انتفضت نقابة الفنانين والإعلامين الكويتيين، بمقرها في منطقة شرق، ضد ما يحدث في غزة من عدوان إسرائيلي غاشم، بإقامة تظاهرة تشكيلية، حشدت من خلالها فنانين من داخل الكويت وخارجها، في معرض تشكيلي عنوانه «غزة تنتفض»، حيث عبَّرت الأعمال الفنية المشاركة عن طغيان الكيان الصهيوني في غزة، وقتله المدنيين من الشعب الفلسطيني، كما جسَّدت خسائر المنازل والمباني. وأبرزت أعمال أخرى التعلق بالأرض وحمايتها، والعزم على المقاومة والتحرير ووقف العدوان.
فاجعة إنسانية
وبعد جولته في المعرض، قال رئيس نقابة الفنانين والإعلاميين د. نبيل الفيلكاوي إن القضية الفلسطينية قضية كويتية منذ بدايتها، أميراً وحكومةً وشعباً، لافتاً إلى أن المعرض هو المبادرة الثانية للنقابة، فقد كان المعرض الأول في مايو 2021 بعنوان «الأقصى في قلوبنا»، شارك فيه 300 فنان تشكيلي، نصرةً للقضية الفلسطينية.
وأضاف: «الواجب يُحتم علينا الوقوف في صف إخواننا في غزة، كلٌ وفق إمكانياته وقدراته، ونحن في نقابة الفنانين والإعلاميين نحاول المساهمة في هذه الفاجعة الإنسانية، من خلال الفنون التشكيلية».
ولفت الفيلكاوي إلى أن المعرض شهد مشاركة أكثر من 150 فناناً تشكيلياً من الكويت وخارجها، وهو مستمر حتى الخميس القادم، داعياً الجمهور إلى زيارة المعرض.
«الجريدة» التقت بعض المشاركين في المعرض، حيث قالت الفنانة عليا العنزي إنها شاركت بلوحة فنية ذات طابع تأثيري تعبِّر عن فك الأسر للقدس، لافتة إلى أنها استخدمت ألوان الاكريليك التي اتسمت بالتأثيرية، مثل الأزرق والرمادي.
من جانبها، ذكرت الفنانة دلال ملك أنها شاركت بعمل خزفي رسمت فيه حمامة السلام وخريطة لفلسطين والقدس، وعلَّقت: «نحن قلباً وقالباً مع إخواننا وأخواتنا في فلسطين».
بدورها، أفادت الفنانة ثريا البقصمي بأنها رسمت عملاً بعنوان «كان عندي بيت»، يحكي قصة امرأة غزاوية تشاهد دمار بيتها، بسبب ما قام به العدوان الصهيوني، وتضمنت اللوحة حمامة السلام، وعلَّقت: «لوحتي تعبيرية، وأحببت أن أبيِّن فيها الألم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في غزة».
وأشارت إلى أن المعرض تضامني، والكل حاول التعبير بطريقته وأسلوبه.
فيما رسمت الفنانة هلا هاشم عملاً فنياً بألوان الاكريليك عن فلسطين يعبِّر عن المرأة القوية المتجذرة والمتمسكة بالأرض، وفي نفس الوقت تحضن فلسطين مثل أحد أبنائها، وتحاول أن تحميها من الصهاينة.
بدورها، لفتت الفنانة عواطف كاكولي إلى أنها رسمت عملاً بألوان الاكريليك، وكتبت عليه «غزة تمطر دماً»، مشيرة إلى أن مجازر الصهاينة ستظل في الذاكرة، ولن تُنسى.
من جانبها، قالت الفنانة خديجة أبوالحسن إنها رسمت عملاً بأسلوب «المكس ميديا» مع ألوان الإكريليك، لافتة إلى أن اللوحة تعبِّر عن الانتفاضة، ورسمت فيها خريطة فلسطين وداخلها «بيت المقدس». فيما ذكرت الفنانة زينب السالم أنها أنجزت عملاً فنياً باستخدام الخيوط ومسامير حديدية دُقت على لوح من الخشب، بعنوان «السلام لأرض السلام». من ناحيته، أوضح الفنان عصام الكاظمي أنه استخدم في عمله قطعة من الكوفية، وعمل منها «المنطاد»، وأعاد رسم شخصية «حنظلة»، والعمل يبين ما قامت به المقاومة، وأطلق عليه «حنظلة خلف خطوط العدو».
وأشار الخزاف فواز الدويش إلى أن عمله يبين قصف المباني والبيوت على الأطفال، والآثار السلبية التي خلفها من فقدان الأبرياء، إضافة إلى التأثير النفسي، وعلَّق: «نحن كفنانين تشكيليين ندعم القضية الفلسطينية، من خلال أعمالنا الفنية».
أما الفنانة سكينة الكوت، فقالت: «كشعوب عربية تدمع قلوبنا لما يحدث في غزة، وعبَّرنا كفنانين من خلال مشاركتنا بأعمال فنية بسيطة».
وبينت الفنانة جنان البلوشي أنها رسمت عملاً بالطريقة الرقمية، عبارة عن شخص يحمل جثة أخيه الصغير لابساً الكوفية. بدورها، شاركت الفنانة رشا خلف بعمل بعنوان «صحيفتي» عبارة عن رسالة من شهيد، مؤكدة أن الشهادة في سبيل الله فخر للشهيد يوم الحساب.
ورسمت الفنانة حنان المطيري عملاً بعنوان «بلدي اليتيم»، معلِّقة: «قادتني مشاعري في هذه اللوحة إلى الطفل الذي سُلبت منه كل حقوقه من لعب وضحكات بريئة، وخطوات صغيرة، تلك العيون الصغيرة التي شهدت أحداثاً كبيرة، وقد تبدَّلت رؤيته للاحتفالات والألعاب النارية إلى نيران وتكسير وهدم بيوت ومستشفيات أمام عينيه، وهو لا يعلم ما يحدث، وأطرافه ترتجف، يجهش بالبكاء، لكنه لا يستطيع التحرك من شدة الخوف، فقط يقف وينظر إلى حجم الخطر والدمار».
وعبَّرت أفكار الفنانين التشكيليين المشاركين في المعرض عن الحلم الغزاوي، من خلال ما يتضمنه من رغبة في الاستقرار بأرضهم التي يحتلها الصهاينة، ويقيمون عليها مستوطناتهم بكل تحدٍّ أمام العالم.
وتضمنت الأعمال المشاركة أشكالاً وصوراً ذات دلالات رمزية عديدة، وبأساليب يدخل في نسيجها الواقعية والتجريدية والتأثيرية. كما بدا في أعمال أخرى التنوع الدلالي، الذي اتخذ من عناصر الأعمال والألوان مرتكزاً.
وشهد المعرض حضوراً كثيفاً للفنانين التشكيليين، تعبيراً عن رفضهم للعدوان، وتمجيداً للمقاومة، التي لم تأفل أو تضعف رغم مرور الأزمنة، بل تزداد توهجاً، ولا تقبل أبداً بالركون أو النسيان، وقد عبَّرت الكثير من لوحات المعرض عن هذه الحقيقة الواضحة.
لقد كانت تظاهرة للألوان في وجه معتدٍ لا يفرِّق في القتل بين كبير وصغير، فهو يقتل ليثبت وجوده، الذي يلفظه الواقع وينكره التاريخ، وقد جاءت المشاركات في أنساق متنوعة، هدفها الانتصار لغزة وأهلها.