لهم بإخلاء منازلهم، يبدأ في السادسة صباحا بتوقيت غرينتش وينتهي في الثانية ظهرا، بالتزامن مع إعادة فتح معبر رفح الحدودي الذي سبق أن تعرّض لقصف جوي إسرائيلي من الجانب الفلسطيني، بهدف منع إدخال الشاحنات عبره.

بعد ذلك نقلت وكالة رويترز عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قوله إنه «لا هدنة حاليا ولا دخول للمساعدات الإنسانية إلى غزة مقابل إخراج الأجانب».

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه «لا يوجد وقف لإطلاق النار في غزة، ونواصل الهجمات». ونفى عضو المكتب السياسي لـ «حماس»، عزت الرشق، في بيان، التوصل إلى هدنة مؤقتة أو فتح معبر رفح، فيما نفى المكتب الإعلامي الحكومي في غزة كذلك تلقّي أي اتصالات أو تأكيدات من الجهات المعنية بالجانب المصري حول نية تشغيل معبر رفح.

استعدادات مصرية

على الجانب المصري من الحدود، سادت حالة من الاستنفار الأمني، في ظل تكدس قوافل الشاحنات، التي يرفع بعضها علم الأمم المتحدة، والمحملة بإمدادات ومساعدات للفلسطينيين. وأشار مصدر أمني مصري إلى أن مغادرة الأجانب من القطاع تحتاج إلى وجود الموظفين على الجانب الآخر من الحدود، لإنهاء الإجراءات والتحقق من وثائق السفر، لافتاً إلى أن العمل جار على تجهيز الجانب المصري وإزالة الأضرار التي لحقت بساحات المعبر جراء القصف الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من المعبر، بهدف تسهيل إجلاء الأجانب والمصريين العالقين بغزة.

يأتي هذا في وقت قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الفرنسية، كاترين كولونا، إن «الحكومة الإسرائيلية لم تتخذ مع الأسف حتى الآن موقفاً يوحي إمكانية فتح المعبر من ناحية غزة، للسماح بدخول المساعدات أو خروج المواطنين من دول ثالثة».

ووصف شكري ذلك بأنه «أمر خطير، نظراً لما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من احتياج شديد، إذ ليست هناك مياه أو مواد طبية أو غذاء، والنزوح أدى إلى ضغوط إضافية، فليس هناك مأوى لمن أجبروا على النزوح من شمال غزة». وأضاف: «كل هذه أمور إنسانية متصلة بالقانون الدولي الإنساني، ويجب احترامها ومراعاتها».

وأوضح شكري أن «مصر تسعى منذ بداية اندلاع الأزمة في غزة إلى أن يكون معبر رفح مفتوحاً، ويتيح دخول المساعدات الإنسانية التي تم تجميع عدد كبير منها في العريش بالتنسيق مع منظمات الأمم المتحدة والصليب الأحمر»، معربا عن أمله في انفراجة.

في موازاة ذلك، توجّه وزير الصحة المصري خالد عبدالغفار إلى مدينة العريش بشمال سيناء، لتفقّد عدد من المستشفيات والاطمئنان على مستوى جاهزيتها، وسط حديث عن احتمال استقبالها عددا من جرحى القصف الإسرائيلي.

عطش ونزوح

في السياق، قال المتحدث باسم وزارة داخلية «حماس»، إياد البزم، إن إسرائيل لم تستأنف ضخ المياه إلى جنوب القطاع، كما أعلنت أمس. وأضاف أن الفلسطينيين «يضطرون لشرب مياه غير صالحة»، في ظل انتشار العطش، محذّراً من أن ذلك «ينذر بأزمة صحية خطيرة تهدد حياتهم».

ولفت إلى أن «الاحتلال الإسرائيلي مع بداية الحرب أوقف ضخّ المياه القادمة من الجانب الإسرائيلي، والمقدرة بـ 15 مليون متر مكعب سنوياً». وناشدت «حماس» الدول العربية تقديم مساعدات وأدوات إنقاذ وتحدثت عن وجود 1000 جثة تحت أنقاض المباني المهدمة جراء الغارات.

