استضاف مسرح د. سعاد الصباح في رابطة الأدباء الكويتيين محاضرة بعنوان «آداب وفنون»، قدَّمها الأديب عبدالله خلف، وأدارتها الكاتبة فاطمة الخياط.

وقال خلف في محاضرته، إن «أبواب القصور ومقار الملوك فُتحت لرجال الأدب والفن، وتكوَّنت لهم مدارس ومعاهد وجامعات، اتسعت بها آفاق الثقافة والمعرفة».

Ad

وأضاف: «الأدب والفن يحتلان حيزاً كبيراً في الثقافة والمعرفة، فالفن له معارف ومدارس، حتى عرفت مدن بجامعاتها يقصدها الطلبة من دولهم لكسب المعرفة، حيث إن آداب المسالك تختلف بين المدن والقرى والأرياف، كما أن العشائر العربية لها مسالك وعِبر تصل مخالفتها إلى الغضب».

وأوضح أن كل ثقافة لها نظامها وآداب سلوكها، حيث إن السلوك اللائق في ثقافة ما ربما يكون غير لائق في ثقافة أخرى، ففي اليابان، مثلاً، يخلع الناس أحذيتهم قبل دخول المنازل، لكن في معظم البلدان الغربية يوصف سلوك الضيوف الذين يخلعون أحذيتهم بغير المهذب. كذلك سلوك سير الرجل أمام المرأة، تقديراً لمنزلته، وحمايته لها، يختلف من مجتمع إلى آخر، فالمسالك السلوكية قد تختلف في نطاق الثقافة الواحدة.

وأشار إلى مجموعة من القواعد التي تساعد الناس على مسايرة بعضهم البعض، منها ترتيب الملابس بالشكل اللائق، من أجل لقاء الآخرين في تجمُّع أو احتفال.

وأكد خلف أن «حرية الكتابة والقراءة مكفولة، وفي كل العصور كتب الكُتاب ما يشاؤون، بشرط ألا يتعرض أحدهم للسُّلطة الحاكمة بسوء أو بنقد جارح».

وتابع: «عاش الأدب والفن إلى القرن السابع عشر في ظل النظام الملكي وأمراء الإقطاع والنبلاء ورجال الدين، إلا في أحوال نادرة خرج فيها بعض الكُتاب والفنانين عن تلك الدائرة، لكنهم عانوا أقسى ألوان الشقاء على هذا التحدي».

وأوضح أن الفن والأدب كانا يدوران في فلك واحد، غايته المتعة العاطفية الرقيقة، والتصوير الهادئ للعواطف والأحاسيس الإنسانية المعبِّرة عن الحُب والبسالة والتضحية والفداء والولاء.

وأردف: «كان الأدب الكلاسيكي يجد ميدانه الفسيح في مراتع الخيال والفروسية والحُب الأفلاطوني، كما كان الفنانون يصرفون أعوامهم في تسجيل المشاهد الدينية الرائعة وألوان الجمال في عالم الطبيعة والمرأة».

تحرر الأدب

وأشار إلى أن القرن الثامن عشر يُعد علامة الطريق في انتفاضة الأدب الأوروبي من ربقة السيطرة عليه، حيث تحرر كثير من الأدباء والفنانين من البلاط الملكي، وأخذوا يعقدون ندواتهم في الصالونات والمقاهي، كلون من ألوان التمرد والاستقلال، حيث شهد القرن الثامن عشر ازدهار المسرح الفرنسي على يد مولير، وأقرانه، مثل بومارشيه، وغيرهم الكثير.

وقال: «بعد تحرر الأدب الحديث وانطلاقه استمد مقوماته من الواقع، ومن صميم الحياة، بكل صورها وألوانها، إذ إنه ينبع من الوجود ذاته».

وتحدَّث المحاضر عن زعماء الفكر الثوري، بعد أن مهدت الثورة الفرنسية سبيل التحرر من ربقة السيطرة الأدبية، ليظهر الكثير من أدباء العاطفة والخيال، وكان إنتاجهم يتميز بالتأمل والحرية والأفكار العظيمة النابعة من القلب.

ولفت خلف إلى بعض الأعلام من الفلاسفة والأدباء الذين ظهروا في فرنسا، ثم إنكلترا، وغيرهما، وكان لذلك أثر كبير في التيار الفكري الحديث وتطويره، مثل: مونتسكيون، وفولتير، وجان جاك روسو، وكذلك جوته وشيللر، وبلزاك.

وقال خلف في سرده لرموز وأعلام الأدب والفلسفة: «منذ القرن الثامن عشر إلى القرن العشرين، زخرت روسيا وإنكلترا وغيرهما بطائفة من كبار الأدباء والفنانين الذين حطموا القيود، ومضوا في مواكب التحرر، يبثون أفكارهم الجديدة، وينددون بالإقطاع والملكية المطلقة، ويصورون أبلغ تصوير المجتمع الذي يعيشون فيه، وألوان البؤس والشقاء التي تعيش فيها الطبقات الفقيرة». وأضاف: «تحرر الفنانون والأدباء من سيطرة التبعية للبلاط والكنيسة، ومضوا يمهدون الطريق للأفكار الاشتراكية، والاهتمام بحقوق الشعب المغتصب، والمهضومة حقوقه، وقد تبدَّى ذلك في روسيا، من خلال روايات وقصص جوجولو كوبرين، وتولستوي وغيرهما».

وبعد انتهاء خلف من محاضرته، فُتح باب المداخلات مع الحضور، الذين أشاروا إلى ما قدَّمه الأدباء والفنانون للإنسانية من إبداع لا يزال باقياً.