رغم إبداء الحكومة مرونتها في مناقشة الأولويات التي اختارها 48 نائباً لدور الانعقاد الثاني، فإن تلك المرونة، بحسب مصادر حكومية لـ «الجريدة»، لا تعني تفريطها في أي من حقوقها، وفي مقدمتها ما تتضمنه اللائحة الداخلية لمجلس الأمة من مكتسبات حكومية قدم النواب اقتراحات لتقليصها، لتغدو، على ما يبدو، مشروع أزمة بين السلطتين في حال تمسك النواب بها، لاسيما أن رسالة الحكومة، التي عبرت عنها في كتب رسمية، هي رفض أي تعديل ينتقص من حقوقها التي كفلها الدستور والقانون.
وقالت المصادر إن الحكومة لا تمانع تعديل اللائحة فيما يخص عمل النواب باعتباره شأناً خاصاً بهم ولا يمس حقوقها، مثل إلغاء لجنة الأولويات أو تعديل اختصاصاتها، أما التعديلات الجوهرية بمنعها من التصويت على مناصب مكتب المجلس وانتخابات لجانه والقرارات المتعلقة بالاستجوابات وجعل التصويت لمنصب الرئيس ونائبه علنياً، وصحة انعقاد الجلسات دون اشتراط حضورها فهذه جميعها محل رفض حكومي.
واستبقت الحكومة اجتماع اللجنة التنسيقية، أمس الأول، والذي اعتمدت فيه أولوياتها، بإعداد مذكرة من وزارة العدل أكدت فيها رفضها للاقتراح بقانون الذي تقدم به النائب مهند الساير بشأن صحة انعقاد الجلسات دون حضور الحكومة.
وأكدت «العدل»، في مذكرتها التي حصلت «الجريدة» على نسخة منها، أنه وفقاً للدستور، يجب أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها، مشددة على أن مبدأ الفصل بين السلطات من الأمور المسلم بها، كما أنه من المستقر أيضاً أن «هذا الفصل يحده ضرورة التعاون وإعمال التوازن بينها دون أن تتغول سلطة على أخرى».
وأضافت الوزارة أن المشرع الدستوري «أعطى السلطة التنفيذية ضمانات في مقابل صلاحيات لنظيرتها التشريعية وبالعكس حتى يكون بينهما ما يحقق التعاون والرقابة المتبادلة، ولذا فإن الوزراء قد اكتسبوا العضوية في مجلس الأمة وأصبحوا أعضاء فيه مثل النواب، ومن ثم يشاركونهم اتخاذ القرارات التي يصدرها المجلس».
وشددت على أن جلسات مجلس الأمة لا تكون صحيحة، وبالتالي لا تنعقد، إلا إذا مُثلت الحكومة برئيسها أو ببعض أعضائها، مؤكدة أن التعديل المقترح يتعارض صراحة مع نص المادة 116 من الدستور، ومن ثم فإن الوزارة ترى عدم ملاءمته، بسبب تعارضه مع النص الدستوري.
وعن اقتراح عدم جواز مشاركة الوزراء للنواب في التصويت على المسائل المتصلة بالاختصاص الرقابي للمجلس، لتلافي تعارض المصالح بين الحكومة ورقابة المجلس على أعمالها، أكدت «العدل» أن المشرع الدستوري في المادتين 101 و102 من الدستور منع تصويت الوزراء على مسألتي طرح الثقة بأحد الوزراء، وعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وقد جاء ذلك على سبيل الحصر الذي لا يجوز التوسع فيه.
ورأت أن التعديل قائم على غير سند دستوري، معتبرة أنه لا ينال من ذلك ما جاء في المذكرة الإيضاحية للاقتراح بأن الإضافة المطروحة تجد سندها في نص المادة 117 من الدستور، إذ تبين من الاطلاع عليها أنها لا تتضمن أي استثناء آخر خلاف ما نصت عليه المادتان 101 و102، ومن ثم يضحي الاقتراح غير ملائم.
وفي تفاصيل الخبر:
في مذكرة بالرأي أعدتها، انتهت وزارة العدل إلى رفضها اقتراحين نيابيين بتعديل قانون اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، أحدهما بشأن «صحة انعقاد الجلسات دون اشتراط حضور الحكومة» والآخر بعدم جواز مشاركة الوزراء أعضاء المجلس في التصويت على المسائل المتصلة بالاختصاص الرقابي لمجلس الأمة.
وبشأن التعديل الذي تقدم به النائب مهند الساير بأن تضاف فقرة خامسة إلى المادة 74 من القانون رقم 12 لسنة 1963 بشأن اللائحة الداخلية نصها «وتعقد الجلسة متى اكتمل النصاب القانوني دون أن ينال من صحة انعقادها أن يكون جميع الأعضاء حاضرين من غير الوزارة»، قالت «العدل» في مذكرتها التي حصلت «الجريدة» على نسخة منها، إنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 80 من الدستور تنص على أن الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة يعتبرون أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم، وأن المادة 97 من الدستور تنص أيضاً على أنه يشترط لصحة اجتماع مجلس الأمة حضور أكثر من نصف أعضائه، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، وذلك في غير الحالات التي تشترط فيها أغلبية خاصة وعند تساوي الأصوات يعتبر الأمر الذي جرت المداولة في شأنه مرفوضاً، كما تنص المادة 116 من الدستور على أنه «يسمع رئيس مجلس الوزراء والوزراء فى مجلس الأمة كلما طلبوا الكلام، ولهم أن يستعينوا بمن يريدون من كبار الموظفين أو ينيبوهم عنهم، وللمجلس أن يطلب حضور الوزير المختص عند مناقشة أمر يتعلق بوزارته».
