هل سيدخل لبنان في الأيام المقبلة بشكل أوسع في المعركة المفتوحة مع إسرائيل، خصوصاً في ظل الإصرار الإسرائيلي على الاجتياح البرّي لقطاع غزة؟... لا يزال هذا السؤال لا يلقى إجابات واضحة في لبنان. لكن الحكومة اللبنانية، وهيئة إدارة الكوارث، والهيئة العليا للإغاثة، والوزارات المعنية، والأحزاب جميعهم يتعاطون مع الحرب كأنها أصبحت بحكم الأمر الواقع، وبالتالي يتخذون التدابير اللازمة لذلك.
وتم البحث في الأيام الاخيرة في خطط الإجلاء والإخلاء، وفي تعزيز الطواقم الطبية في حين عمل «حزب الله» على تجهيز مستشفيات ميدانية، هذا إلى جانب تحذيرات سفارات غربية وعربية لرعاياها بضرورة مغادرة لبنان وعدم السفر اليه، وكان آخرها إعلان الخارجية الأميركية أمس، السماح بمغادرة موظفيها غير الأساسيين وعائلات الدبلوماسيين من لبنان.
سياسياً، هناك مواكبة واضحة من رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية للاتصالات الدولية والدبلوماسية في سبيل خفض التصعيد في غزة، لأن ذلك يمكنه أن ينعكس بشكل مباشر على لبنان.
وتكشف مصادر سياسية متابعة أن التهديدات والتحذيرات الأميركية والإسرائيلية للمسؤولين تتوسع كماً ونوعاً، وباتت تتخذ طابعاً أكثر حدة في التحذير من تداعيات انخراط «حزب الله» بشكل كامل في الحرب. وبعض هذه التحذيرات تنبه إلى أن الرد على اي تصعيد للحزب سيكون قاسياً جداً، ولن يلتزم بقواعد الاشتباك السارية.
في المقابل، يركز «حزب الله» في عملياته على استهداف المواقع الأمامية للإسرائيليين، وهذا بمثابة مناورة بالذخيرة الحية وتمرين على تدمير هذه المواقع وفتح الجبهة الأمامية أمام مقاتليه للتسلل الى الداخل الإسرائيلي في حال حصول تطور. كما يسعى الحزب من هذه الضربات الى فرض واقع عسكري أمام الإسرائيليين، والحؤول دون تمكنهم من فرض قواعد اللعبة كما كان يحصل في السابق.
وتشير عمليات القصف التي نفذت من الجولان، الى ان الجبهة السورية يمكن أن تبرز كميدان للعمليات في المرحلة الثانية أو الثالثة من الحرب، فيكون تمديد شريط الاشتباك شرقاً لا توسيعه نحو العمق اللبناني.
هذا التكتيك لا ينفصل عن الخطوات التي اتخذتها ايران بالفعل لتنويع ساحات الصراع، بعد العمليات التي استهدفت الاميركيين في العراق وسورية في اليومين الأخيرين، والتي لا يقتصر هدفها على الردع بل تتضمن إشارات واضحة حول فرض قواعد جديدة للصراع، بشكل لا تبقى فيه المعركة محصورة في غزة، أو في جنوب لبنان، وبالتالي يخف الضغط عن جبهة جنوب لبنان كمنصة وحيدة للرد على الاجتياح البري الإسرائيلي.
كما يمكن أن تدخل جماعة الحوثيين على خط المعركة في مراحل أخرى.
وما ينطبق على توسيع الساحات خارج لبنان، ينطبق أيضاً في الداخل، من خلال تبني قوى متعددة لعمليات تشنّها انطلاقاً من جنوب لبنان، فبذلك لا يقول «حزب الله» إنه وحده في لبنان يخوض المعركة، إنما دخلت الجماعة الإسلامية على الخطّ، وكذلك بالنسبة إلى كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وبالتالي يظهر تنوعاً في خوض المعركة، والتقاءً سنياً شيعياً، في حين قد تبرز لاحقاً مشاركات لجهات كثيرة في عمليات إطلاق الصواريخ أو القذائف أو تنفيذ عمليات تسلل، يمكن أن يقوم بها الحزب السوري القومي الاجتماعي، وسرايا المقاومة، وغيرهما من حلفاء الحزب.
وبينما تشير بعض التقديرات إلى تحركات كبيرة تضامناً مع غزة سيشهدها لبنان اليوم بعد صلاة الجمعة، وذلك بعد تظاهرات أمس الأول التي تخللها بعض أعمال الشغب ضد مؤسسات اقتصادية، تقول مصادر، إن الأيام الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة لناحية توسعة الحرب وامتداداتها الى جبهات عدة أو أن تخفت حسب إيقاع المعارك في غزة.