في هذه الأثناء، أكدت وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (الأونروا) أن أكثر من مليون فلسطيني هم نصف عدد سكان القطاع نزحوا منذ بدء المواجهات، فيما ذكرت أن نحو 600 ألف نازح تمركزوا بالمنطقة الوسطى وخان يونس ورفح، من بينهم حوالي 400 ألف في مرافق الوكالة الأممية التي لم تعد تقدر على تقديم المساعدة لهم بأي طريقة مجدية. وأضافت أنه لا توجد حالياً أعداد كافية من أكياس حفظ الموتى في غزة، وتحدثت عن إخلاء مقار في شمال القطاع كانت تؤوي 170 نازحا، بعد أوامر من الجيش الإسرائيلي، مشيرة إلى أنها أرسلت فريقا إلى مصر للاستعداد لاحتمالية فتح ممر إنساني لإدخال المساعدات.

ومع تصاعد المخاوف من تدهور الأوضاع الإنسانية بالقطاع المكتظ بالسكان، أفاد المرصد «الأورومتوسطي» لحقوق الإنسان بأن الجيش الإسرائيلي أسقط على قطاع غزة ذخيرة توازي شدتها ربع قنبلة نووية.

قصف وتحذير

وفي وقت واصلت المقاتلات الإسرائيلية حملة القصف الجوي على مناطق القطاع، مما تسبب في مقتل 5 وإصابة 15، بعد تدميرها منزلا في منطقة تل الزعتر شمال غزة، قصفت كتائب القسام التابعة لـ «حماس» مطار بن غوريون وعدة مستوطنات إسرائيلية برشقات صاروخية. وجدد ناطق باسم الجيش الإسرائيلي الدعوة إلى سكان شمال غزة لإخلاء مناطقهم والاتجاه إلى جنوب القطاع، متهماً حركة حماس بمنع تحرّكهم. كما ذكر أن الجيش الإسرائيلي أكد أسر واختطاف «حماس» 199 إسرائيليا، العديد منهم من مزدوجي الجنسية.

إلى ذلك، اضطرت السلطات الصحية في قطاع غزة إلى دفن العديد من قتلى الضربات الإسرائيلية في مقابر جماعية، وفق مسؤولين في القطاع.

جبهة لبنان وايران

وفي وقت تبرز مؤشرات جدية على احتمال تحوّل الصراع الى حرب متعددة الجبهات، حذّر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هجاري، من أن «حزب الله» اللبناني إذا حاول اختبار إسرائيل، فإن رد تل أبيب سيكون «قاتلاً». وأعلنت وزارة الأمن والجيش الإسرائيلي اعتماد خطة لإجلاء السكان

بـ 28 بلدة واقعة على مسافة 2 كلم من الحدود الشمالية مع لبنان. وحذّر نتنياهو نفسه، أمس، إيران وحزب الله من الدخول في الحرب، مجددا التعهد بسحق «حماس» من خلال حرب طويلة، متوقعا أياما صعبة مقبلة على إسرائيل.

وأطلق مسؤولون إيرانيون تصريحات متضاربة بشأن المشاركة المباشرة بالحرب. وأكد مندوب إيران بالأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، أنه إذا لم تهاجم إسرائيل طهران ومصالحها، فإنها لن تتدخل مباشرة بالصراع الحالي.

إلا أن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، عاد وأكد أمس أن الوقت أمام الحل السياسي ينفد، وأن اتساع الحرب الى جبهات متعددة يقترب من الحتمية.

أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، فقال رداً على سؤال عما إذا كانت إيران ستتدخل في الصراع إن «كل الاحتمالات واردة»، متهماً الولايات المتحدة بالانخراط في الصراع.

وقال نائب رئيس لجنة الأمن القومي بالبرلمان، إبراهيم عزيزي، إن دخول إسرائيل لغزة برياً «خط أحمر».

