مع اقتراب موعد الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي السابع عشر المقررة بعد غد الثلاثاء، تخيم الضبابية على مستقبل العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وسط تمسك الفريق النيابي بأولويات بعيدة عن الأجندة الحكومية والإصرار الحكومي على الضريبة الانتقائية التي هي محل رفض نيابي، إضافة إلى الاستجوابات التي يبدو أنها ستكون في تزايد، بجانب الوضع الإقليمي الملتهب وحرب الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة من الكيان الصهيوني.
ويتصدر جدول أعمال جلسة بعد غد استجوابا وزيرة الأشغال العامة د. أماني بوقماز المقدمان من النائبين مبارك الطشة وداود معرفي، وسط توجه كبير لاستجوابات أخرى ستلحق الاستجوابين، ربما تقدم من النائب حمدان العازمي لوزير التجارة والصناعة محمد العيبان، كما أعلن سابقاً، وإعلان النائب د. عبدالكريم الكندري استجواب وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح، إذا تم اعتماد أوراق السفيرة الأميركية الجديدة.
وتأتي تلك الأحداث وسط قائمة كبيرة من القوانين الشعبية انتهت إليها اللجنة المالية البرلمانية مؤخراً، ورفعت تقاريرها إلى مجلس الأمة تريد البدء بإقرارها فوراً، يتعلق أغلبها بزيادات مالية لموظفي الدولة والمتقاعدين، في وقت أبدت الحكومة رفضها لأغلبية مقترحات الزيادات النيابية، نظراً إلى كلفتها المالية المرتفعة والعجز المتصاعد في الموازنة العامة للدولة، وضرورة تأجيلها حتى تتمكن من تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، وعبرت الحكومة عن ذلك من خلال وزارة المالية والمؤسسة العامة للتامينات.
فهذه القوانين، حسب ما يراه المراقبون، من الممكن في حال تمسك النواب بالدفع بها أن تكون الطريق لتأزيم العلاقة بين السلطتين، وكسر التوافق النيابي - الحكومي، لاسيما أنها نفسها التي كانت أحد أسباب حل مجلس الأمة السابق، إضافة إلى مقترحات معالجة قروض المواطنين، والتي لم تأت ضمن أولويات النواب هذه المرة.
في الجانب الآخر، وعلى الصعيد النيابي، ربما سيكون عدم تنسيق النواب حول مناصب المجلس غير منصبي الرئيس ونائبه واللجان البرلمانية العنوان الأكبر على هذا الصعيد، وهذا الأمر سيكون عكس ما حصل من تنسيق نيابي واجتماعات استطاع من خلال 48 نائباً، التوافق على أغلبية المناصب واللجان البرلمانية، لكن هذا التنسيق غاب قبل دور الانعقاد الثاني وسيترك الخيار لكل نائب اختيار لجنته التي يود الترشح إليها، مما سيكون له الاثر الأكبر على عدم تزكية كل أعضاء اللجان كما حصل في دور الانعقاد الأول رغم الانتخابات التي جرت على عدد من اللجان، وهذا ما كشف عنه النائب هاني شمس الذي أكد عدم وجود تنسيق نيابي حتى الآن لمناصب المجلس واللجنة البرلمانية.
وعودة إلى جدول أعمال الجلسة الأولى فستشهد، إضافة إلى الاستجوابين، أداء أعضاء الحكومة الجدد اليمين الدستورية الذين لم يسبق لهم أداءها أمام مجلس الأمة، بعدها انتخاب منصبي أمين السر ومراقب المجلس، ثم تشكيل لجنة الرد على الخطاب الأميري، وصولاً إلى انتخابات اللجان البرلمانية.
على صعيد متصل، كشف النائب هاني شمس أن مجموعة الـ 48 التي بدأت مع انطلاق مجلس 2023 لا تزال متماسكة وانتهت من كل الأولويات الخاصة بدور الانعقاد الثاني الجديد، رغم الاختلاف في بعض وجهات النظر والأولويات الفردية بين النواب.
وقال شمس لـ «الجريدة» إن المجموعة مستمرة في الترتيب والتنسيق البرلمانية لمجلس الأمة والتنسيق على أكبر قدر من القوانين المتفق عليها من نواب مجلس الأمة الثمانية والأربعين، مشيراً إلى أن ما هو مهم في هذا التنسيق والتوافق النيابي أنه على القوانين التي تهم المستوى المعيشي للمواطنين وتقديم كل ما يتعلق بزيادة وتحسين المستوى المعيشي للأسرة الكويتية في جانب والتنمية في الجانب الآخر.
وقال شمس، إن التنسيق لم يقتصر فقط على الجانب النيابي، إنما هناك تنسيق من خلال اللجنة التنسيقية النيابية مع الحكومية، التي تقدمها أيضاً لأولويات هذه المرحلة القادمة.
وأكد أنها المرة الأولى التي تحصل على صعيد مجلس الأمة أن أغالبية مجلس الأمة، 48 نائباً ينسقون مع بعضهم البعض من أجل الوصول إلى الأولويات الحقيقية للوطن والمواطنين.
