الأصول التاريخية للدغدغة السياسية
دغدغ أو لم يدغدغ... يقرص ويضرب بعرض الحائط ميزانية الدولة ويزيد من ثقوبها الواسعة أساساً أو لم يفعل، فالنتيجة لن تتغير في النهاية، هو النائب شعيب المويزري، رئيس لجنة الشؤون المالية في مجلس الأمة، الذي صرح بعزم اللجنة على «... رفع الحدود الدنيا للمعاشات التقاعدية، وزيادة القرض الحسن من سبعة أمثال المعاش إلى 21 وزيادة علاوة غلاء المعيشة إلى 250 ديناراً وزيادة علاوة الأولاد... إلخ، والحبل على الجرار».
لن يؤثر الطرح السابق في زيادة شعبية النائب وشعبية النواب الذين يلقبونهم بـ «الشعبويين»، فهم حسب هذا الوصف يسعون دائماً إلى لعبة «الدغدغة»، أي تفريح مشاعر وتطلعات الجمهور.
«دغدغة» كلمة استُهلكت تماماً من كثرة استعمالها قبل النخب الاقتصادية والإعلام الذي يسيطر عليه أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، وبالتأكيد المعترض على مشاريع هؤلاء النواب، وهم الأكثرية، وحتى من يخالفهم في المجلس لن يجرؤ على إظهار معارضته، فالصوت الانتخابي هو السيد الآمر، وفي النهاية لا فرق في عالم الريع الاستهلاكي بين «الضرورات» اللازمة للمواطن وغير المواطن، وبين اللعب في أحلامه الاستهلاكية، فكله صابون، والمهم أن نحيا اليوم بعد أن شبعنا من قضايا الفساد والهدر المالي من السلطات التنفيذية المتعاقبة وجهازها الإداري الرخو المتآكل، أما الغد فدعوه لعلم الغيب.
لماذا حددنا «الشعبوية» بنواب المجالس شبه الديموقراطية التي مرت على الدولة، الشعبوية أي تكسب الرضا من الناس، هي ابتداع وخلق السلطة الحاكمة منذ أيام التثمين في خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم إذا تابعنا نهج تكسب الولاءات لزيادة قوة وشعبية هذا الشيخ في مقابل الشيخ الآخر المنافس له في المنصب... فهذا الشيخ ما قصر وذلك الشيخ ما قبضنا منه شي... وتظل الحكاية باقية ما دام النفط ينبض بالحياة والوعي مخدر بأفيون اللامبالاة للمستقبل.