قصيدة: الراهب بَحِيرا
سبحانَ مَن رفعَ السماءَ كبيرا
وأظلَّ في أرجائها التكبيرا
سبحانه مَن قد تفرَّدَ بالعُلا
واختارَ في ملكوته تدبيرا
ثم الصلاةُ على النبيِّ المُجتبى
المحمودِ، عُطِّرْ باسْمهِ تعطيرا
يا للنبوةِ، يا لها من سيرةٍ
قد شُرِّفتْ في العالمينَ سطورا
مع عمه في عيرِهِ بتجارةٍ
كان المسيرُ إلى الشآمِ صغيرا
بجنوبِ شامٍ كان منزلَ ركبهم
(بُصرى) وفيها في العراءِ (بحيرا)
مُتصومعٌ لم يلتفتْ لقدومهم
لكنْ لشأنٍ قد أرادَ حضورا
فرآهمُ بغمامةٍ في ظلِّها
وتهصَّرَ الشجرُ الذَّلولُ كسيرا
فدعاهُمُ لطعامهِ متسائلًا
عمَّن تخلَّفَ جمعَةً وعبورا
وتمعَّنَ الطفلَ اليتيمَ مؤكدًا
أمرًا رآهُ على الصبيِّ ظُهورا
من ثم قال لعمه: فارجعْ به
واخفِ الغلامَ الطاهرَ المأثورا
هذا الغلامُ نبيُّ آخرِ أمَّةٍ
سيكونُ ذا شأنٍ يُنالُ، خطيرا
قد جاءَ في الأسفارِ من أخبارهِ
فاحذرْ عليه يهودَ والتمكيرا
إن اليهودَ عصابةٌ دمويةٌ
كم قتَّلوا! كم أحدثوا تدميرا!
هم بانتظارِ نبيِّ آخرِ عهدِهم
ظنًّا سيرفعُ شأنهم تقديرا
فإذا نما لعلومهم بقدومهِ
من غيرهم لم يتركوهُ بشيرا
قلِّلْ به الترحالَ حتى لا يُرى
نُصحي إليك، وعُدْ به مخفورا
من ثَمَّ عاد العمُّ بابنِ أخيهِ كي
يبقى بمكةَ خافيًا مستورا
حتى أتاهُ الوحيُ، وهْو بغارِهِ
وتنزَّلَ الملَكُ الجليلُ طهورا
صلى الإلهُ على النبيِّ المصطفى
نورٌ أتى للعالمين نذيرا
والآلِ عِترةِ بيتِهِ وصحابةٍ
صحبوا النبيَّ مجاهدًا منصورا