الصراعات والانقسامات الجيوسياسية تطغى على قمة «العشرين»
يجتمع في جزيرة بالي الإندونيسية الشهيرة، قادة أكبر 20 اقتصاداً في العالم، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، لعقد قمة تستمر اليوم وغدا، من المنتظر أن تشهد مناقشة سبل التعاون في بناء مستقبل أكثر استقراراً.
لكن، في حين أن قمة هذا العام تركّز على مرحلة ما بعد الوباء تحت شعار «تعافوا معاً، بشكل أقوى»، تحتل الانقسامات الجيوسياسية مركز الصدارة.
ويأمل رئيس القمة، الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، أن يوفر التجمع فرصة لبعض أكبر القوى في العالم لتنحية خلافاتهم جانباً من أجل التركيز على معالجة التحديات العالمية الملحّة، وسط تهديد الركود للاقتصاد العالمي، وبحث سبل التنمية المستدامة، لكنّ الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى جانب أزمتَي الطاقة والغذاء اللتين أدت إلى تفاقمهما، وهو ما ألقى بظلاله على قمة مجموعة العشرين، فضلاً عن التوترات المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة.
وقال جوكووي، كما يطلق على الزعيم الإندونيسي: «لا يُقصد من قمة مجموعة العشرين أن تكون منتدى سياسيًا.. من المفترض أن تكون حول الاقتصاد والتنمية».
الصراعات في قمة القمة
كجزء من جولة لتأكيد أهمية حضور القمة، زار جوكووي موسكو وكييف في وقت سابق من هذا العام، على أمل تعزيز الحوار الشامل، ورفض الضغط لاستبعاد روسيا من قمة هذا العام، كما وجّه دعوة إلى فولوديمير زيلينسكي، رئيس أوكرانيا غير العضو. وكان قد أعلن أنه لن يحضر القمة إذا حضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما رفض زعماء غربيون آخرون فكرة تقاسم الطاولة مع بوتين.
في المقابل، أكد مسؤولون الأسبوع الماضي، أن روسيا سترسل وزير خارجيتها إلى بالي، للإنابة عن بوتين، فيما قال متحدث باسم زيلينسكي إن الزعيم الأوكراني سيحضر على الأرجح.
وفي حين تم إيلاء الكثير من الاهتمام في الفترة التمهيدية لحضور بوتين وزيلينسكي أو عدمه، فإن الوجود الشخصي للرئيس الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينغ يبدو أيضًا متفوقاً على الحدث الرئيسي، حيث التقى زعيما القوتين العظميين المتصارعتين وجهاً لوجه للمرة الأولى في رئاسة بايدن قبل القمة أمس.
وفيما قال الرئيس الصيني لبايدن إن «العلاقات الثنائية تمرّ بمنعطف سيئ ولا تصبّ في مصلحتنا»، وإن «علينا تصحيح مسار العلاقات الثنائية وتطويرها»، عبّر بايدن عن أمله في تجنّب أي نزاع بين واشنطن وبكين، قائلا: «العالم ينتظر منّا لعب دور أساسي في مواجهة الأزمات».
يأتي الاجتماع وسط توتر متزايد في العلاقات بين الحكومتين، بسبب الخلافات حول ملفات عدة: التجارة وحقوق الإنسان وأوكرانيا وتايوان.
كان المراقبون يعتقدون أن جوكوي كان عازماً على رئاسة مجموعة العشرين، ليكون مشروعه الرئيسي لتلميع صورة إندونيسيا، رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان وأول دولة في جنوب شرق آسيا تستضيف القمة. لكن مع طغيان العديد من العوامل الأخرى، بات المحللون يعتقدون أن إندونيسيا تريد الآن فقط إنهاء «المهمة» وتسليم الشعلة إلى الهند، التي ستستضيف قمة العام المقبل، وفق تحليل لمجلة التايمز.
بدورها، لمحت وزيرة خارجية إندونيسيا، ريتنو مارسودي، في تصريحات لوكالة رويترز، في وقت سابق من هذا الشهر، إلى صعوبة عقد القمة وسط مثل هذا الوضع الجيوسياسي المشحون. وقالت: «قد تكون أصعب قمم مجموعة العشرين».
سقف التوقعات
تأتي قمّة G20 لهذا العام، في وقت يتجه العالم نحو ركود عالمي، إذ شرعت البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم، لكنّ الأسعار ما زالت تكافح للعودة إلى مستويات ما قبل الوباء. وأفاد البنك الدولي بأن هذه الزيادات، إلى جانب ضغوط الأسواق المالية، يمكن أن تؤدي إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 0.5 بالمئة العام المقبل، الأمر الذي من شأنه زعزعة استقرار الاقتصادات الكبرى وإبطاء تخفيف حدة الفقر بشكل كبير في البلدان النامية.
كما أدت الاضطرابات المتعلقة بـ «كوفيد - 19»، خاصة في الصين، إلى تعقيد سلاسل التوريد الدولية، مما تسبب في اختناقات بالتجارة وإعاقة النشاط الاقتصادي العالمي. ويتجه العالم نحو أزمتين في الغذاء وأمن الطاقة ناجمة عن الصراعات الإقليمية، بما في ذلك الحرب بأوكرانيا، والكوارث الطبيعية التي تفاقمت بسبب تغيُّر المناخ.
