كشف مصدر رفيع المستوى في «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري، أن قوات إيران والميليشيات الموالية لها في سورية عبرت الحزام الأمني العازل المتفق عليه بين روسيا وإسرائيل في سورية منذ عام 2018، وأصبحت حالياً على بُعد مئات الأمتار من القوات الإسرائيلية الموجودة في هضبة الجولان السورية المحتلة، في حين بعثت طهران بإشارات متضاربة بشأن احتمال مشاركتها المباشرة في الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة.

وقال المصدر لـ «الجريدة» إنه، على ضوء التطورات الإسرائيلية ــ الفلسطينية بعد هجوم «حماس» المباغت في جنوب إسرائيل، الذي أسفر عن مقتل 1400 إسرائيلي، وافقت دمشق، التي كانت طلبت من طهران قبل أعوام الالتزام بالاتفاق بين موسكو وتل أبيب، على عبور القوات الإيرانية الحزام الذي يصل إلى عمق 40 كيلومتراً بعيداً على خط السيطرة الإسرائيلية.

وأشار إلى أن «الحرس الثوري» نقل الآلاف من مقاتليه ومقاتلي الميليشيات الموالية له، خصوصاً الأفغانية (فاطميون) والباكستانية (زينبيون)، من الجبهات الشمالية إلى الجنوب السوري، إضافة إلى بطاريات صواريخ، وأنظمة تشويش ومراقبة، وطائرات مسيّرة.

Ad

ولم يتضح إذا كانت موسكو قد وافقت على الخطوة الإيرانية، إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى أمس اتصالاً بنظيره السوري بشار الأسد تم خلاله بحث المستجدات في غزة.

وبحسب المصدر، فقد عارض «الحرس الثوري» مقترحاً وافقت عليه وزارة الخارجية لفتح خط عسكري أميركي ــ إيراني، لتجنب التصادم وخفض التوتر، مضيفاً أنه تم تأنيب وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان.

وكانت البعثة الإيرانية بالأمم المتحدة أعلنت، أمس الأول، أن إيران لن تشن أو تشارك في أي هجوم سيترتب عليه تعريض مواطنيها ومصالحها للعدوان، في تصريحات بدت أنها تراجع عن التهديدات السابقة بالمشاركة المباشرة في الحرب، إذ من شأنها أن تشعل حريقاً إقليمياً، لكن عبداللهيان كرر لاحقاً تصريحاته بأن وقت الحلول السياسية بدأ ينفد، وأن احتمال توسع الحرب إلى جبهات متعددة يقترب من الحتمية، محذراً أنه في حال تم ذلك فإن واشنطن ستتكبد خسائر كبيرة جداً.

وبعد أن أجّلت تل أبيب اجتياحها البري للقطاع، بدا أن حدة عملياتها العسكرية قد تراجعت نسبياً في غزة مع تصاعد الانتقادات الدولية، في وقت وجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس تحذيرات لإيران و«حزب الله»، مجدداً تعهده بسحق «حماس».

وبينما أشار نتنياهو إلى أن «النصر سيحتاج وقتاً، وسوف تكون هناك أوقات صعبة»، شهدت الجبهة اللبنانية جولة جديدة من القصف المتبادل بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، وأصاب القصف مركزاً للجيش اللبناني في الضهيرة جنوب غرب لبنان ومقراً لقوات اليونيفيل الأممية في الناقورة.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال في مقابلة تلفزيونية بثت في وقت مبكر أمس، إنه يوافق على ضرورة القضاء على «حماس» واستبدال حكمها في غزة، لكنه عبر بوضوح عن رفضه قيام إسرائيل باحتلال القطاع الذي انسحبت منه عام 2005، وعبّر عن دعمه لقيام دولة فلسطينية مستقلة، مجدداً تحذير إيران و«حزب الله» من التدخل.

يأتي ذلك في وقت لاحت نافذة لدخول المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح والتوصل إلى إنشاء ممرات ومناطق آمنة عبر اتفاق ثلاثي بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل لم تتضح معالمه، لاسيما مع تعنت موقف تل أبيب حيال إدخال المساعدات إلى القطاع.

وتضاربت المعلومات حول ما إذا كان الاتفاق ينص على وقف للنار، أو يسمح بمرور الفلسطينيين من غير الأجانب أو مزدوجي الجنسية إلى الأراضي المصرية، في وقت تتخوف القاهرة من مخطط إسرائيلي لخلق أزمة لاجئين ومنع أي فلسطيني يخرج من القطاع من العودة إليه.

وتعرقل سريان الاتفاق الذي قالت «حماس» إنها لم تبلغ به خصوصاً بسبب تنصل إسرائيل منه ثم قصفها معبر رفح مجدداً في تحدٍّ للجهود التي بذلها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعودته إلى إسرائيل أمس.

ودعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد وقادة دول عدة بينهم الرئيس الأميركي للمشاركة في قمة السبت تبحث أوضاع غزة ومستقبل القضية الفلسطينية وعملية السلام، في وقت أكد مسؤول أميركي كبير أن البيت الأبيض يدرس قيام بايدن بزيارة للشرق الأوسط هذا الأسبوع، في جولة تشمل إسرائيل ومصر وربما دولاً أخرى.

من ناحيته، أجرى الرئيس الروسي اتصالات بنظرائه المصري السيسي، والفلسطيني محمود عباس، والسوري بشار الأسد، والإيراني إبراهيم رئيسي، إضافة إلى نتنياهو تناولت سبل وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات.

وفي السياق، يعقد مجلس التعاون الخليجي اليوم جلسة استثنائية على المستوى الوزاري لبحث تطورات الأوضاع في غزة والانتهاكات الصهيونية الخطيرة، بناء على طلب سلطنة عمان رئيسة الدورة الحالية.