الحمار والفيل لكلٍّ من اسمه نصيب
اختار الحزب الجمهوري الفيل شعاراً ليبين قوته وجبروته وسيطرته، في حين اختار الحزب الديموقراطي شعار الحمار للدلالة على تحمله وصبره ومثابرته، أما المفارقة فتعود لأن أول من رفعا هذا الشعار قد فازا في الانتخابات.
باختصار الفيل من الحيوانات الضخمة والمحافظة التي تعيش ضمن نظام أسري تضبطه بعض القيم الاجتماعية، كما أنه يتصف بالكبرياء والغرور والهيجان في بعض الأحيان، في حين يعد الحمار من الحيوانات التي تتصف بالعناد والصبر والتحمل والغباء وعدم الخجل والخبث في آن واحد.
تأثير شعار الفيل والحمار على سياسة الحزبين في الإدارة الأميركية كبير، لذلك لا تتعب نفسك في البحث كثيراً عن سلوك الرؤساء، فما عليك سوى النظر لأي الشعارين ينتمي، ومن ثم أطلق لخيالك التنبؤ بتصرفاته.
إذا ما رجعنا إلى تصرفات رؤساء أميركا وجدنا الفرق واضحاً وجلياً بين من ينتمي إلى شعار الفيل ومن ينتمي إلى شعار الحمار، فالأول يعمل على إظهار أميركا القوة التي لا تقهر، ومن يحاول الخروج عن سيطرتها فسيواجه بالشدة دون حساب للعواقب، كما أنه يتصف ببعض القيم الاجتماعية التي تتسم بها جماعات الفيلة، أما صفات الرؤساء المنتمين إلى شعار الحمار فهي كثيرة، وفي مقدمتها الظهور بمظهر الغبي لإخفاء لؤمه وخبثه، فهو يتلذذ في صناعة المشاكل والتفرج عليها كما يفعل مع التنظيمات الإرهابية المتطرفة ثم التنصل منها ودعمه للثورات الزائفة، وبما أن معظم صفات الحمار مذمومة فلا تستغرب إن رأيته يدعم التفسخ الأخلاقي والشذوذ الجنسي، بل التعدي على الكتب السماوية والسخرية منها.
المحصلة النهائية أن السياسة التي يعمل عليها حزب شعار الحمار لا تخرج عن سياسة العصا والجزرة التي تعود عليها ويعرفها كل مربي الحمير، لذلك تجدهم يتعاملون مع شعوب الأرض وفق هذه المعادلة فمن يريد الجزر يلوح له ببعضه ومن يريد العصا فله ذلك أيضاً، في حين يعتمد حزب شعار الفيل على العين الحمراء والطاعة العمياء فقط لا غير.
علاقة الحمار والفيل بالصهاينة
بالرغم من أن الولايات المتحدة الأميركية من الدول التي ترفع شعار الديموقراطية فإن هذا الشعار يتساقط أمام الكيان الصهيوني، وهذا ما يدركه ساسة اليهود بعد فهمهم كيفية ترويض الفيل والحمار والسيطرة عليهما.
الجملة الأخيرة قد لا تخرج من مفهوم الفنتازيا الخيالية إذا ما رجعنا إلى عام 1917 وإلى الوثيقة التي رفعها السير أرثر بلفور الموجهة إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز وجهاء المجتمع اليهودي البريطاني، حينها ستدرك أن هذا الوعد لم يكن بسبب سيطرة اليهود على مواقع القرار ولا بسبب نفوذهم المالي والإعلامي، أو لما تعرضوا له من بطش على أيدي القوات النازية، بل لأن بريطانيا وجدت فيهم ضالتها التي توافقت مع سياساتهم التوسعية آنذاك ورغبتها في تفكيك الدولة العثمانية الضعيفة وضربها والسيطرة والاستحواذ على المنطقة العربية.
وبسبب أفول دولة بريطانيا العظمى بعد الحرب العالمية الثانية وبعد بروز أميركا التي كان لها اليد العليا في إنهاء الحرب لصالح الحلفاء، وكمكافأة لما قدمته، أعطيت لها منطقة الشرق الأوسط لتستحوذ على ثرواتها، والتي وجدت أيضاً باليهود ضالتها، ومن هنا بدأت حكاية الابتزاز والخنوع.
اليهود الصهاينة ورغم كل الترويج لنفوذهم بتصويرهم رأس الحربة، لكنهم في الحقيقة صناعة الغرب وأميركا لا العكس، أو على أقل تقدير القول إن الطرفين قد جمعتهما المصالح وعرف كل طرف ماذا يريد من الآخر، ثم تعاملوا مع هذه المعطيات على الأرض.
ودمتم سالمين.