في خطوة قد تخفض مستوى التوتر الإقليمي، ولو بشكل جزئي، أفاد مصدر مطلع «الجريدة» بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي لن يقوم بالعملية البرية التي يهدد بها ضد قطاع غزة، في الأسابيع الثلاثة المقبلة، على الأقل.

وبحسب المصدر، فإن التأجيل، نابع بالأساس من أمرين مهمين، الأول طلب الولايات المتحدة إفساح المجال أمام جهود إطلاق سراح أكبر عدد من الرهائن المدنيين في قبضة «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى بالقطاع، والآخر دراسة العملية بحذافيرها والتأكد من الجاهزية لتنفيذها دون تعرض الجيش لفضيحة قد تقضي على ما تبقى من سمعته التي تضررت بعد هجوم 7 الجاري، والذي أودى بحياة نحو 1400 إسرائيلي بينهم نحو 300 عسكري.

Ad

وأوضح المصدر أن الجيش الإسرائيلي لم يكن لديه أي تفكير أو خطط لإعادة اجتياح غزة أو شن هجوم بري واسع ضدها، مضيفاً أن سلاح الجو الإٍسرائيلي يستخدم كل قوته وخبرته والوسائل الكبيرة المتاحة له، لتدمير كل ما من شأنه إحراج القوات البرية، في ظل بحث صعب عن سُبل تحييد الأنفاق التي بنتها الفصائل تحت غزة.

ولفت المصدر إلى عامل تكتيكي من التأخير، يتمثل في زيادة الضغط على «حماس» حتى انتهاء كميات الوقود التي تخزنها، واضطرار عناصر الحركة للخروج من الأنفاق بعد أن تطفأ محركات ضخ الهواء فيها، مضيفاً أن التأخير يشكل فرصة لقوات الاحتياط غير المدربة بشكل كافٍ، لتلقي تدريبات مناسبة، وأيضاً وصول الأسلحة اللازمة، وأهمها القذائف الخارقة للدروع والتي يمكنها أن تصل إلى عمق 50 إلى 70 متراً تحت الأرض لتفجير الأنفاق.

وجاء كلام المصدر في وقت قالت صحيفة وول ستريت جورنال، إن تل أبيب وافقت على تأجيل العمل البري حتى يتسنى لواشنطن تعزيز الدفاعات الجوية حول قواعدها في المنطقة، بما في ذلك الكويت.

ويبدو أن هذا الجمود على الجبهة الجنوبية، قد أعطى إسرائيل هامشاً من المناورة على الجبهة الشمالية مع لبنان، إذ تشير المعلومات إلى أن الإسرائيليين قد غيّروا تكتيكاتهم العسكرية، من خلال استهداف عناصر وخلايا «حزب الله» حتى قبل قيامهم بتوجيه ضربات ضد المواقع الإسرائيلية، وقد انعكس ذلك في الارتفاع الحاد لحصيلة قتلى الحزب الذي خسر في الساعات الـ 24 الماضية أكثر من 14 مقاتلاً، لترتفع بذلك حصيلة قتلاه المعلن عنهم منذ بدء الحرب بغزة في 7 الجاري إلى 43 قتيلاً.

وفي السياق نفسه، قتلت إسرائيل 11 جندياً سورياً في قصف على درعا رداً على صاروخ أُطلق من المحافظة الجنوبية على الجولان السوري المحتل، في حين أدت غارة أخرى إلى تعطل مطار حلب مجدداً، إذ قالت إسرائيل إنها استهدفت شحنة أسلحة إيرانية.

وفي استعراض للقوة في السويس، التي تعد بوابة سيناء، تفقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس، إجراءات تفتيش حرب الفرقة الرابعة في الجيش الميداني الثالث المكلف حماية الجبهة الشرقية.

وفي كلمة ذات دلالة، أكد السيسي، أن الأمن القومي والحفاظ عليه هو «دور أصيل ورئيسي» للقوات المسلحة المصرية، مضيفاً أن «الجيش بقوته وقدرته المتعقلة والرشيدة والحكيمة لا يطغى ولا يسعى خلف أوهام»، وأن «هدفه حماية مصر وأمنها القومي دون تجاوز».

