زيف الإعلام الغربي قبل «طوفان الأقصى» وبعده
أيام المراهقة كنت أحرص على مشاهدة أفلام الكاوبوي حتى تكونت لديّ قناعة تامة بأن رجل الكاوبوي يمثل الشهامة والبطولة، وأن الهنود الحمر قتلة همج لا يعرفون الرحمة، لكن مع الوقت تغيرت تلك القناعة بعد أن اكتشفت حجم التزييف الذي امتهنه الإعلام في حق هذا الشعب صاحب الأرض.
الهنود الحمر لم يكونوا الوحيدين الذين تعرضوا للإبادة العنصرية، فهو ديدن المستعمرين على مر الزمان، وإن اتخذت أشكال مختلفة من الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية وحق أصحاب الأرض والحق.
اليوم الإعلام الغربي يمارس الأساليب ذاتها في تزييف الحقائق ليظهر بأبشع صورة له في تبريره مشاهد القصف الإجرامي التي ترتكب بحق أهالي غزة، بل إنه ما زال يمارس الأكاذيب نفسها بعد قصف مستشفى المعمداني من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي خلف وراءه مئات الشهداء من الأطفال والمرضى والطواقم الطبية بحجة وجود عناصر من حماس وفصائل المقاومة.
هذا الإعلام الذي يقود التضليل والخداع من أجل التغطية على جرائم الكيان الصهيوني ينتمي إلى الأعراق ذاتها التي ارتكبت الإبادة في حق الهنود الحمر وحق معظم شعوب العالم ودولهم التي احتلها المستعمر الأبيض.
هذه السياسة الشيطانية قد تنطلي على من أعمى الله بصيرته، لكن صاحب البصيرة يعرف أنه صراع الحق مع الباطل، وأن تشويه الحقائق ديدن الصهيونية والماسونية ومن لف لفهم.
بالرغم من أن معظم حكومات العالم تقف اليوم مع الكيان الصهيوني المحتل وبغطاء واسع من الإعلام الغربي وأحيانا من الإعلام العربي المأجور، فإن هذا الموقف لم يمنع الشعوب الحرة من التظاهر والتعبير عن رفضها لما يقوم به هذا الكيان من حرب إبادة على أبناء غزة المظلومين أصحاب الأرض.
لم أستغرب تداعي حكومات الغرب في مساندة الصهاينة، لكنني أتعجب وأتحسر ألماً عند ترويج بعض مدعي الدين والعروبة استنكارهم على المقاومة الدفاع عن وطنهم ووصفهم بالتهور، بل إن منهم من يصر على إخراجهم من ملة الإسلام ويصفهم بالكفر بحجة أنهم من الإخوان المسلمين.
الحقائق في مكان آخر
لك أن تتخيل حياة أبناء قطاع غزة المحاصرة من أربع جهات، أجر العامل فيها لا يتجاوز الثلاثة دولارات في اليوم وقد لا يتحصل عليها، حصص الكهرباء والماء تحددها إسرائيل، وفي المقابل المحتل يعيش حياة مترفة يمتص خيرات أرض لم تكن يوما له وطنا.
وأنا أكتب هذه السطور أتساءل: متى يتحرك الضمير الإنساني تجاه المجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني الذي لا تردعه قوانين ولا ترده أخلاق؟
الخلاصة قد ينتصر الكيان الصهيوني المحتل في هذه الجولة، لكن هيهات أن يدوم وجودهم إن كنّا نؤمن بوعد الله وأن جنده هم الغالبون، فبالأمس القريب كانت الحجارة سلاح المرابطين أما اليوم فالمواجهة بصواريخ وطائرات شراعية وطائرات مسيرة، وغداً النصر المبين إن شاء الله.
أخيراً كذبة كبيرة روجها أعداء الأمة والصهاينة بأن الشعب الفلسطيني قد باع أرضه لليهود، في حين الحقيقة أن بعض اليهود كانوا يعيشون تحت حكم الدولة الفلسطينية كمواطنين يحق لهم ما يحق لغيرهم في تلك الفترة، ولمن يريد الكشف عن الحقيقة كاملة فعليه قراءة دور الدولة العثمانية والانتداب البريطاني في تغيير الملكيات.
ودمتم سالمين.