وأضافت: ويجب أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها، وحيث إنه كان من المقرر أن مبدأ الفصل بين السلطات من الأمور المسلم بها والقضاء الدستوري، إلا أنه من المستقر أيضا أن هذا الفصل يحده ضرورة التعاون واعمال التوازن بينها دون أن تتغول سلطة على أخرى ومن ثم أعطى المشرع الدستوري للسلطة التنفيذية ضمانات في مقابل صلاحيات السلطة التشريعية وبالعكس حتى يكون بينهما من يحقق التعاون والرقابة المتبادلة.
وتابعت: ومفاد المواد السابقة أن الوزراء قد اكتسبوا العضوية في مجلس الأمة وأصبحوا أعضاء فيه مثل باقي الأعضاء ومن ثم يشاركونهم في اتخاذ القرارات التي يصدرها المجلس، وأن الدستور نص صراحة على وجوب تمثيل الوزارة فى جلسات المجلس برئيسها أو بعض أعضائها وبمفهوم المخالفة لهذا الوجوب الدستوري أن جلسات مجلس الأمة لا تكون صحيحة وبالتالي لا تنعقد إلا إذا مثلت الحكومة برئيسها أو ببعض أعضائها، ومؤدى ذلك ومقتضاه بحكم اللزوم أن الأصل هو حق الوزراء في التصويت على كل ما يتخذه المجلس من قرارات، فهم أعضاء في المجلس لهم سائر حقوق الأعضاء يؤكد ذلك ويسانده أن الدستور حين أراد الاستثناء من هذا الأصل حدد على سبيل الحصر حالتين فقط لا يشارك فيها الوزراء بصفتهم أعضاء مجلس الأمة في التصويت أولاهما الثقة بأحد الوزراء، والثانية هي التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، ولو أراد الدستور غير ذلك لما أعوره النص عليه.
وقالت، ومن ثم فإنه مع وضوح النص لا يجوز تأويله أو تفسيره لغير مقتضاه إذ إن المشرع الدستوري عندما وضع هذا النص كان لحكمة ابتغاها من حضور الوزارة أو بعض أعضائها جلسات المجلس لصحة اجتماع المجلس، وبناء على ما تقدم فإن التعديل المقترح يتعارض صراحة مع نص المادة 116 من الدستور، ومن ثم فإن الوزارة تري عدم ملاءمة هذا الاقتراح لتعارضة مع النص الدستوري.
الاستجوابات
أما بشأن الاقتراح بقانون الذي تقدم به النائب د. عبدالعزيز الصقعبي، بعدم جواز مشاركة الوزراء أعضاء المجلس في التصويت على المسائل المتصلة بالاختصاص الرقابي لمجلس الأمة وذلك لتلافي تعارض المصالح بين الحكومة ورقابة المجلس على أعمالها بحسب ما ورد بمذكرته الايضاحية، قالت الوزارة، «لما كان مجلس الأمة يتألف من خمسين عضوا منتخبين طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 80 من الدستور، وكان الوزراء غير المنتخبين في المجلس يعتبرون أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم وذلك طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة ذاتها».
وأضافت: وكان يتعين تمثيل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها وذلك طبقاً لنص المادة 116 من الدستور فإن مفاد ذلك بحكم اللزوم العقلي أنه يحق للوزراء بصفتهم أعضاء في المجلس المشاركة في التصويت على جميع المسائل المعروضة للتصويت كأصل عام إلا إذا وجد نص دستوري يمنع تلك المشاركة وهو ما فعله المشرع الدستوري في المادتين 101,102 من الدستور، إذ منع تصويت الوزراء على مسألتي طرح الثقة بأحد الوزراء، وعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء وقد جاء ذلك على سبيل الحصر الذي لا يجوز التوسع فيه.
واستطردت قائلة: ولما كان ما تقدم وكانت الفقرة المقترح إضافتها تضمنت مسائل أخرى حظرت فيها مشاركة الوزراء في التصويت عليها رغم أنها لم ترد في الدستور وهي الاستجواب وطرح موضوع عام للمناقشة ثم أطلقت القول بأن المنع يمتد إلى أي اختصاص رقابي آخر للمجلس فإنها تكون قائمة على غير سند دستوري ولا ينال من ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للاقتراح أن الإضافة المطروحة تجد سندها في نص المادة 117 من الدستور إذ تبين من الاطلاع على هذه المادة أنها لا تتضمن أي استثناء آخر خلاف ما نصت عليه المادتان 101,102 المار ذكرهما ومن ثم يضحى الاقتراح غير ملائم.