قتل في الساعات الـ 24 الماضية أكثر من 13 مقاتلاً في حزب الله خلال المواجهات الصاروخية المستمرة مع الجيش الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، لترتفع بذلك حصيلة قتلاه المعلن عنهم منذ بدء الحرب بغزة في 7 الجاري إلى 42 قتيلاً، في وقت اجتمع الأمين العام للحزب حسن نصرالله مع الأمين ‏العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد نخالة، ونائب ‏رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، للتنسيق.

وبحسب بيان، «جرى خلال اللقاء تقييم ‏للمواقف المتخذة دوليًا وإقليميًا، وما يجب على أطراف محور ‏المقاومة القيام به في هذه المرحلة الحساسة لتحقيق انتصار ‏حقيقي للمقاومة في غزة وفلسطين، ووقف العدوان الغادر ‏والوحشي على شعبنا المظلوم والصامد في غزة وفي الضفة ‏الغربية، وتمّ الاتفاق على مواصلة التنسيق والمتابعة الدائمة ‏للتطورات بشكل يومي ودائم».

Ad

وتجاهل نصرالله الانتقادات السياسية الداخلية له، التي اتهمته بالتزام الصمت فيما يوشك البلد على الدخول في حرب مدمّرة، وطلب في أول تصريح رسمي له بإطلاق اسم «الشهداء على طريق القدس» لقتلى الحزب.

وكان النائب في البرلمان اللبناني عن حزب الله، حسن فضل الله، قد برر صمت نصرالله بأنه تكتيك لإرباك العدو، مشددا على أن نصرالله هو مَن يقود المعركة.

يأتي ذلك فيما استمر تصاعد التوتر بالجنوب في ظل استمرار تبادل الضربات بين حزب الله والإسرائيليين، مع تعمّق رقعة المواجهات إلى حدود 5 كلم. وبحسب المعلومات، بدأ الجيش الإسرائيلي بإرسال المزيد من التعزيزات العسكرية إلى الحدود منذ ليل الثلاثاء - الأربعاء، كما أعلن عن إجرائه مناورة عسكرية في مستوطنة كريات شمونة. ومن الواضح أن الإسرائيليين قد غيّروا تكتيكاتهم العسكرية، من خلال استهداف عناصر وخلايا لحزب الله حتى قبل قيامهم بتوجيه ضربات ضد المواقع الإسرائيلية، وقد انعكس ذلك بالارتفاع الحاد لعدد القتلى.

ووسط ترقّب داخلي لاحتمال وقوع حرب شاملة، تعززت التحركات السياسية الداخلية في محاولة لتشكيل موقف سياسي موحد تحسّباً لحصول أي تطورات. وبرز بهذا الإطار تحرّك وليد جنبلاط الذي يتعاطى وكأن هناك حربا حتمية مقبلة، وبالتالي بدأ العمل على تجهيز مراكز إيواء وتوفير مواد ضرورية وأوّلية، وغيرها من الاستعدادات.

وعلى إيقاع جنبلاط، تحرّك أيضاً رئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، من خلال مبادرة يطرحها في سبيل تكوين موقف وطني موحد، كما أنه يطرح فكرة إمكانية الوصول إلى تفاهم حول انتخاب رئيس للجمهورية. وقد بدأ باسيل تحرّكه من عند جنبلاط، بعدما حصل اتصال بينه وبين نصرالله، وصولاً إلى زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وإعادة وصل ما انقطع مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، إذ زاره بدارته في بنشعي.

وفي ضوء تحرّك باسيل، تبرز ثلاث نقاط، الأولى تشكيل موقف وطني يجنّب لبنان الحرب ويحتضن حزب الله في حال اندلعت. الثانية، البحث في حلّ مسألة الشغور في قيادة الجيش وتجنّب الوقوع فيه. أما الثالثة، فالبحث بإمكانية التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية.

ويبدو أن هناك إجماعا لبنانياً حول رفض حصول شغور في موقع قيادة الجيش، وأنه لا بدّ من التمديد لقائد الجيش الحالي جوزيف عون قبل انتهاء ولايته في 10 يناير 2024. باسيل لا يزال يعارض مثل هذا الطرح، إلّا في حال تم التعهد بأن التمديد لقائد الجيش يقابله شرط عدم انتخابه رئيساً للجمهورية، فيما يشير باسيل إلى موافقته على تعيين رئيس للأركان ليحل مكان قائد الجيش. ومن التحركات على خط رئاسة الجمهورية أيضاً، برزت زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان الأسبوع الفائت إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث التقى المسؤولين وبحث معهم في ضرورة تجنيب لبنان دائرة الصراع والحرب وإمكانية انتخاب رئيس للجمهورية في ظل هذه الظروف.

في غضون ذلك، تواصل البعثات الدبلوماسية اتخاذ إجراءات وقائية، كترحيل دبلوماسيين وعائلاتهم إلى الخارج، وكان بارزاً ما قام به الطيران الملكي السعودي بإجلاء عائلات وبعض الموظفين الدبلوماسيين العاملين بالسفارة في بيروت. فيما عملت السفارة الفرنسية على مطالبة المواطنين الفرنسيين المقيمين في لبنان بضرورة تخزين حاجياتهم الضرورية، وتجهيز حقيبة تحتوي على أوراقهم الثبوتية والضرورية، تحسباً لإجلاء سريع في حال اندلعت حرب مفاجئة.