قال وزير الخارجية الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح اليوم الأربعاء إن المشهد السائد في قطاع غزة يبعث على الكثير من الألم والغضب في قلوبنا جميعا.
وأضاف الشيخ سالم الصباح في كلمته خلال جلسة مجلس الأمة الخاصة لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة أنه في الأيام القليلة الماضية انطلقت آلة الكيان الغاصب بالقتل والتنكيل على قطاع غزة الأبي فقتلت الآلاف من الأبرياء العزل معظمهم من الأطفال والنساء كما هجرت مئات الآلاف من الأسر ودمرت عشرات الألوف من المنازل وأعطبت البنى التحتية الأساسية فضلاً عن التسبب باحتضار الأمل بالحاضر والمستقبل.
وأوضح أن الاحتلال الغاصب منذ عام 1948 يظن أن ترسيخ كيانه يكون عن طريق إخلاء الأرض بتهجير أهلها ورميهم في سنين من الضياع والنسيان «فما كانت النتيجة؟»، مشيداً بتمسك الفلسطينيين بهويتهم الأصيلة وقضيتهم المحقة عبر الأجيال تلو الأجيال أمواتاً وأحياء.
ولفت إلى استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في غيها بشن عشرات الحروب الكبيرة والصغيرة على الشعب الفلسطيني الشقيق متناسية بذلك فشلها في إخضاع شموخه أو كسر إرادته وفشلها أيضاً في محو هذه القضية المحورية من وجدان شعوبنا العربية والإسلامية وشعوب العالم الحر المحبة للعدل والسلام.
وأكد الشيخ سالم الصباح سعي دولة الكويت منذ استقلالها ومن خلال سياستها الخارجية المشهود لها بألا يكون ذلك الفشل بعيداً عن إدراك المجتمع الدولي وإرادته في تحقيق السلام الذي لن يكون إلا من طريق واحد.. طريق التسوية الشاملة والعادلة..طريق الحرية لشعب فلسطين الحبيبة.
ولفت إلى أن الغليان في العالمين العربي والإسلامي سببه تعنت الكيان الغاصب وازدواجية المعايير في التعامل مع هذه القضية العادلة لتبدأ شعوبنا بالتساؤل فيما بينها مطلقاً عدة تساؤلات «لماذا حياة إخواننا الفلسطينيين رخيصة في عيون الضمير العالمي؟، ولماذا ترتكب بحقه دون سواه المجازر المتمادية دون رادع أو محاسب؟ ولماذا يفلت الجاني دوما من العقاب؟ ولماذا يكون القانون الدولي الانساني حبراً على ورق عندما يتعلق الأمر بهم؟ ولماذا يطبق القانون الدولي بانتقائية؟».
وأكد وزير الخارجية أن تلك التساؤلات المحقة لن تتوقف بل ستستمر «طالما لم ينل الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة في دولته المستقلة».
وقال إن ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي يضرب بعرض الحائط كافة القوانين والقرارات الدولية ويمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية «مما يجعلنا في حيرة من أمرنا جراء هذا الصمت المطبق والمريب للمجتمع الدولي وعجزه غير المبرر عن القيام بدوره في إيقاف هذه الجرائم والانتهاكات»، فضلاً عن ممارسة الكيان المحتل بصورة فاضحة لازدواجية المعايير حيال تطبيق قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني «ناهيكم عن شلل مجلس الأمن وعدم تمكنه من الاضطلاع بدوره في حفظ الأمن والسلم الدوليين».
وأكد أن دولة الكويت ما زالت منذ بداية الأحداث في غزة تقوم بما يمليه عليها ضميرها الحي ومسؤولياتها تجاه عدالة القضية الفلسطينية عن طريق حشد الدعم الإقليمي والدولي لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة من أجل الوقف الفوري لكل العمليات العسكرية وتوفير الحماية الدولية لأهلنا في غزة وفتح الممرات لإيصال المساعدات الإنسانية الإغاثية ورفض التهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني وضمان عدم اتساع رقعة الصراع.
واستعرض الشيخ سالم الصباح إجراءات دولة الكويت منذ عدوان الاحتلال الإسرائيلي حيث تم إجراء العديد من اللقاءات والاتصالات مع عدد كبير من وزراء خارجية ومسؤولي الدول الشقيقة والصديقة والدول المؤثرة في سبيل وقف هذه الاعتداءات فوراً ووضع حد لها.