وقال إنه «في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة من المهم عندما تمتلك القوة والقدرة يجب أن تستخدمها بتعقل ورشد وحكمة فلا تطغى، ولا يكون عندك أوهام بقوتك لكي تدافع عن نفسك وتحمي بلدك وتتعامل مع الظروف بعقل ورشد وصبر».

من جانبه، قال قائد الجيش الثالث الميداني اللواء أركان حرب شريف جودة: «أؤكد أننا اليوم في أعلى درجات الكفاءة القتالية والاستعداد القتالي، وجاهزون لطي الأرض في نطاق مسؤوليتنا أو في أي مكان آخر يتم تكليفنا بالانطلاق إليه».

جاء ذلك، قبيل استقبال السيسي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي زار إسرائيل ورام الله والأردن.

وحذر السيسي، خلال استقباله الرئيس الفرنسي، من خطورة الاجتياح البري الذي سينتج عنه عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين، كما لفت إلى أن الأهداف المعلنة لتل أبيب من الاجتياح أي القضاء على «حماس» قد يستغرق سنوات.

ومع تشديد الخارجية الأميركية على أن أي مناطق آمنة في غزة يجب أن تكون داخل القطاع وليس في أي دولة أخرى، في إشارة إلى الهواجس المصرية، زعمت قناة إسرائيلية أن مسؤولين مصريين وافقوا على إمكانية إقامة مخيمات بمدينة رفح الفلسطينية على بعد 3 كيلومترات داخل الأراضي الفلسطينية تشرف عليها مصر، لتقديم خدمات الإغاثة العاجلة للنازحين الفلسطينيين.

وقالت القناة الإسرائيلية إن هذا الاقتراح يتضمن مراجعة بعض البنود في اتفاقية كامب ديفيد، لإلغاء أي قيود على وجود الجيش المصري في المنطقة منزوعة السلاح في سيناء، بالإضافة إلى إقامة شريط حدودي على طول قطاع غزة بعمق 4 إلى 5 كيلومترات يفصل بين المستوطنات الإسرائيلية الحدودية والسياج الحدودي لقطاع غزة، يتم تعبئته بحراسة إسرائيلية ودولية.

وفي تفاصيل الخبر:

في ظل تقارير عن تحركات عسكرية للجيش المصري في مدينة رفح الحدودية مع قطاع غزة، حيث أفادت وسائل إعلام مصرية بأن الجيش أعاد نشر عشرات الدبابات والمدرعات وناقلات الجند، وأن قواته اصطفت متجاورة على امتداد عرض مدينة رفح، استعرضت الفرقة الرابعة المدرعة في الجيش الثالث الميداني المكلف بحماية الجبهة الشرقية، في منطقة السويس التي تعتبر بوابة سيناء.

وتفقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إجراءات تفتيش حرب الفرقة الرابعة، بحضور وزير الدفاع محمد زكي وقادة الجيش وعدد من الوزراء ورجال الدولة.

«وتفتيش الحرب» مصطلح عسكري، يعتبر أعلى الآليات التي تتبعها القوات المسلحة للتأكد من جاهزية قوات الجيش من أفراد ومعدات، والتأكد من الاستعداد القتالي والخطط لتنفيذ أي مهمة تتطلب ذلك، فبعد انتهاء تفتيش الحرب تكون القوات المشاركة فيه على أتم الاستعداد للدخول في أي معركة عسكرية مهما كانت قوتها.

وأكد السيسي، في كلمة له، أن الأمن القومي والحفاظ عليه هو «دور أصيل ورئيسي» للقوات المسلحة المصرية، قائلاً، إن «الجيش بقوته وقدرته المتعقلة والرشيدة والحكيمة لا يطغى ولا يسعى خلف أوهام»، وأن «هدفه حماية مصر وأمنها القومي دون تجاوز».

