تختتم الورشة الثالثة لمختبر السرديات الكويتي الأسبوع المقبل منهجها في التدريب على تيارات النقد المعاصر، بعد أن وصل المتدربون إلى مستوى عملي من القدرة على نقد وتحليل النصوص، اعتماداً على المدخل النظري الذي تلقوه على مدى شهر من انطلاق فعاليات الورشة، بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
وصرَّح الناقد د. فهد الهندال لـ «الجريدة»، أمس، بأن ورشة «مدخل للتيارات النقدية المعاصرة» تأتي ضمن استراتيجية مختبر السرديات الكويتي منذ تأسيسه عام 2015، لزيادة الوعي النقدي في المجتمع للأعمال الأدبية، وهي الورشة الثالثة بالتعاون مع «الوطني للثقافة»، وجاءت على مستويين، كل منهما لمدة أسبوعين، أولهما يهدف إلى تمكين المتدربين من أدوات النقد المنهجي العلمي، وأهم نظريات التيارات النقدية المعاصرة، والمستوى الثاني، الذي يجري حالياً وينتهي الأسبوع المقبل، تدريبي عملي تتم فيه مناقشة نصوص قوية وثرية.
وأوضح الهندال أنه تم اختيار مجموعة «لا طواحين في البصرة» القصصية، للكاتب العراقي ضياء جبيلي، لتدريب المشاركين في الورشة عملياً على أساليب النقد، واستخراج الصور والتحليل من النصوص، خصوصاً أن المجموعة القصصية لجبيلي حاصلة على جائزة الملتقى للقصة القصيرة عام 2017/ 2018، حيث استطاع الكاتب من خلال قصصه القصيرة جداً أو الطويلة نسبياً تناول موضوعات الحرب بأسلوب يجمع بين الواقعية والفانتازيا، بسرد ساخر حول الحرب، متطرقاً إلى ما واجهه بلده العراق من عبث وعدمية ورغبة صادقة بالنجاة من عبثية الموت، حيث ترصد المجموعة القصصية انعكاسات 3 حروب على العراق، بدءاً من الحرب العراقية- الإيرانية، وحرب الخليج، وموجة التطرف التي لا يزال يغص بها العراق حتى اليوم.
وأضاف أن الجزء العملي في الورشة حرص أيضاً على استضافة كُتاب بشكل مباشر، وليس تحليل نصوصهم فقط، حيث حضرت الورشة أمس الكاتبة تسنيم الحبيب، ومثلت مشاركتها، إلى جانب المتدربين، ثراءً معرفياً ونقدياً كبيراً، خصوصاً أنها من الكُتاب المتميزين، وقد وصلت روايتها (السقوط من جنة الأسماء) إلى القائمة القصيرة في جائزة كتارا للرواية العربية، وهي صاحبة أعمال مميزة، وكان حضورها إضافة كبيرة للمتدربين عملياً على النقد الأدبي.
وأكد الهندال أهمية ممارسة النقد، حتى للقارئ العادي وليس المتخصص، لأن عملية النقد فطرية في كل شخص، لكن تحتاج إلى الظهور والدعم، من خلال تعزيز أدوات النقد المعاصر والتطبيق العملي على مجموعة من النصوص المهمة، ويتم تشجيع المتدربين على إظهار شخصيتهم النقدية، بتأهيلهم علمياً وعملياً، ثم تقديم كل متدرب مشروع تخرج عبارة عن مقالة نقدية يستعرض فيها مهاراته بالنقد التي استمدها خلال التحاقه بالورشة.
من جانبها، قالت مؤسسة مختبر السرديات الكويتي الكاتبة هديل الحساوي، إن إنشاء المختبر ليس جديداً على المجتمع الأدبي، وإن كان الأول من نوعه بالكويت، حيث جاء محاكياً لتجارب شبيهة، مثل مختبر السرد بالإسكندرية التابع لمكتبة الإسكندرية، وهناك أيضاً مختبرات السرديات في تونس وعمان والبحرين والسعودية، وأهمية هذه المختبرات هي الاهتمام بالعالم النقدي للسرد على مستوى الرواية والقصة والكتابة والكتاب، وبيئتهم التي نشأوا فيها، حيث لها دور وتأثير في عملية إبداع الكاتب.
وأضافت أن هناك تعاوناً بين مختبر السرديات الكويتي ومختبر السرد بالإسكندرية، ضمن فعاليات معرض الكتاب، المقرر إقامته 22 الجاري، في محاضرة مشتركة حول النقد السردي، كما أن المختبر يحرص على استضافة نقاد من الوطن العربي، منهم: المغربي د. سعيد يقطين، والمغربي د. سعيد بنكراد، والبحريني د. فهد حسين، ومن الكويت د. سليمان الشطي، وغيرهم الكثير، وكلها محاولات لإثراء الساحة الأدبية والنقدية في الكويت، لمزيد من تحسين جودة الأعمال.