أربعة أسابيع مرّت ثقيلة ومؤلمة لحد النزف والانهيار، فقدتُ فيها الشعور بالحياة، والشغف والاستمتاع.
أشعرُ باليأس وقلة الحيلة، يلتحفُ وجهي وشاح الخزي والضعف، فأصعبُ ما يمرُ به الإنسان أن يكون عاجزاً عن فعل شيء، رغم فظاعة ما يحدث حوله.
تنتابني حالة صدمة، جعلتني أفقد فيها الرغبة في الحديث والتعبير، فلا يوجد في معاجم اللغة مصطلحات ومفردات لغوية كفيلة لترجمة ما يحدث في غزة ما بين بشاعة الغاصب ولا إنسانيته ونجاسة الصهاينة وقذارتهم! والصمت العالمي المريب إزاء كل ذلك!
كنتُ في كل رمضان أستغربُ من برامج التجارب الاجتماعية المُعدّة والتي تركز على اختبار إنسانية المارّة، وكنت في كل مرة أعترض على مثل هذه المشاهد، لأنها فطرية ومحتمة، وأن المواقف المُعدّة لا يمكن حدوثها وقد تُلهم الصغار وعديمي الأخلاق لتقليدها!
لم أكن أعلم أن هنالك شعوباً تجهل الإنسانية بحق، وتفتقر للفطرة والأخلاق! وأن هنالك من يمارس أقبح الجرائم وأقرفها أمام مرأى ومسمع الكل، فالبطش فيه وصل مرحلة اللا خوف من الحساب ولا العقاب ولا حتى مهابة الرّب!
لا أستوعب كم الجُبن الذي وصلّ إليه العالم، وأن أقصى قوة قد نفعلها هي بالأحرى مجرد هتافات وصراخ لا تتعدى سقف مقاطعة ستاربكس وماكدونالدز!
كيف للعقل أن يطيق استيعاب كل ما حدث ويحدث؟ ففي بضعة أيام فقط أبيدت الانسانية بأكملها دون أدنى تأثر من الدول العظمى «الوضيعة» إن صحّ التعبير! ولا أفهم لمَ وصف العظمة اقترن بها كدول؟ أهو وصف للمساحة أم أنه وسام يُعطى لأكثر الدول احترافاً للا مبالاة وعدم الاكتراث عندما يكون أحد الأطراف «عربياً مسلماً»؟
نشاهد النكبة بأعيننا بلا حول ولا قوة، نقفُ عاجزين بلا حيلة، والعالم يُقلّب القناة بابتسامة خبث وشماتة وكأن شيئاً لم يكن! تباً لكم ولكل جبان خائن، يخافُ على منصبه وكرسيه وثروته!