ولفت في هذا الصدد إلى المشاركة في كل القمم والمحافل الإقليمية والدولية المتعلقة بالأحداث المأساوية التي يشهدها قطاع غزة ومنها على السبيل المثال لا الحصر الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي الذي عقد يومي 9 و10 أكتوبر الماضي في مسقط والدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بتاريخ 11 أكتوبر الماضي في القاهرة.
وأشار وزير الخارجية أيضاً إلى الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوزاري الخليجي بتاريخ 17 أكتوبر الماضي في مسقط والاجتماع الاستثنائي للجنة التنفيذية لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بتاريخ 18 أكتوبر الماضي في جدة.
ولفت كذلك إلى مشاركة الكويت في قمة القاهرة للسلام المنعقدة بتاريخ 21 أكتوبر الماضي وأكد خلالها ممثل صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله أن هذه المأساة هي نتيجة عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حل عادل وشامل ونهائي لهذه القضية وعجزه أيضاً عن ردع سلطات الاحتلال الإسرائيلية التي ما زالت ترى بأنها فوق القانون الدولي.
كما أكد الشيخ سالم الصباح أن وزارة الخارجية أصدرت العديد من البيانات التي تُدين وتشجب العدوان الجائر على قطاع غزة كان آخرها البيان الصادر صباح اليوم الذي تضمن إدانة وشجب دولة الكويت بأشد العبارات العدوان الذي شنته قوات الاحتلال على مخيم جباليا في قطاع غزة المحاصر الذي تسبب بسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين الأبرياء.
وبيّن أن الخارجية تحركت ضمن المجموعة العربية والمجاميع الإقليمية والدولية في الأمم المتحدة في نيويورك ومع الدول الأعضاء في مجلس الأمن بهدف استصدار قرار يؤدي إلى وقف فوري للعمليات العسكرية وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية وعندما تعذر ذلك صار التحرك في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي انتهى إلى اعتماد قرار يدعو إلى هدنة إنسانية فورية مستدامة في قطاع غزة.
كما استعرض الجهود فيما يتعلق بالشق الإنساني «فقد صدرت أوامر سامية من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وبتوجيهات مباشرة من سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله وبمتابعة من سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء بتسيير جسر جوي لإغاثة الأشقاء الفلسطينيين بقطاع غزة بتاريخ 23 أكتوبر الماضي الذي تضمن مساعدات إغاثية ومواد وأجهزة طبية وسيارات للإسعاف الطبي حيث وصل عدد الرحلات الإغاثية حتى اليوم إلى 10 رحلات وبحمولة تفوق 350 ألف رطل من المساعدات الإنسانية المختلفة».
وأشاد بمشاركة أبناء الكويت لتلبية نداء الحملة الوطنية التضامنية مع الشعب الفلسطيني الشقيق والتي انطلقت بتوجيهات من مجلس الوزراء والتنسيق بين وزارتي الخارجية والشؤون وبالتعاون مع الجمعيات الخيرية والإنسانية تحت عنوان «فزعة لفلسطين» تم من خلالها جمع مبلغ يفوق 3 ملايين دينار كويتي (نحو 9.9 ملايين دولار) ليسطروا مجدداً أروع صور التضامن واللحمة العربية والإسلامية.
وأكد الشيخ سالم الصباح أن دولة الكويت دعت في 24 أكتوبر الماضي إلى عقد دورة استثنائية برئاستها للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان لبحث سبل مواجهة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
كما جدد موقف دولة الكويت التاريخي الرسمي والشعبي والذي كان منذ البداية واضحاً في رفض وإدانة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ودعم الحق الفلسطيني فقد قدمت دولة الكويت كل أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي.
ولفت إلى أن الكويت كانت منطلقاً لبداية النضال الفلسطيني وصوتاً عالياً بالدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة في جميع المحافل العربية والإقليمية والدولية ومؤكدة على أن حقوق الشعب الفلسطيني لن تسقط بالتقادم.
وقال وزير الخارجية إن موقف دولة الكويت ثابتة حيال القضية الفلسطينية والمتمثل في التأكيد على دعم الشعب الفلسطيني الشقيق لنيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتمسكها بخيار السلام العادل والشامل كخيار استراتيجي وفقاً للمرجعيات والقرارات الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
كما أكد أن دولة الكويت ستواصل إدانة الجرائم والممارسات الإسرائيلية في حق أبناء الشعب الفلسطيني والتي تُعد انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة وسيادة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وستواصل في الثبات على موقفها التاريخي المبدئي الداعم للقضية والرافض للتطبيع.