فداك يا غزة
إذا كان للحرية عنوان فهي فلسطين، وإن كان للكرامة والكبرياء والعزة مثالٌ حي فهي غزة وأهلها البواسل الصامدون، هو صراع بقاء الدائر الآن بين الخير والشر، الحق والباطل، الحرية والعبودية.
غزة «ستالينغراد العرب»، رمز التحدي والصمود والتضحيات، سيخلدها التاريخ المعاصر كمدينة ارتوت من بحرها ثورته وتمرده وعنفوانه، وبقدر ما واجهت رابع جيش بالعالم منفردةً، بعد أن تخلى الضمير العالمي عنها، الضمير الذي ضُلّل وخدع بافتراءات وأباطيل الآلة الإعلامية الغربية الضخمة التي قلبت المعادلة الإنسانية، حينما اعتبر الصهيوني المغتصب القاتل مجنياً عليه، والمناضل الفلسطيني الذائد عن أرضه ووجوده وبقائه وحريته إرهابيا معتديا!
الصراع القائم على أرض فلسطين لا يمتّ للأديان بصلة، فالمسلمون واليهود تعايشوا بسلام وأمان على أرض فلسطين لآلاف السنين، هؤلاء المحتلون للأرض هم عصابة صهيونية تتبنى السياسات الرأسمالية الاستعمارية الإمبريالية، التي تمثلها العديد من القوى الغربية المؤيدة للكيان الصهيوني علانية وبكل صلافة. غزة حالياً تمثل الأمل المتبقي، آخر معاقل الحرية من أرض فلسطين الطاهرة التي لم يدنسها المحتل، وأهلها البقية الباقية التي تأبى الخضوع لسلطة المحتل الصهيوني، ولمن لم يقرأ تاريخ فلسطين فإن أهل غزة ومن معهم من مجاهدي فلسطين هم من دحروا القوات الإنكليزية الغازية مرتين عام 1917م.
ستنهض دولة فلسطينية مستقلة رغماً عن أنف «نتنياهو» الذي يرفض حل الدولتين أو المفاوضات أو الاعتراف بالشعب الفلسطيني، والصهاينة لن يهدأ لهم قرار حتى يمسحوا كل هوية وذاكرة تاريخية للشعب الفلسطيني، هذه العصابة التي طوال تاريخها لم تفِ أو تلتزم بوعودها وعهودها، حتى وعد بلفور المشؤوم لم يلتزموا به!
لاحظ هذه الفقرة «إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين... على ألا يجري أي شيء قد يؤدي إلى الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية للجماعات الأخرى المقيمة في فلسطين»، ومع هذا قرروا يهودية الدولة وتجاهل حق تقرير المصير وتهجير الشعب الفلسطيني ورفض حق العودة للاجئين أو حق الاستقلال بدولة لشعب عربي سينتصر يوماً بإيمانه قبل سلاحه.