مع قرب عودة مجلس الأمة للانعقاد للدور العادي الثاني من الفصل التشريعي السابع عشر يوم الثلاثاء الموافق 31 أكتوبر 2023 لايزال بعض السياسيين والاقتصاديين والمختصين في المجال الاقتصادي والسياسي والإداري والتنظيمي يشككون في إمكانية وقدرة السلطة التنفيذية على القيام بعملية الإصلاح والتغيير، حيث يرى بعضهم أن معظم القيادات السياسية والإدارية الحالية غير مؤهلة ولا تملك الخبرة العملية ولا الحنكة السياسية ولا الرؤية الاستراتيجية الواضحة للتغيير، ولا تريد التغيير لأنها تعودت على سياسة «الهون أبرك ما يكون»!! فبعض القيادات الحالية جاءت بالبراشوت، ولا تريد إزعاج نفسها بدوامة التغيير ومتطلباته والتعامل مع نهج جديد ومتغيرات جديدة وأشخاص جدد وخطط جديدة وأنظمة وتكنولوجيا جديدة لم يسبق لها التعامل معها، فتفضل التريث وبقاء الحال كما هي حتى لو أدى ذلك إلى مزيد من التخلف الإداري والسياسي والركود الاقتصادي!

فلماذا تفضل القيادات الإدارية في الجهاز الحكومي عدم التغيير وبقاء الحال كما هي؟! السبب الأول هو عدم وجود القدوة والقائد الملهم والمؤمن بعملية الإصلاح والتغيير خلال العقدين الماضيين، أما السبب الثاني فهو ضعف الإرادة والحس الوطني لدى أغلب القيادات الإدارية وأغلب الموظفين وعدم وجود الدافع والرغبة لديها في التغيير وتعودها على الركون للدعة والكسل خلال العقود الماضية، أما السبب الثالث فهو قلة الخبرة الإدارية والتنظيمية والعملية والحنكة السياسية، وعدم وضوح الرؤية والأهداف الاستراتيجية المراد تحقيقها!! ففي ظل فشل برامج عمل الحكومات السابقة وخططها التنموية بسبب عدم وضوح الرؤية والأهداف الاستراتيجية وعدم الجدية في المتابعة والمساءلة، فلم يعد لدى معظم القيادات الحكومية حافز ورغبة في الإصلاح والتغيير، وضعفت إرادة التغيير لديها بسبب ضعف عملية المتابعة والرقابة الإدارية والمالية والمحاسبة والمساءلة وقلة الدعم المادي والإعلامي، وكذلك ضعف الحوافز المادية والمعنوية علاوة على الشعور بالحسرة والألم لفشل الخطط التنموية واحدة تلو الأخرى، وبالتالي تبخرت آمال وأمنيات الشباب الطموح بسبب تعدد التشكيلات الوزارية وقصر عمر الحكومات المشكلة، وتعدد الاستقالات الوزارية، وطول الدورة المستندية وكثرة المعوقات الإدارية والتنظيمية والتشريعية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية بسبب زيادة سطوة وتأثير المتنفذين والفاسدين في التحكم في إدارة مرافق الدولة ومؤسساتها الحساسة، علاوة على التغيرات التكنولوجية المتسارعة التي أوجدت فجوة بين التطور الإقليمي والعالمي من جانب، والواقع المحلي من جانب آخر، فأصبح الإحباط ملازماً لكثير من أصحاب المشروعات الطموحة والجادة شباباً ورجالًا ونساء، وفقدوا الأمل في عملية الإصلاح والتغيير لمستقبل أفضل.

Ad

لذا فالأمر يتطلب من واضعي السياسات الحكومية في الأسابيع القليلة القادمة التركيز في وضع رؤية وأهداف استراتيجية وتشغيلية شفافة وواضحة ومتفق عليها قابلة للتحقيق والإنجاز خلال فترة قصيرة وذات أثر كبير تحرك وتشجع وتزيد رغبة القيادات الإدارية وتزيد إيمانها بجدية عملية الإصلاح والتغيير وإزالة كل المعوقات المالية والإدارية والتنظيمية والفنية التي تحد من فعالية عملية الإصلاح والتغيير، وتبعث روح الأمل والتفاؤل بين الشباب والعاملين كافة في القطاعات الحكومية لمستقبل أفضل.

لذا فإن السلطة التنفيذية بأشد الحاجة لوجود منسق عام محنك ومحترف لجهود الوزراء ولمشاريع الدولة مدعوما بفريق من الخبراء والمستشارين المخلصين بالإضافة إلى وجود القدوة والقيادة الإدارية والسياسية الملهمة والمؤمنة بضرورة عملية التغيير والإصلاح للجهاز الحكومي، والتي تملك الرؤية والقدرة والإرادة والرغبة الصادقة في هذا الإصلاح والتغيير والقادرة على صنع القرارات الاستراتيجية واتخاذها بدون تردد في الوقت المناسب وفي الظرف المناسب لفرض هيبة الدولة وسيادة القانون وتحقيق الإصلاح التنمية المستدامة.

ودمتم سالمين.