وكجزء من رئاستها لمجموعة العشرين، حددت إندونيسيا 3 أولويات واضحة على جدول الأعمال: تعزيز البنية التحتية الصحية العالمية، وضمان تحوّل اقتصادي رقمي شامل، وتعزيز التحول المستدام للطاقة.
وإضافة إلى الكلمات الرئيسية التي سيلقيها قادة العالم، ستعقد مجموعة من المحادثات الثنائية على خلفية التوترات العالمية التي تشمل غزو أوكرانيا وما أعقبه من تداعيات اقتصادية عالمية، وأزمة المناخ، والبرنامج النووي لكوريا الشمالية، والطموح الصيني المتزايد.
ليس من المتوقع حدوث تقدّم كبير عقب اجتماع بايدن وشي، وفقًا لأندرو ستابلز، مدير منطقة آسيا والمحيط الهادئ في «إيكونوميست إمباكت»، ذراع السياسات والأفكار في مجموعة الإيكونوميست، إذ قال لشبكة سي إن بي سي، إن «التوقعات ليست عالية للغاية»، مضيفاً أن التوترات الجيوسياسية المستمرة تؤدي إلى تراجع النمو العالمي.
وسلّط الضوء على موقف الصين من الحرب في أوكرانيا كواحدة من عدة علامات على تآكل العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.
وقال: «إيجاد أرضية ما لهذه العلاقة - وهو ما يتطلع إليه بايدن - سيكون إيجابياً، ليس فقط لمجتمع الأعمال، ولكن للمشاعر الاقتصادية العالمية أيضاً».
من ناحية أخرى، أصبحت قمة العشرين والاجتماعات المرتبطة بها في وقت سابق من هذا العام فرصة للدول الأعضاء للتعبير عن شكاواهم ضد روسيا. ففي اجتماع لمجموعة العشرين في أبريل، انسحب وزراء المالية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا أثناء حديث المبعوثين الروس. وفي اجتماع آخر للمجموعة في يوليو لوضع الأساس لقمة هذا الأسبوع، فشل الدبلوماسيون الحاضرون في إصدار بيان جماعي بشأن مسؤولية روسيا عن آثار الحرب على العالم. وفي سبتمبر، انهارت أيضاً الجهود المبذولة للتوصل إلى قرارات متعددة الأطراف بشأن التعليم والمناخ بسبب إدانات غزو موسكو لأوكرانيا. فما الذي ستخرج به قمّة 2022 وسط كل هذا الضجيج الجيوسياسي؟
لكن، في حين أن قمة هذا العام تركّز على مرحلة ما بعد الوباء تحت شعار «تعافوا معاً، بشكل أقوى»، تحتل الانقسامات الجيوسياسية مركز الصدارة.
ويأمل رئيس القمة، الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، أن يوفر التجمع فرصة لبعض أكبر القوى في العالم لتنحية خلافاتهم جانباً من أجل التركيز على معالجة التحديات العالمية الملحّة، وسط تهديد الركود للاقتصاد العالمي، وبحث سبل التنمية المستدامة، لكنّ الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى جانب أزمتَي الطاقة والغذاء اللتين أدت إلى تفاقمهما، وهو ما ألقى بظلاله على قمة مجموعة العشرين، فضلاً عن التوترات المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة.
وقال جوكووي، كما يطلق على الزعيم الإندونيسي: «لا يُقصد من قمة مجموعة العشرين أن تكون منتدى سياسيًا.. من المفترض أن تكون حول الاقتصاد والتنمية».
الصراعات في قمة القمة
كجزء من جولة لتأكيد أهمية حضور القمة، زار جوكووي موسكو وكييف في وقت سابق من هذا العام، على أمل تعزيز الحوار الشامل، ورفض الضغط لاستبعاد روسيا من قمة هذا العام، كما وجّه دعوة إلى فولوديمير زيلينسكي، رئيس أوكرانيا غير العضو. وكان قد أعلن أنه لن يحضر القمة إذا حضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما رفض زعماء غربيون آخرون فكرة تقاسم الطاولة مع بوتين.
في المقابل، أكد مسؤولون الأسبوع الماضي، أن روسيا سترسل وزير خارجيتها إلى بالي، للإنابة عن بوتين، فيما قال متحدث باسم زيلينسكي إن الزعيم الأوكراني سيحضر على الأرجح.
وفي حين تم إيلاء الكثير من الاهتمام في الفترة التمهيدية لحضور بوتين وزيلينسكي أو عدمه، فإن الوجود الشخصي للرئيس الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينغ يبدو أيضًا متفوقاً على الحدث الرئيسي، حيث التقى زعيما القوتين العظميين المتصارعتين وجهاً لوجه للمرة الأولى في رئاسة بايدن قبل القمة أمس.
