أشار الكاتب الصحافي المرموق توماس فريدمان، في مقال رأي في «نيويورك تايمز»، الى أن إسرائيل التي هزمت جيوش 3 دول عربية هي مصر وسورية والأردن في «حرب الأيام الستة» عام 1967، تجد نفسها اليوم تخوض حرباً على 6 جبهات.
ويقول فريدمان إنه لا يمكن لإسرائيل أن تنتصر بهذه الحرب التي يصفها بأنها «الأكثر تعقيداً»، إلا إذا نجحت في أن تشكّل مع الولايات المتحدة تحالفاً عالمياً، مشيراً في هذا الصدد الى أن حكومة بنيامين نتنياهو عاجزة عن وضع «حجر الأساس لاستدامة مثل هذا التحالف».
ويوضح فريدمان أن ما يقصده بالحجر الأساس هو إعلان إسرائيل نهاية توسّع «مملكة المستوطنات» في الضفة الغربية، وإعادة هيكلة علاقاتها مع السلطة الفلسطينية، حيث تصبح شريكاً فلسطينياً موثوقاً ومشروعاً يمكنه حكم غزة ما بعد «حماس»، وصياغة حل أوسع لدولتين.
وينبّه الى أن هذه الجبهات الـ 6 تكاد تنفجر في أي لحظة، لافتاً إلى أنه منذ تولي ائتلاف نتنياهو من اليهود الأرثوذكس والمتعصبين السلطة في ديسمبر الماضي بدأ بالتصرف بطرق ساعدت في الواقع على توحيد الجبهات المناهضة لإسرائيل، من خلال تحدّي الوضع الراهن في المسجد الأقصى، وفرض شروط أكثر قسوة بكثير على الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة والأسرى في السجون الإسرائيلية، ووضع خطط لتوسيع مستوطنات الضفة لمنع قيام دولة فلسطينية.
كذلك رفضت تقديم اي تنازل للفلسطينيين، في إطار مساعي واشنطن لصفقة تطبيع بين السعودية وإسرائيل.
وحسب فريدمان هذه الجبهات الـ 6 هي: أولاً، جبهة الحرب الواسعة النطاق ضد «حماس» داخل غزة وحولها، ثانياً، جبهة إيران ووكلائها الآخرين، أي حزب الله في لبنان وسورية، والميليشيات الإسلامية في سورية والعراق، وميليشيا الحوثي في اليمن.
والجبهة الثالثة هي مجمل شبكات التواصل بشأن من هو الطيّب ومن هو الشرير حيث تكسب الرواية المهيمنة قيمة استراتيجية حقيقية.
ويلفت فريدمان الى أن الجبهة الرابعة هي الصراع الفكري والفلسفي بين الحركة التقدمية الدولية وإسرائيل، منبهاً إلى أن بعض التقدميين في الغرب باتوا يعتقدون أن كل إسرائيل مشروع استعماري وليس فقط مستوطنات الضفة، وأنه لا يحق لليهود «تقرير المصير أو الدفاع عن النفس، سواء داخل الحدود ما بعد 1967 أو ما قبل 1967».
والجبهة الخامسة في الأراضي المحتلة، حيث يهاجم المستوطنون المتشددون الفلسطينيين في الضفة ويعطلون جهود الجيش الإسرائيلي للسيطرة على الوضع بالتعاون مع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، الذي يعترف بحق إسرائيل في الوجود. أما الجبهة السادسة فهي داخل إسرائيل نفسها، في إشارة الى سياسة نتنياهو: فرّق تَسُد.
ويختم بأنه لا يمكن لإسرائيل أن تنتصر على «حماس» في غزة ما لم تولد حكومة وسطية، ويكون لديها الوقت والموارد والشريك الفلسطيني والشرعية اللازمة لذلك.