وأضاف أنه «في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة من المهم عندما تمتلك القوة والقدرة يجب أن تستخدمها بتعقل ورشد وحكمة فلا تطغى، ولا يكون عندك أوهام بقوتك لكي تدافع عن نفسك وتحمي بلدك وتتعامل مع الظروف بعقل ورشد وصبر».

وأشار إلى أن «مصر تبذل الجهود كافة لإمداد غزة بالمساعدات وتخفيف المعاناة واحتواء التصعيد وإيقاف نزيف الدماء من خلال التعاون مع الأشقاء والأصدقاء والشركاء»، مضيفاً أن مصر بذلت منذ 20 عاماً دوراً إيجابياً في احتواء التصعيد بقطاع غزة على مدار خمس جولات من الصراع بين إسرائيل و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» وغيرهما، ومن المهم للغاية الاعتماد على الحل الدبلوماسي للقضية الفلسطينية على أساس الدولتين.

من جانبه، قال قائد الجيش الثالث الميداني اللواء أركان حرب شريف جودة: «أؤكد أننا اليوم في أعلى درجات الكفاءة القتالية والاستعداد القتالي، جاهزون لطي الأرض في نطاق مسؤوليتنا أو في أي مكان آخر يتم تكليفنا بالانطلاق إليه».

وعبّرت مصر والدول العربية عن رفضها أي مخططات إسرائيلية لتهجير سكان غزة الفلسطينيين إلى سيناء، الأمر الذي من شأنه تصفية القضية الفلسطينية، فضلاً عن إجبار القاهرة على مساعدة إسرائيل في التنصل من مسؤوليتها كقوة احتلال، وإجبار القاهرة إما على قمع اللاجئين الفلسطينيين المفترضين ومنعهم بالقوة من القيام بأعمال عسكرية للعودة الى أراضيهم، أو السماح لهم بذلك واستجلاب ردود إسرائيلية عسكرية عليهم تنتهك سيادة مصر، مما يعني جر القاهرة إلى حرب حتمية.

ودعا وزير الطاقة الإسرائيلي وعضو مجلس الوزراء السياسي «الكابنيت» يسرائيل كاتس، الرئيس المصري إلى فتح معبر رفح مع قطاع غزة، وقال في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية: «نفضل أن يفتح السيسي، معبر رفح والسماح لسكان غزة أن يبقوا في سيناء أطول فترة ممكنة». وأكد كاتس أن إسرائيل قبلت قرار السيسي رفض الفكرة بموجب اتفاقية السلام بين البلدين.

أردوغان

إلى ذلك، وبعد انتقادات لموقفه الوسطي من التطورات، تخلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس عن التحفظ، مشدداً على أن «حركة حماس ليست منظمة إرهابية، بل هي حركة تحررية تنقذ أرضها وشعبها»، وذلك بعد ساعات من اقتراح وصفته وسائل إعلام فرنسية بالغريب للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإشراك التحالف الدولي ضد «داعش» في محاربة «حماس».

وأعلن أردوغان إلغاء كل خططه لزيارة إسرائيل، مشدداً على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة وإسرائيل وإنشاء ممر إنساني عاجل لإدخال المساعدات للقطاع دون عوائق، والعمل لعقد مؤتمر سلام فلسطيني ــ إسرائيلي.

وانتقد صب الدول غير الإقليمية الزيت على النار بدعمها اسرائيل، مؤكداً أنه «على إسرائيل ألا تنتظر الأمن من الخارج، بل يجب أن تبحث عنه في المنطقة».

قطر والرهائن

جاء ذلك، في حين أكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن، في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية التركي حقان فيدان في الدوحة، أن هناك بعض التقدم بشأن الإفراج عن الأسرى الذين تحتجزهم «حماس» في قطاع غزة، في حين حذر فيدان من تبعات شن حرب برية على القطاع.

وقابل فيدان رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية في العاصمة القطرية بعد تقارير عن قيام تركيا بإبعاده بعد «سجدة شكر» بثت على وسائل التواصل الاجتماعي خلال هجوم 7 أكتوبر.

جاء ذلك، في وقت أشاد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها الدوحة بشأن إطلاق سراح الرهائن مقابل تخفيف الأزمة الإنسانية.

