بدأ وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أمس، في واشنطن، سلسلة اجتماعات تثير ترقبا كبيرا يفترض أن تهدف إلى تهدئة التوتر بين واشنطن وبكين، وقد تفضي إلى الإعلان عن زيارة قريبة للرئيس الصيني شي جينبينغ للولايات المتحدة. ويستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نظيره الصيني في اجتماع ثنائي، يليه عشاء عمل مغلق، وفق وزارة الخارجية الأميركية.
واليوم الجمعة، سيزور وانغ يي البيت الأبيض للقاء مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان، وربما الرئيس الأميركي جو بايدن، ولم يتم الإعلان عن أي لقاء بين وزير الخارجية الصيني والرئيس الأميركي، لكن دبلوماسيين توقعوا مثل هذه الخطوة ردا على استقبال الرئيس الصيني شي جينبينغ بلينكن في يونيو الماضي.
وتخوض القوتان الاقتصاديتان الأوليان في العالم منافسة شرسة، وتؤكدان أنهما تريدان إدارة علاقتهما «بمسؤولية».
وقال بايدن، الأربعاء، وإلى جانبه رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، الذي يزور بكين قريبا، «سنخوض منافسة مع الصين بكل الطرق الممكنة، مع احترام القواعد الدولية السياسية والاقتصادية وغيرها، لكنني لا أسعى إلى النزاع»، وطلب من الكونغرس ميزانية إضافية قدرها 7.4 مليارات دولار لمنافسة الصين عسكريا واقتصاديا.
«السكة الصحيحة»
وأعربت بكين، الثلاثاء، عن أملها في أن تعيد هذه اللقاءات العلاقات بين البلدين إلى «السكة الصحيحة». وقال مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الزيارة ستمثل لواشنطن فرصة لحث بكين على اتباع «نهج بناء أكثر».
ووانغ هو المسؤول الصيني الأعلى مستوى الذي يصل إلى العاصمة الأميركية منذ نحو 5 سنوات، في زيارة تستمر حتى السبت، وتجري في ظل التوتر حول ملفات التجارة وأوكرانيا والشرق الأوسط وتايوان والتحركات الصينية في البحر قرب الفلبين.
كما سيتم بحث التقارب بين الصين وروسيا والحرب في أوكرانيا، ومن المتوقع أن تتناول المحادثات أيضا الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في وقت تحشد الدولة العبرية قوات على حدود قطاع غزة، استعدادا لعملية برية في القطاع الخاضع لقصف مركز، ردا على هجوم لحماس في 7 أكتوبر.
وعما إذا كانت زيارة وانغ تعني أن زيارة شي باتت مؤكدة، اكتفى مسؤول أميركي آخر بالقول إن بايدن «أعلن مرات عدة أنه يأمل لقاء الرئيس شي في المستقبل القريب» رافضا الإدلاء بتصريحات إضافية.
ودعا بايدن، الذي التقى شي نوفمبر الماضي، على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في بالي، الرئيس الصيني لزيارة سان فرانسيسكو الشهر المقبل، حيث يتوقع أن تستضيف الولايات المتحدة قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك). لكن خلال تجمع في إطار حملته الانتخابية في كاليفورنيا نهاية يونيو، وصف بايدن نظيره الصيني بأنه «دكتاتور»، في تصريح اعتبرته بكين «استفزازا».
عدم «تطويق» الصين
وفي اجتماع بالصين مع وفد من مجلس الشيوخ الأميركي، برئاسة زعيم الغالبية الديموقراطية تشاك شومر في مطلع أكتوبر، اعتبر الرئيس الصيني أن العلاقات الصينية الأميركية ستكون حاسمة «لمستقبل البشرية».
والمسائل الخلافية كثيرة بين واشنطن وبكين، لاسيما مسألة تايوان التي تؤكد بكين أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها. وتدين الولايات المتحدة أيضا أنشطة بكين في بحر الصين الجنوبي، بما في ذلك الحادث الأخير الذي وقع الاثنين حين اصطدمت سفينتان صينيتان بمركبين فلبينيين قرب جزيرة سيكند توماس شول في جزر سبراتلي.
وحذر بايدن، أمس الأول الأربعاء، من أن «أي هجوم على طائرات أو سفن أو قوات مسلحة فلبينية سيستدعي تفعيل معاهدة الدفاع المشترك مع الفلبين»، مشددا على أن التزام أميركا بالدفاع عن الفلبين لايزال «راسخا» بعدما اتهم الصين بالتصرف «بشكل خطير وغير قانوني» في بحر الصين الجنوبي.
ووقعت عدة مناوشات بين الصين والفلبين في الفترة الأخيرة في بحر الصين الجنوبي، وكان أبرزها في المياه المتنازع عليها حول منطقة سكند توماس شول، وهي جزء من جزر سبراتلي. واصطدمت سفينة صينية بقارب فلبيني الأحد الماضي، وأدانت مانيلا «بأشد العبارات» ما وصفتها بأنها «مناورات العرقلة الخطيرة» التي قامت بها السفينة.
وتبدي الولايات المتحدة، التي تعتبر الصين التحدي الاستراتيجي الرئيسي لها على المدى الطويل، قلقا حيال طموحات بكين التوسعية. ردا على ذلك، تشدد واشنطن على تعزيز تحالفاتها مع آسيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وجزر المحيط الهادئ، بينما ترى بكين في ذلك رغبة في «تطويق» الصين.
وقال بايدن: «نحن لا نطوق الصين. نريد فقط ضمان أن تبقى ممرات الملاحة مفتوحة»، مشيرا إلى أنه «لا ينبغي لأي دولة أن تغير قواعد اللعبة من جانب واحد عندما يتعلق الأمر بالمجال الجوي الدولي أو البحري».
وذكرت وزارة الخارجية الصينية، أمس، أن الولايات المتحدة لا يحق لها التدخل في مشكلات بين الصين والفلبين.
ورداً على سؤال عن تصريحات الولايات المتحدة بأنها ستدافع عن الفلبين، قالت المتحدثة باسم الوزارة ماو نينغ: «الولايات المتحدة ليست طرفا في قضية بحر الصين الجنوبي، ولا يحق لها التدخل في مشكلة بين الصين والفلبين»، مضيفة: «الوعد الأميركي بالدفاع عن الفلبين يجب ألا يضر بسيادة الصين ومصالحها البحرية في بحر الصين الجنوبي، ويجب ألا يؤدي أيضا إلى تمكين وتشجيع المطالبات غير القانونية للفلبين».