وأوضح شمس أن هناك اكثر من 100 أولوية تقدم بها نواب الأمة لتكون ضمن الأولويات لكن جلسات مجلس الأمة محدودة، ولايمكن أن يناقش كل هذا الكم في دور انعقاد واحد لذلك اختصرت تلك الأولويات إلى 18 أولوية شهدت توافق 48 نائباً، فضلاً عن الأولويات الحكومية التي تبلغ 14 أولوية مضيفاً أن الباب سيكون مفتوحاً لأي قانون يرى فيه نواب الأمة أنه مهم لإقراره خلال أدور الانعقاد المقبلة.
وقال: نتطلع لأن يكون دور الانعقاد المقبل ناجحاً تشريعياً من خلال إقرار مجموعة من التشريعات المهمة التي تسهم في رفعة الوطن وتعالج مشكلات المواطنين وترفع المستوى المعيشي للأسرة الكويتية، وأيضاً في المقابل لا يمكن أن نصادر حق النائب في الدور الرقابي من خلال استخدام كافة أدواته النيابية والدستورية سواء كان سؤالاً برلمانياً أو تشكيل لجنة تحقيق أو تقديم استجواب لأحد الوزراء في الحكومة، وهذا ما يتضح جلياً من خلال جدول أعمال الجلسة الافتتاحية للمجلس الأمة، التي سيكون فيها استجواب وزيرين في الحكومة من نواب مجلس الأمة.
وزاد شمس بقوله: نحن كنواب سنسمع ما يطرح في الاستجوابين من مرافعة المستجوبين ودفاع الوزيرين وعلى ضوء ذلك نقرر موقفنا.
وأكد أن النائب يطير بجناحين «الرقابة والتشريع» وهو من يستطيع أن يقرر متى يستخدم أدواته الرقابية والتشريعية خلال فترة انعقاد مجلس الأمة.
وشدد على ضرورة التوافق النيابي - الحكومي على الأولويات من القوانين، وإذا كان هناك خلاف أو اختلاف على بعض القوانين المطروحة نحتكم إلى الدستور واللائحة الداخلية وفي النهاية سيكون الأمر لمجلس الأمة، فهو سيد قراراته.
من جهة أخرى، أكد شمس أن الجلسة الخاصة بمناقشة القضية الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية ضد ضد أهل غزة والفلسطينيين هي جلسة مستحقة خاصة مع التوافق النيابي الحكومي والشعبي في دولة الكويت حول هذه القضية ورفض الاعتداءات والانتهاكات الصهيونية ضد أشقائنا في فلسطين، مشيراً إلى أن مجلس الأمة أبى إلا أن يكون له موقف ضد الممارسات الصهيونية تجاه الآمنين في فلسطين، مبيناً «أننا من خلال البرلمان الكويتي ندعو كل البرلمانات وأحرار العالم من أجل نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم ووقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان غزة الفلسطينية».
وقال إن الهدف الأسمى هو خروج الصهاينة من فلسطين لتعود القدس العاصمة الأولى لدولة فلسطين العربية.
وأكد شمس أن التنسيق حول مناصب المجلس واللجان البرلمانية قبل دور الانعقاد الحالي لم يحدث ولم يكن كما كما حصل قبل دور الانعقاد الأول، وتُرك الخيار لكل نائب باختيار المنصب الذي يريده واللجنة التي يفضل الدخول فيها.
وأضاف أن النية تتجه إلى ترشحي لمنصب مراقب المجلس واللجنة الصحية متمنياً «أن تكون أغلبية اللجان البرلمانية من خلال التزكية، كما حصل في دور الانعقاد الماضي، متوقعاً في الوقت نفسه بأن أغلبية أعضاء اللجان سيستمرون في لجانهم لممارسة دورهم الذي بدأوه في دور الانعقاد الأول، واستكمال المقترحات والقوانين التي بدأوا في مناقشتها كي لايعود الاعضاء الجدد إذا دخلوا هذه اللجان للبداية من نقطة الصفر.
ووجه شمس رسالة إلى رئيس الوزراء قال فيها: نحن أمام فرصة تاريخية خلال التوافق التوافق النيابي - الحكومي، الذي يجب ان يترجم فعلياً على أرض الواقع، مشيراً إلى أن الشارع الكويتي متأمل بشكل كبير بأن توافق الحكومة والنواب سيكون سيد الموقف خاصة بشأن القوانين التي تعالج الوضع المعيشي وتدعم الأسرة الكويتية وتحقق التنمية في مختلف المجالات والعمل الجاد لوقف الانحدار والهدر الذي حصل في السنوات الماضية والانطلاق نحو كويت جديدة تعتمد على تحسين ورفع المستوى المعيشي المواطنين والإصلاح السياسي لذلك نحن بحاجة ماسة لأن يخرج التوافق النيابي - الحكومي بهذه التشكيلة من القوانين من أجل إسعاد الشعب الكويتي.
وزاد قائلاً: إن تحسين المستوى المعيشي للمواطنين من الأولويات، لكن يجب أن يصاحب ذلك قرارات حكومية أو قوانين تسهم في ضبط الأسعار، بحيث انه إذا لم يكن هناك ضبط لارتفاع الأسعار فلن تأتي هذه القوانين بثمارها، مشدداً على ضرورة أن تؤدي الحكومة دوراً مهماً في حماية المواطن، وحماية المستهلك على هذا الصعيد.