«مارمور»: البنوك الخليجية تستكشف آفاقاً جديدة
• «تواجه التشبّع في أسواقها المحلية بالانفتاح على الأسواق العالمية»
أصدرت «مارمور مينا إنتليجنس»، الذراع البحثية لشركة المركز المالي الكويتي «المركز»، تقريراً تناول سبل تحقيق النمو طويل الأجل للبنوك الخليجية التي تواجه تشبعاً في أسواقها المحلية وحالة عدم اليقين التي تهيمن على اقتصادات بقية دول المنطقة.
ووفق التقرير، فإن نشاط البنوك الخليجية يتركز إلى حد كبير في دولها، حيث تقع%45 من فروعها في دول مجلس التعاون الخليجي.
في التفاصيل، تتمتع البنوك الخليجية بالعديد من المزايا فيما يتعلق بخدمة أسواقها، فهناك قيود على الملكية الأجنبية في رؤوس أموالها، وهو ما يخلق سوقاً مصرفية مواتية للبنوك، مما يؤدي إلى تحقيق هوامش أعلى وتدفقات نقدية أفضل.
ويمثل الدعم الحكومي، المدعوم بحجم ودائع كبير، ميزة رئيسة لبنوك دول مجلس التعاون الخليجي، التي أظهرت قدرة استثنائية في مواجهة أزمات الاقتصاد الكلي في الأعوام الماضية بسبب الفوارق الهيكلية والثقافية المرتبطة بتقبلها للمخاطر، مقارنةً بنظيراتها الأميركية والأوروبية.
وتضمن قوة النفط وربط العملة بالدولار الأميركي استقرار النظام المصرفي في مواجهة الصدمات الاقتصادية، وهي مرونة تكفل قدرة البنوك على تقديم عوائد مستمرة لمساهميها.
وتفرض الطبيعة المحلية لأنشطة البنوك الخليجية عليها تحديات مرتبطة باقتصاداتها نفسها. وتعتمد جميع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على عائدات النفط والغاز إلى حد كبير. بالتالي، يمكن أن يؤثر تراجع أسعار النفط، كما شهدنا خلال جائحة كوفيد- 19، سلباً في الأداء الاقتصادي، الذي يؤثر أيضاً على القطاع المالي.
وعلاوة على ذلك، فإن كونها بنوكاً محلية يعني حصر خدمات البنوك في بلدانها أو في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، مما أدى إلى ثبات هوامش الربح.
وعلى الرغم من تحقيق البنوك أرباحاً، فإن كل سوق له سقف للنمو. وبمجرد بلوغ هذا السقف، لا يمكن تحقيق النمو إلا من خلال التوسع في الأسواق الخارجية.
ويضاف إلى ذلك أن البنوك الخليجية لا تزال في بداية رحلة التحول الرقمي، على الرغم من الانتشار الكبير للإنترنت في دولها.
ومن شأن تكنولوجيا المعلومات أن تساعد البنوك في الوصول إلى المزيد من العملاء، وتمكينها من تقديم أنواع مختلفة من المنتجات المصرفية. وكان للقطاع المصرفي السعودي والإماراتي، اللذين ينتميان لأكبر اقتصادين في منطقة الشرق الأوسط، السبق في تبني تنظيمات مواتية لرقمنة الخدمات المصرفية.
وفيما يتعلق بالتنويع الجغرافي لبنوك دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى الرغم من الحجم الكبير لنشاط الشركات والنشاط التجاري عبر الحدود في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن عدداً محدوداً من البنوك الخليجية هو الذي يتمتع بحضور قوي على صعيد المنطقة، خصوصاً أن%45 من فروعها تقع داخل دولها، ولم يتوسع سوى عدد قليل من البنوك إلى أسواق خارجية، خصوصاً تركيا ومصر باكستان.
ومن حيث عدد الفروع، تشكل تركيا (%25.5)، وباكستان (%13.6)، ومصر (%8.8) نحو%48 من وجود البنوك الخليجية خارج المنطقة، حتى العام 2022.
ولم تطرق البنوك الخليجية أبواب الأسواق الأوروبية والأميركية، حيث يبلغ عدد فروعها هناك 56 فرعاً فقط، ويعني ذلك أن هناك مجالاً لتوسعها في مثل هذه الأسواق.
ويتمثل عامل الجذب الرئيسي للعمل على دخول أسواق تلك الدول في العدد الكبير من السكان والحاجة إلى مزيد من الخدمات المصرفية مقارنة باقتصادات دول الخليج، حيث يوجد في دول المجلس ما متوسطه 3.8 بنوك لكل مليون شخص، في حين أن لدى تركيا ومصر وباكستان 0.7 و0.3 و0.1 بنك على التوالي لكل مليون شخص. ومع ذلك، فإن افتراضات الاقتصاد الكلي بشأن تلك الاقتصادات الكبيرة تعثرت بشكل كبير نتيجة لتأثير الوضع السياسي في عمليات البنوك الخليجية في الماضي.
ونتوقع بعض العوامل المواتية المحتملة للبنوك الخليجية التي تسعى لتحقيق النمو على المدى الطويل. ولأن معظم البنوك الخليجية تتركز بأنشطتها في دولها، في أسواق مصرفية توشك أن تتشبع، فإن ذلك يشجع البنوك للتوسع في دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خصوصاً في ظل التشابه الثقافي. لكن التجارب السابقة غير المشجعة في أسواق مصر وتركيا وباكستان قد تدفع البنوك الخليجية إلى النظر إلى أسواق خارج المنطقة لتحقيق مزيد من النمو. كما تشهد البنوك الخليجية، التي تقع في ملتقى طرق بين أوروبا وآسيا، في الآونة الأخيرة تدفقات تجارية ومالية، ويمكن للبنوك الاستفادة من هذه التدفقات من خلال إقامة مشاريع تجارية في أوروبا وآسيا.
وعلاوة على ذلك، يبقى حضور البنوك الخليجية محدوداً في أميركا وأوروبا، وهو ما يعني أن هناك مجالاً للتوسع في تلك الأسواق.
وستكون المنافسة في أسواق أوروبا والولايات المتحدة الأميركية محتدمة جداً، نظراً لأنها أسواق تحتضن أكبر البنوك العالمية.