على مدار ثلاثة أيام من الأسبوع الماضي تشرفت على المستوى الشخصي بالمشاركة في ملتقى رواد (طلائع) العلوم والهندسة والطب التاسع ما بين العلماء العرب والأميركيين في دولة قطر الشقيقة، وكما عودنا دائماً أهلنا في قطر بالاهتمام على مستوى كرم الضيافة والترتيب الفائق الدقة والعناية بأدق التفاصيل بالإضافة إلى استمرار اهتمامهم وإيمانهم والاستثمار بالخطط الطويلة والقصيرة المدى بالعلم والبحث العلمي والعلماء، فقد كان الافتتاح الخاص بالملتقى برعاية وحضور سامٍ من كبار شخصيات الدولة على رأسهم نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع القطري د.خالد العطية، ووزيرة التربية والتعليم القطري بثينة النعيمي، ووزير البيئة والتغير المناخي القطري د.فالح آل ثاني، ولفيف من كبار الشخصيات الإدارية والعلمية والساسة أيضا.
وهذا كله إن دلّ إنما يدل على مكانة البحث العلمي والاهتمام البالغ لدى قيادة قطر بهذه المجالات، خصوصاً أن الدولة هناك ترعى الخطط المستقبلية في الهندسة بكل فروعها والعلوم والطب، أما على صعيد التنظيم فقد نال هذا الشرف، وأقول شرف التنظيم والرعاية نسبة لنجاح الملتقى وما لامسته من نتائج على الأرض، جامعة تكساس للزراعة والميكانيكا (فرع دولة قطر) وجامعة حمد بن خليفة والأكاديميات الوطنية. ورغم أن هذه هي النسخة التاسعة لهذا الملتقى فإن هذه المرة وعلى صعيد الملتقيات والمؤتمرات فقد لامست اهتماما وجب رفع القبعة له في اختيار النخب العلمية المشاركة فيه، وكذلك محاور النقاشات العلمية الرئيسة، لا سيما فيما يتصل بنزع الكربون والطب الدقيق والحوسبة والذكاء الاصطناعي، ورغم ملازمتي للمنظمين وكرم ضيافتهم اللا متناهي فيجب أن أشيد مرة أخرى بالاهتمام الذي لامسته منهم، خصوصاً في تطوير العلاقات الثنائية على المستوى العلمي.
وهنا عزيزي القارئ يكمن مربط الفرس، فلم يلاق الملتقى كل هذا النجاح إلا بسبب وضع خطط دقيقة مدروسة تلامس الحاجة للدولة، وتشجيع من أعلى هرم القيادات الإدارية بنهضة المنظومة الهندسية والطبية، فما كان حلما في السابق لدى العديد من دول المنطقة هو الآن واقع يتجسد على شكل مدينة تعليمية وطبية على أرقى المستويات، تضم داخلها أفرع جامعات ومستشفيات عالمية تُعنى بالمنظومة التعليمية من جانب، والرعاية الصحية والبحث العلمي من جانب آخر.
ولن أذكر أسماء بعينها لهذه الجامعات والمراكز خشية سقوط اسم إحداها سهواً، لكن المقصود هو وجود ملموس على الأرض لتبادل الخبرات والعمل الحثيث مع كيانات علمية عالمية داخل الدولة، وهذا الأمر وجب الاستفادة منه بل يجب أن يكون حجر زاوية في أي عمل مستقبلي داخل أي دولة تطمح لتطوير العمل بحسب حاجاتها.
وهذا أيضاً يجرني إلى لفت الانتباه إلى أن دولة قطر الشقيقة الآن لديها وزير معني بالتغير المناخي والبيئة ذو مسؤوليات واضحة متعلقة بجهة البحث والتطوير العلمي (وهو أمر أشهد عليه شخصياً لحضوري ورشة علمية برعاية الوزارة سابقاً) وملف نزع الكربون من جهة أخرى، وهو ما يعطي الانطباع بوضوح أن الدولة وفي أعلى مستوياتها ملتزمة بخططها بنزع الكربون وحياده.
الخلاصة هنا أن التجربة القطرية على مستوى الدولة انعكست بنجاح على الأرض والاهتمام بتطوير المنظومة العلمية التي وجب الاستفادة منها الآن على الصعيد الدولي، فتهانينا للأشقاء في الدوحة مرة أخرى، وأتمنى استمرار إبداعهم لما فيه مصلحة المنظومة الخليجية بشكل عام.