القادمون الجدد

نشر في 30-10-2023
آخر تحديث 29-10-2023 | 19:17
إن القيم والأفكار التي يؤمن بها معظم القادمين الجدد، ستؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع ككل!! إذا لم نجد ونعمل على كل المستويات والمؤسسات للحد من آثارها المدمرة!
 د. محمد الدويهيس

عاش أهل الكويت على أرض صحراوية وبيئة بحرية فرضت عليهم الجد والاجتهاد في طلب الرزق ومكافحة أخطار الصحراء وأهوال البحار ونمطاً من الحياة الاجتماعية التكافلية، وعلى مر السنين احتفظ الكويتيون بهذه الصفات جيلا بعد جيل، وبعد اكتشاف النفط وزيادة دخل المواطنين، وزيادة الرفاهية في مختلف مناحي الحياة، وتوافد الوافدون من كل حدب وصوب، حيث بدأ القادمون الجدد بالظهور شيئاً فشيئاً، تبدلت أنماط الحياة الاجتماعية، وتغيرت السلوكيات، واندثرت العديد من العادات الطيبة الكويتية والقيم الإنسانية والمفاهيم الاجتماعية السامية، وبدأ جيل جديد من المواطنين والوافدين بقيم جديدة وعادات وسلوكيات مختلفة تماماً عما كان يؤمن به الآباء والأجداد!!

إنها قيم «الماك جكن» وقيم «الفيزا والكفيل» و«ديرة بطيخ» وأصبح لهذه القيم مع الأسف الشديد الكثير من المنظرين والمدافعين والمتحمسين لها، بل إن بعضهم يتّهمك بالتخلف والرجعية في بعض الأحيان، والعنصرية في أحيان أخرى، و«عدم فهم الحياة والجهل» في أقلها اتهاماً، إذا لم تكن متفقاً ومسايراً لأفكاره وقيمه الجديدة!!

نعم إنهم القادمون الجدد، جيل النفط وجيل عصر التكنولوجيا الرقمية: الغالبية العظمى منهم يستعجلون النجاح يريدون تنمية بدون عمل، وخدمات تصل للبيت أو غرف النوم بدون جهد أو تعب!! وبعضهم يريدون مخالفة القوانين بدون عقاب أو حساب، يريدون درجات علمية ومناصب إدارية وقيادية بناءً على العائلة والطائفة والقبيلة والحزب، يؤمنون بأن الواسطة فوق الجميع وفي كل شيء، الغالبية من القادمين الجدد يريدون أن يأخذون أكثر مما يعطون سواء للوطن أو للمجتمع أو للأسرة!! الغالبية العظمى من القادمين الجدد سواءً كانوا مواطنين أو وافدين لا يؤمنون بالقوانين والنظام، والأغرب أن بعضهم يفسر ذلك بأن هذه نظم وضعية وبعضهم الآخر يؤمن بأنها «ديرة بطيخ» و«وما في الحمض أحد» و«بلد سائبة»!! ويعتمد أغلب القادمين الجدد على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في اتخاذ قراراتهم!! يستغلون أخطاء المجتمع والممارسات المغلوطة بالأجهزة والدوائر الحكومية لتبرير المخالفات والأعمال التي يقومون بها!

إن الشعارات والحكم التي يؤمن بها أغلب القادمين الجدد من مواطنين ووافدين تتفاوت بين «الله لا يغير علينا» و«من صادها عشا عياله» و«أهرش» و«اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، لقد ابتلينا يا سادة يا كرام بثقافة «وأنا مالي» و«أنا كويتي» و«أنا كيفي»!

لقد ضعفت قيم الوطنية وقيم الإخلاص والجد والاجتهاد والاستقامة والحياء، واحترام الصغير للكبير، وعطف الكبير على الصغير، وتعاظمت وانتشرت قيم القادمين الجدد التي تمثل في أغلبها الاعتماد على الآخر، والدعة والكسل، والواسطة، وعدم احترام القوانين والنظم والعادات الاجتماعية المتوارثة جيلاً بعد جيل!!

جيل القادمين الجدد هو جيل التكنولوجيا وعندما استخدم التكنولوجيا الحديثة فرحنا وسعدنا بذلك، وعندما تطورت التكنولوجيا وصغرت بأحجامها وزادت فعاليتها، نجد أن أغلب القادمين الجدد وجيل «الماك جكن» كبرت أجسامهم وكثر نومهم وقلت فعاليتهم!!

إن ظاهرة القادمين الجدد بدأت تنتشر بشكل واسع، وهذا لا يعني أن كل الجيل الجديد يتصف بالصفات السلبية السابقة الذكر، حيث إن هناك جيلاً جديداً يبشر بالخير لكن نسبته صغيرة، ولم يُعط الفرصة في ظل هذه القيم والأفكار الهدامة ولم يجد التشجيع والاهتمام من قبل الدولة ومؤسساتها!

إن القيم والأفكار التي يؤمن بها معظم القادمين الجدد، ستؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها علي مستوى الفرد والأسرة والمجتمع ككل!! إذا لم نجد ونعمل على كل المستويات والمؤسسات للحد من آثارها المدمرة!!

أتمنى أن تجد هذه الخاطرة الاهتمام من المسؤولين وراسمي السياسات الاجتماعية والاقتصادية ومن يهمهم أمر هذا الوطن الحبيب.

ودمتم سالمين.

back to top