تتعرض الشركات الإسرائيلية لاهتزازات عنيفة بسبب الحرب ضد «حماس»، بداية من المطاعم الصغيرة إلى شركات التكنولوجيا المتقدمة وحقول الغاز الكبرى التي تديرها شركة شيفرون.

ويقارن الكثيرون عمليات إغلاق الاقتصاد الإسرائيلي البالغ حجمه 520 مليار دولار بجائحة كوفيد - 19، حيث أصبحت المدارس والمكاتب ومواقع البناء فارغة أو تفتح لبضع ساعات فقط في اليوم. وحشدت إسرائيل عددا قياسيا من جنود الاحتياطي بلغ 350 ألف جندي قبل هجومها البري على غزة، مما أدى إلى استنزاف نحو 8 بالمئة من قوة العمل.

Ad

وقد أدى الاستدعاء العسكري والتجميد الاقتصادي الجزئي إلى انهيار مفاجئ في النشاط وقلب كل شيء من الأعمال المصرفية إلى الزراعة، وهو ما يكلف الحكومة ما يعادل 2.5 مليار دولار شهريا، وفقا لمزراحي طفحوت، (أحد كبار المقرضين الإسرائيليين)، وحذّر البنك المركزي من أن التأثير سيتفاقم كلما طال أمد الصراع.

وأصبحت الأسهم الإسرائيلية هي الأسوأ أداء في العالم منذ اندلاع الحرب. وانخفض المؤشر الرئيسي في تل أبيب بنسبة 16 بالمئة من حيث القيمة الدولارية، مع خسارة نحو 25 مليار دولار من قيمته.

وانخفض الشيكل إلى أضعف مستوى له منذ عام 2012، على الرغم من إعلان البنك المركزي عن حزمة غير مسبوقة بقيمة 45 مليار دولار للدفاع عنه، ويتّجه نحو أسوأ أداء سنوي له هذا القرن. وارتفعت تكلفة التحوّط ضد المزيد من الخسائر.

ويتوقّع بنك جي بي مورغان أن ينكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 11 بالمئة هذا الربع على أساس سنوي.

وباتت الصراعات الأخيرة التي خاضتها إسرائيل - بما في ذلك صراع عام 2006 مع حزب الله المتمركز في لبنان وآخر مع «حماس» عام 2014 واستمر حوالي 7 أسابيع وتضمّن هجوماً برياً على غزة - «بالكاد أثّرت على النشاط، حسب ما قال محللو بنك جيه بي مورغان في 27 الجاري، لكنّ «الحرب الحالية كان لها تأثير أكبر بكثير على الأمن والثقة الداخليين».

اختبار المرونة

ووجد استطلاع أن التعطيل الأولي كان شديداً لدرجة أن 12 بالمئة فقط من المصنّعين الإسرائيليين كانوا في الإنتاج الكامل بعد أسبوعين من الحرب. وأشار معظمهم إلى نقص الموظفين باعتباره أكبر مشكلة لديهم.

وسوف تختبر الحرب قدرة إسرائيل على الصمود إلى أقصى الحدود، وقالت الحكومة إن العجز المالي قد يزيد عن مثلَي توقعاتها السابقة هذا العام والعام المقبل. وأصدرت كل من وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية، ووكالة موديز لخدمات المستثمرين، وفيتش للتصنيفات الائتمانية، تحذيرات بشأن توقّعات ديون البلاد، مما جعلها أقرب إلى التخفيض الأول على الإطلاق.

وقيّدت إسرائيل العمل وأغلقت المدارس، وقصرت التجمعات الداخلية على 50 شخصا في معظم أنحاء البلاد. ومع بداية المناوشات مع حزب الله، تم إخلاء العديد من القرى والبلدات في المنطقة الشمالية المتاخمة للبنان. وبين تلك المناطق والمجتمعات المحيطة بغزة إلى الجنوب، أُجبر أكثر من 120 ألف إسرائيلي على مغادرة منازلهم.

وانهار إنفاق الأسر، مما أحدث صدمة كبيرة لقطاع المستهلكين الذي يمثّل نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي.

وانخفض الاستهلاك الخاص بنحو الثلث في الأيام التي تلت اندلاع الحرب، مقارنة بمتوسط أسبوع في العام الحالي، وفقا لغرفة مقاصة نظام المدفوعات (شفا). وانخفض الإنفاق على بنود مثل الترفيه والتسلية بنسبة تصل إلى 70 بالمئة.

وفقاً لأحد المقاييس، كان الانخفاض في مشتريات بطاقات الائتمان أكثر خطورة مما شهدته إسرائيل في ذروة الوباء عام 2020، وفقاً لبنك «لئومي»، ومقره تل أبيب.

من جانبه، قال رئيس اتحاد الشركات الصغيرة، روي كوهين: «صناعات بأكملها وفروعها لا تستطيع العمل. «لقد قرر معظم أصحاب العمل بالفعل منح موظفيهم إجازة غير مدفوعة الأجر، مما أثر على مئات الآلاف من العمال». وكانت إسرائيل قد دخلت أسوأ صراع مسلّح لها منذ 50 عاماً باقتصاد كان مدعوماً بصادرات التكنولوجيا واكتشافات الغاز الطبيعي البحرية على مدى العقدين الماضيين. وارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 55 ألف دولار، متجاوزا دولاً مثل المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا.

وقد حولت الثروة الموارد المالية للحكومة، وأدت إلى سنوات وسنوات من فوائض الحساب الجاري. وسمح ذلك للبنك المركزي بجمع نحو 200 مليار دولار من الاحتياطيات، أي زيادة بنحو 7 أضعاف منذ عام 2008.

ممولو التحوط يقودون احتجاجات

وقد بدأ بعض التألق يتلاشى هذا العام عندما أثارت خطط ائتلاف نتنياهو - الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل - لإضعاف سلطة القضاء احتجاجات حاشدة وردعت الاستثمار الأجنبي.

والآن، مع سيطرة التخطيط للحرب والأمن على أجندة الحكومة، تتزايد الضغوط من أجل الإغاثة الاقتصادية. وتعهّد وزير المالية بتسلئيل سموتريش بتحفيز أكبر من ذلك الذي حدث خلال جائحة فيروس كورونا.

لكنّ المشرعين وأصحاب الأعمال انتقدوا برنامج الدعم - الذي تم تحديده في الأصل بـ 4.5 مليارات شيكل (1.1 مليار دولار) لشهر أكتوبر، وربما أكثر من 3 أضعاف ذلك في وقت لاحق - باعتباره غير كافٍ. ويحتمل أن تصل التكلفة الاقتصادية للصراع إلى 27 مليار شيكل على الأقل، وفقاً لبنك هبوعليم، أو 1.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل.