اعتبر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أمس، أن ما يحدث في قطاع غزة هو «محاولة لدفع السكان والمدنيين إلى النزوح نحو مصر»، لافتا إلى أنه «إذا كان من الضروري نقل مواطني القطاع خارجه حتى انتهاء العمليات العسكرية، فيمكن لإسرائيل نقلهم إلى صحراء النقب».

وقال السيسي خلال مؤتمر صحافي في القاهرة، برفقة المستشار الألماني أولاف شولتس، «نحن دولة ذات سيادة حرصت خلال السنوات الماضية منذ اتفاق السلام مع إسرائيل، على أن يكون ذلك المسار استراتيجيا، ونعمل على تنميته».

Ad

وأضاف السيسي: «نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، هو نقل فكرة المقاومة والقتال من غزة إلى سيناء، لتكون الأخيرة قاعدة لانطلاق الهجمات ضد إسرائيل، وحينها يكون لها (إسرائيل) الحق في الدفاع عن نفسها، وبالتالي تقوم في إطار رد الفعل بالتعامل مع مصر، وتوجيه ضربات للأراضي المصرية».

وواصل حديثه بالقول: «لا نريد تبديد السلام بفكرة غير قابلة للتنفيذ»، مضيفًا: «لو كانت هناك فكرة للتهجير، فهناك صحراء النقب في إسرائيل... يتم نقل الفلسطينيين هناك حتى تنتهي إسرائيل من العملية المعلنة في تصفية المقاومة أو الجماعات المسلحة، مثل حماس والجهاد في القطاع، ويتم إعادة السكان بعد ذلك مجددا».

واستطرد: «إذا دعوت الشعب المصري إلى رفض فكرة تهجير الفلسطينيين، فإن ملايين المصريين سيستجيبون لهذه الدعوة».

وتابع: «السلام خيار استراتيجي لطالما سعينا له في مصر، ونسعى لانضمام دول أخرى أيضا فيه»، مطالبا بعدم «اجتزاء ما يحدث حاليا» في غزة من دون معرفة الأسباب.

واستطرد قائلا: «لا نبرر الأعمال التي تستهدف المدنيين، ولكن فكرة النزوح وتهجير الفلسطينيين من غزة تعني ببساطة حدوث أمر مماثل في الضفة الغربية، مما يعني أن فكرة الدولة الفلسطينية (المستقلة) غير قابلة للتنفيذ».

كما أكد السيسي ضرورة العودة إلى مسار التهدئة، وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية، وحذّر من أن «استمرار العمليات العسكرية الحالية ستكون له تداعيات أمنية وإنسانية يمكن أن تخرج عن السيطرة»، مشددا على ضرورة العمل «بشكل مكثف لاستئناف عملية السلام عقب احتواء التصعيد الراهن في قطاع غزة».

وحول القمة التي دعا إليها السبت لبحث تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية وعملية السلام، أكد الرئيس المصري أهمية أن تسفر عن مخرجات تسهم في وقف التصعيد والتعامل مع الوضع الإنساني الآخذ في التدهور، وإعطاء دفعة قوية لمسار السلام.

وإذ أشار الرئيس المصري الى أن معبر رفح بقي مفتوحا طوال الوقت، لكن القصف الإسرائيلي عطله، ردّ مصدر سيادي مصري على تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للرئيس الأميركى جو بايدن بأنه لن يسمح لمصر بفتح المعبر، بقوله: «لن نسمح بإجلاء الأجانب من غزة، والتصعيد سيقابل بتصعيد».

الكويت

إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح، خلال الاجتماع الطارئ لدول مجلس التعاون الإسلامي في جدة، أمس، أن «الاحتلال الإسرائيلي يعمل على التهجير القسري لأهالي غزة، وذلك يعتبر جريمة حرب».

وقال الصباح إن «إسرائيل تعمل على تغيير الوضع القانوني في الأراضي المحتلة، وحذرنا مراراً من التعامل بمعايير مزدوجة مع القضية الفلسطينية، ونتمسك بخيار السلام العادل والشامل وإقامة دولة فلسطينية».

وكانت وزارة الخارجية قد أعربت، مساء أمس الأول، عن إدانة الكويت واستهجانها الشديدين للقصف الوحشي الذي تعرّض له مستشفى المعمداني في قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى سقوط المئات من الضحايا والمصابين الأبرياء.

وأكدت وزارة الخارجية، في بيان، أن ما تقوم به قوات الاحتلال من استهداف للمستشفيات والمرافق العامة يُعدّ خرقا لمبادئ القانون الدولي الإنساني. ودعت المجتمع الدولي ومجلس الأمن لوضع حدّ فوري لهذه الممارسات اللا إنسانية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، والتي لا يقرّها دين ولا قانون ولا فطرة إنسانية سوية.

