القطاع الخاص الكويتي وقيادة التنمية

نشر في 01-11-2023
آخر تحديث 31-10-2023 | 19:02
 د. محمد الدويهيس

ركزت الخطط الاستراتيجية لدولة الكويت منذ التحرير وحتى وقتنا الحاضر على أهمية مشاركة القطاع الخاص في المشاريع التنموية، فقد أكدت الخطة الخمسية 2009- 2014 على أهمية دور القطاع الخاص فوضعت الدولة أحد الأهداف الاستراتيجية الرئيسة في الخطة الخمسية 2009-2014 هو قيادة القطاع الخاص للتنمية، وقد نص الهدف الثاني من أهداف الخطة على أن «القطاع الخاص يقود التنمية وفق آليات محفزة» كما أن الرؤية الاستراتيجية لدولة الكويت 2035 هي «تحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار يقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي».

لا يختلف اثنان على أهمية القطاع الخاص في التنمية ومشاركة القطاع الخاص في المشاريع الاستراتيجية التي تهدف الدولة لإنجازها خلال خطط ومراحل التنمية، بل إن عدم مشاركة القطاع الخاص بحد ذاته في العملية التنموية يعدّ قصورا في البصر والبصيرة قبل أن يكون قصورا في الإدارة والتنظيم!!

ولكن بعد هذه السنوات والخبرات المتراكمة والممارسات التي تمت ألا يحق لنا أن نسأل أنفسنا: هل القطاع الخاص الكويتي يتمتع بالكفاءة المهنية والإدارية التي تجعلنا نثق بالقطاع الخاص ليس لإعطائه دوراً أكبر في المشاركة في المشاريع التنموية فقط، بل أن يكون قائداً للتنمية؟! وهل هذا القطاع قادر على قيادة نفسه قبل أن نوكل إليه قيادة التنمية في دولة الكويت؟!

هذه الأسئلة ستثير كثيراً من المدافعين عن أهمية القطاع الخاص الكويتي ودوره، وتثير غضب بعض أصحاب المصالح الخاصة الذين يتمتعون بحماية ورعاية وضمان الدولة لكثير من مشاريعهم الرديئة والمتعثرة بسبب ضعف الرقابة والتساهل في المتابعة الدقيقة من قبل الدولة!! بل إن بعض المتنفذين سيصبون جام غضبهم على ما أثرته في هذا المقال، وسيحاولون بكل الأساليب والطرق ومن خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة الدفع بعدم دقة وصحة ما ذهبت إليه!! بل إن بعضهم سيلقي اللوم على الحكومة وأجهزتها التنفيذية وسوء الإدارة الحكومية وتعقد الإجراءات وطول الدورة المستندية لإقرار المشاريع الحكومية واعتمادها، بالاضافة إلى تعدد التشكيلات الحكومية وقصر عمرها!! علاوة على التردد في اتخاذ القرار الحكومي، بل إنهم سيحاولون خلط الأوراق حتى يبعدوا عن القطاع الخاص الكويتي أي شك أو رأي يقلل من كفاءته وتميزه، وذلك من خلال مقارنتهم لأداء القطاع الخاص الكويتي مع بعض والوزارات والجهات والإدارات ذات الأداء السيئ في القطاع الحكومي!! في حين سيركز بعضهم على المعوقات والمشاكل الإدارية والفنية التي يعانيها الجهاز الحكومي بشكل عام حتى يكون ذلك مبرراً مقنعاً لعدم قيام القطاع الخاص الكويتي في دوره بالتنمية وقيادتها!!

من خلال عملي في الجهاز الحكومي لأكثر من 30 عاماً وكذلك تعاملي مع القطاع الخاص بصفتي موظفاً حكومياً أو من خلال عملي في بعض المؤسسات والهيئات الحكومية في مجال الاستشارات الإدارية والتدريبية خلال 25 سنة مضت أستطيع أن أقول إن القطاع الخاص الكويتي ليس مؤهلاً علمياً وتنظيمياً وإدارياً وفنيا وسياسياً وبشرياً واجتماعياً لقيادة التنمية في دولة الكويت!! بل إن بعض المؤسسات في القطاع الخاص تعد معوقة للتنمية والمشاريع التنموية، وتمارس الاحتكار، وبعضها الآخر يقدم مصالحه الخاصة على مصلحة الدولة، وآخر ما تفكر فيه هو المصلحة العامة والتنمية بدولة الكويت! ويجب أن يكون معلوماً للجميع بأن ذلك لا ينطبق على جميع مؤسسات وشركات القطاع الخاص الكويتي والعاملين فيها!! حيث إن هناك العديد من الشركات المؤهلة والناجحة والقيادات الإدارية ورجال الأعمال الصادقين والمصلحين والمؤهلين في القطاع الخاص الكويتي الذين يحرصون على مصلحة الكويت ويقدمونها على مصالحهم الخاصة! لكنهم يعانون من الضغوط السياسية والاجتماعية وأساليب الاحتكار والمنافسة غير الشريفة من بعض الفاسدين والمفسدين في القطاعين العام والخاص على حد سواء!!

لذا يجب علينا أن نتأكد من سلامة وكفاءة مؤسسات القطاع الخاص وحرصه على مصالح الدولة قبل أن نسلم له قيادة التنمية بدولة الكويت لأن أغلب المؤشرات والممارسات التى قام ويقوم بها القطاع الخاص خلال السنوات العشرين الماضية لا تجعلنا نطمئن بشكل كبير على كفاءته وشفافيته ودوره في قيادة التنمية وحرصه على مصالح الدولة بشكل مقنع للجميع!

ودمتم سالمين.

back to top