بايدن

واستبق الرئيس الأميركي جو بايدن جو بايدن زيارته المحتملة إلى المنطقة، وشنّ هجوماً قاسياً على حركة حماس، ووافق على ضرورة القضاء عليها نهائياً، لكنّه حذر إسرائيل من الإقدام على احتلال قطاع غزة، الذي اجتاحته للمرة الأولى بحرب الأيام الـ 6 عام 1967، وانسحبت منه عام 2005، وحاصرته بعد ذلك بعام جواً وبراً وبحراً.

وقال بايدن، لشبكة سي بي إس، «حماس لا تمثل كل الشعب الفلسطيني»، مضيفاً: «القضاء عليها بالكامل مطلب ضروري، لكن هناك حاجة لإقامة دولة فلسطينية ذات سلطة».

وطالب بايدن إسرائيل بعدم ارتكاب خطأ فادح باحتلال غزة، لكنّه شجعها على ملاحقة «حماس» والقضاء عليها، لكونه يمثّل مطلباً ضرورياً، محذّراً إيران و«حزب الله» اللبناني من تصعيد الحرب أو عبور الحدود.

وأكد بايدن التزامه بمساعدة إسرائيل في حربها ضد «حماس»، وتقديم المساعدة الضرورية وكل ما تحتاجه من دون حاجة إلى إرسال جنود أميركيين، لأنها تمتلك أفضل القوات المقاتلة، معرباً عن ثقته بأن «الإسرائيليين سيبذلون كل ما في وسعهم لتجنّب قتل المدنيين والتصرف بموجب قواعد الحرب».

وفي حين تعهّد بمحاسبة كل من شارك في هجوم «حماس»، شدد الرئيس الأميركي على أن «إيران تدعم بشكل مستمر حماس وحزب الله، ولا يوجد دليل واضح على أنها خلف هذه الحرب، ورسالتي إليها هي ألّا تعبر الحدود وألا تصعّد الحرب».

وقال بايدن: «نتحدث مع الإسرائيليين لإنشاء ممر إنساني بغزة وإدخال الإمدادات، وإمكانية إنشاء منطقة آمنة، ومع الجانب المصري لإخراج الأطفال والنساء، لكن الأمر صعب، وسنبذل كل ما في وسعنا للعثور على من لا يزالون على قيد الحياة» من الأسرى وإطلاق سراحهم.

ولفت إلى أن «خطر الإرهاب تزايد في الولايات المتحدة بسبب أحداث الشرق الأوسط»، مبيناً أن مع «تزايد مستوى التهديد اجتمع بإدارته لإحباط أي مخطط لهجوم منسّق أو عبر الذئاب المنفردة، ومنها على المعابد اليهودية»، مدينا قتل طفل فلسطيني طعنا على يد متطرف في الولايات المتحدة.

وشدد بايدن على أن أميركا أقوى دولة عبر التاريخ، ويمكنها الاهتمام بحربَي روسيا وأوكرانيا، وإسرائيل و»حماس»، مع الحفاظ على أمنها القومي.

من جهته، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، قادة الكويت وقطر، إلى جانب بايدن، للمشاركة في قمة لبحث تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية وعملية السلام، في القاهرة يوم السبت.

وأكد مسؤول أميركي كبير أن البيت الأبيض يدرس قيام بايدن بزيارة إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، في جولة تشمل إسرائيل ومصر، وربما دولا أخرى، عززها إلغاؤه زيارته المقررة إلى كولورادو.

وللمرة الثانية، عاد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أمس، الى إسرائيل، بعد جولة عربية سعى خلالها لحشد التأييد ضد «حماس»، والبحث عن سبل لتخفيف حدة الأزمة بغزة.

إلى ذلك، اجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالات بنظرائه في سورية ومصر والسلطة الفلسطينية وإيران اضافة إلى نتنياهو.

بدوره، يعقد مجلس التعاون الخليجي، اليوم، جلسة استثنائية على المستوى الوزاري، لبحث تطورات الأوضاع في غزة والانتهاكات الصهيونية الخطيرة، بناء على طلب سلطنة عمان (رئيسة الدورة الحالية).

back to top