وجددت تأكيد موقف الكويت الثابت في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق بكل الوسائل الممكنة لتخفيف معاناته المستمرة، داعية إلى وقفة دولية جادة وسريعة لإيقاف هذه الجرائم الوحشية.

عبداللهيان

وقبيل الاجتماع، التقى الصباح نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، الذي شدد على أن «مجزرة مستشفى المعمداني إبادة جماعية لسكان غزة، ومواصلة هذه الجرائم ستُخرج أجواء المنطقة عن السيطرة».

وفي لقاء مع وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، سلطان المريخي، نبّه عبداللهيان الى أن «المنطقة تخرج من ضبط النفس، ومن الضروري توجيه رسالة قوية للصهاينة وداعميهم في جدة اليوم واتخاذ إجراءات عملية».

وفي كلمته أمام اجتماع مؤتمر منظمة التعاون، طالب الوزير الإيراني أعضاء المنظمة بمعاقبة إسرائيل وفرض حظر نفطي عليها، إضافة إلى طرد سفرائها، مشددًا على أنّ «القضية الفلسطينية باتت محور وحدة العالم الإسلامي اليوم».

وحمّل عبداللهيان «الولايات المتحدة والغرب مسؤولية جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية في غزة»، وأشار إلى أن «أي تهجير قسري لسكان غزة جريمة حرب أخرى للكيان الصهيوني».

وقال إنه «تبادل رسائل مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وأكدنا ضرورة الوقف الفوري لجرائم الحرب الصهيونية في غزة، وفتح ممر لإيصال المساعدات ومواجهة التهجير القسري للشعب الفلسطيني». وعلّق عبداللهيان على مجزرة المستشفى قائلا إن «الوقت انتهى».

من ناحيته، طالب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال مشاركته بتجمّع تضامني مع غزة، احتجاجا على مجزرة مستشفى المعمداني، بـ «فتح معبر رفح لإيصال المساعدات للشعب الفلسطيني المظلوم»، مؤكداً أن «الجرائم المرتكبة في غزة سيقابلها انتقام من الشعوب والأمة الإسلامية».

وقال الرئيس الإيراني: «تيار المقاومة لن يتحمل أكثر، وصبر الأمة الإسلامية قد ينفد أمام الجرائم المرتكبة بحق فلسطين».

شريعة الغاب

وحذّر وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، من أنّ «غزة تتعرض لإبادة جماعية غير مسبوقة»، وأوضح أنّ «كل من أعطى إسرائيل تفويضًا وزوّدها بالسلاح تواطأ معها ويتحمل مسؤولية القتل الجماعي».

واعتبر أن «الحكومة الإسرائيلية تتعامل مع الفلسطينيين بشريعة الغاب، وتقتل طفلاً كل 15 دقيقة»، مؤكدًا أنّه «يجب رفع الغطاء عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي».

بدوره، أكد بن فرحان ضرورة رفع الحصار عن غزة، مبيناً أن المملكة حذرت مراراً من خطورة تفاقم الأوضاع، وأضاف أن على المجتمع الدولي اتخاذ موقف مسؤول لحماية الفلسطينيين وإيصال المساعدات لغزة، للحيلولة دون حدوث كارثة إنسانية، مشددا على ضرورة إقامة دولة فلسطينية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.

روسيا وتركيا

وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن «لا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني وحرمانه من الوقود والماء والغذاء»، مشيراً إلى أن «الفلسطينيين في عذاب مستمر، ويواجهون الموت المحقق وارتكاب إسرائيل للفظاعات لا يواجه بالعقاب اللازم».

ورأى أن «حل الدولتين هو الحل الأمثل والدائم، ولا سلام دون الشعب الفلسطيني»، لافتاً إلى أنه «يجب أن يتحقق وقف غير مشروط لإطلاق النار».

من جانبه، دعا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على هامش زيارته النادرة للصين، إلى ضرورة «استغلال مأساة وكارثة مستشفى المعمداني في غزة بشكل جدي لفتح خط للاتصالات بين الجانبين يقود إلى طاولة المفاوضات، لإنهاء هذه المأساة سريعاً».

وشدد على «ضرورة تحقيق الوحدة بين كل الأطياف الفلسطينية، ورفع مستوى التفاعل والتنسيق بينها»، مشيرا إلى أن هذه المسألة تخص المجتمع الفلسطيني وحده، ولا يمكن لروسيا التدخّل فيها.