وفيما قال الرئيس الصيني لبايدن إن «العلاقات الثنائية تمرّ بمنعطف سيئ ولا تصبّ في مصلحتنا»، وإن «علينا تصحيح مسار العلاقات الثنائية وتطويرها»، عبّر بايدن عن أمله في تجنّب أي نزاع بين واشنطن وبكين، قائلا: «العالم ينتظر منّا لعب دور أساسي في مواجهة الأزمات».
يأتي الاجتماع وسط توتر متزايد في العلاقات بين الحكومتين، بسبب الخلافات حول ملفات عدة: التجارة وحقوق الإنسان وأوكرانيا وتايوان.
كان المراقبون يعتقدون أن جوكوي كان عازماً على رئاسة مجموعة العشرين، ليكون مشروعه الرئيسي لتلميع صورة إندونيسيا، رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان وأول دولة في جنوب شرق آسيا تستضيف القمة. لكن مع طغيان العديد من العوامل الأخرى، بات المحللون يعتقدون أن إندونيسيا تريد الآن فقط إنهاء «المهمة» وتسليم الشعلة إلى الهند، التي ستستضيف قمة العام المقبل، وفق تحليل لمجلة التايمز.
بدورها، لمحت وزيرة خارجية إندونيسيا، ريتنو مارسودي، في تصريحات لوكالة رويترز، في وقت سابق من هذا الشهر، إلى صعوبة عقد القمة وسط مثل هذا الوضع الجيوسياسي المشحون. وقالت: «قد تكون أصعب قمم مجموعة العشرين».
سقف التوقعات
تأتي قمّة G20 لهذا العام، في وقت يتجه العالم نحو ركود عالمي، إذ شرعت البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم، لكنّ الأسعار ما زالت تكافح للعودة إلى مستويات ما قبل الوباء. وأفاد البنك الدولي بأن هذه الزيادات، إلى جانب ضغوط الأسواق المالية، يمكن أن تؤدي إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 0.5 بالمئة العام المقبل، الأمر الذي من شأنه زعزعة استقرار الاقتصادات الكبرى وإبطاء تخفيف حدة الفقر بشكل كبير في البلدان النامية.
كما أدت الاضطرابات المتعلقة بـ «كوفيد - 19»، خاصة في الصين، إلى تعقيد سلاسل التوريد الدولية، مما تسبب في اختناقات بالتجارة وإعاقة النشاط الاقتصادي العالمي. ويتجه العالم نحو أزمتين في الغذاء وأمن الطاقة ناجمة عن الصراعات الإقليمية، بما في ذلك الحرب بأوكرانيا، والكوارث الطبيعية التي تفاقمت بسبب تغيُّر المناخ.
وكجزء من رئاستها لمجموعة العشرين، حددت إندونيسيا 3 أولويات واضحة على جدول الأعمال: تعزيز البنية التحتية الصحية العالمية، وضمان تحوّل اقتصادي رقمي شامل، وتعزيز التحول المستدام للطاقة.
وإضافة إلى الكلمات الرئيسية التي سيلقيها قادة العالم، ستعقد مجموعة من المحادثات الثنائية على خلفية التوترات العالمية التي تشمل غزو أوكرانيا وما أعقبه من تداعيات اقتصادية عالمية، وأزمة المناخ، والبرنامج النووي لكوريا الشمالية، والطموح الصيني المتزايد.
ليس من المتوقع حدوث تقدّم كبير عقب اجتماع بايدن وشي، وفقًا لأندرو ستابلز، مدير منطقة آسيا والمحيط الهادئ في «إيكونوميست إمباكت»، ذراع السياسات والأفكار في مجموعة الإيكونوميست، إذ قال لشبكة سي إن بي سي، إن «التوقعات ليست عالية للغاية»، مضيفاً أن التوترات الجيوسياسية المستمرة تؤدي إلى تراجع النمو العالمي.
وسلّط الضوء على موقف الصين من الحرب في أوكرانيا كواحدة من عدة علامات على تآكل العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.
وقال: «إيجاد أرضية ما لهذه العلاقة - وهو ما يتطلع إليه بايدن - سيكون إيجابياً، ليس فقط لمجتمع الأعمال، ولكن للمشاعر الاقتصادية العالمية أيضاً».
من ناحية أخرى، أصبحت قمة العشرين والاجتماعات المرتبطة بها في وقت سابق من هذا العام فرصة للدول الأعضاء للتعبير عن شكاواهم ضد روسيا. ففي اجتماع لمجموعة العشرين في أبريل، انسحب وزراء المالية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا أثناء حديث المبعوثين الروس. وفي اجتماع آخر للمجموعة في يوليو لوضع الأساس لقمة هذا الأسبوع، فشل الدبلوماسيون الحاضرون في إصدار بيان جماعي بشأن مسؤولية روسيا عن آثار الحرب على العالم. وفي سبتمبر، انهارت أيضاً الجهود المبذولة للتوصل إلى قرارات متعددة الأطراف بشأن التعليم والمناخ بسبب إدانات غزو موسكو لأوكرانيا. فما الذي ستخرج به قمّة 2022 وسط كل هذا الضجيج الجيوسياسي؟