بايدن وماكرون

وفيما أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالاً هاتفياً مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بحثا خلاله التصعيد العسكري في غزة والجهود المبذولة للتهدئة،

حذر العاهل الأردني عبدالله الثاني، خلال استقباله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عمان، أمس، من أن استمرار حرب غزة قد يدفع إلى انفجار الأوضاع بالمنطقة. والتقى ماكرون كذلك الرئيس المصري في القاهرة حيث قال، إن بلاده سترسل سفينة لمساعدة مستشفيات غزة.

وفي وقت سابق، صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال لقاء مع ماكرون في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة أنه يعترف بـ «دولة إسرائيل وحقها في الوجود منذ 40 عاماً»، وقال إنه يطلب من إسرائيل الاعتراف بدولة فلسطينية وحقها في الوجود كذلك.

وقف إطلاق النار

وبينما تواصلت الغارات الإسرائيلية التي أودت بحياة نحو 6 آلاف فلسطيني وشردت أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، بدا أن الدعوات الدولية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار قد فشلت. وعارضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أي وقف لإطلاق النار في مجلس الأمن على اعتبار أنه سيصب في مصلحة «حماس». وبدا أن اقتراح الدعوة إلى هدنة إنسانية، الذي يمكن ان تتبناه القمة الأوروبية المقررة خلال أيام، يلقى دعماً غربياً.

وتأجل طرح التصويت على أي قرار بمجلس الأمن إلى أجل غير مسمى، بعد أن طرحت الولايات المتحدة وروسيا خططاً متنافسة بشأن المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين.

وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إن «العالم كله يتوقع من مجلس الأمن دعوة لوقف سريع وغير مشروط لإطلاق النار». كما دعت الصين على لسان مندوبها الدائم في الأمم المتحدة تشانغ جيون إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وهيمنت دعوات وقف إطلاق النار على الاجتماع الذي خُصص لمناقشة تطورات حرب إسرائيل وغزة، التي اندلعت عقب هجوم «حماس» المباغت، حيث أشار كبار مسؤولي الأمم المتحدة ووزراء خارجية الدول العربية والعديد من الدبلوماسيين الآخرين، إلى أن عدد المدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا في تصاعد، وأن الوضع الإنساني في غزة يتدهور بسرعة كارثية.

واتخذ وزراء الخارجية العرب موقفاً موحداً مع نظيرهم الفلسطيني رياض المالكي، قائلين خارج قاعة مجلس الأمن، إن هدفهم الأسمى هو وقف فوري لإطلاق النار وضمان تدفق المساعدات على نطاق واسع إلى غزة.

وحذروا من أنه إذا لم تتم معالجة الأسباب الجذرية للصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني وحلها، فإن ذلك سيغذي المزيد من التطرف الذي يمكن أن يهدد باجتياح المنطقة كلها.

في غضون ذلك، دخلت قافلة مساعدات إغاثية سادسة من معبر رفح المصري إلى القطاع، في حين حذرت منظمة «الأونروا» من أن الملاجئ في غزة تجاوزت أربعة أضعاف طاقتها الاستيعابية، والعديد من الناس ينامون في الشوارع. وذكرت وزارة الصحة في القطاع أن عدد القتلى الفلسطينيين منذ بدء الجيش الإسرائيلي تصعيده ارتفع إلى 5795.

وفي حين واصلت المقاتلات الإسرائيلية تصعيد حدة ضرباتها على قطاع غزة، ردت «حماس» بقصف تل أبيب وعسقلان وحيفا، وأطلقت صاروخاً على قاعدة جوية قرب إيلات الواقعة على ساحل البحر الأحمر لأول مرة. وتحدثت تقارير عن شن عناصر من الضفادع البشرية التابعة لـ «حماس» هجوماً على قاعدة زيكيم قرب عسقلان واشتباكها مع القوات الإسرائيلية عدة ساعات، وبرز تصريح لعسكري أميركي متقاعد تحدث فيه عن مقتل جنود أميركيين في اشتباك استطلاعي في غزة.