العم المهندس عبدالرحمن إبراهيم الحوطي (بوفهد)، أطال الله في عُمره، مواليد عام 1938، كان ضمن مجموعة من الطلبة الكويتيين الذين سافروا إلى أميركا للدراسة عام 1957.
ورغم أنه كان من المفترض أن يسافر مع زملائه الطلبة في رحلة جماعية، فإنه اضطر للتأخر عنهم مدة شهر، كما أخبرني في رسالة مكتوبة بخط يده منذ أكثر من عشر سنوات. قال لي إن رحلته بدأت في سبتمبر 1957، حيث سافر بمفرده من الكويت إلى بيروت، ثم إلى بروكسل، ثم إلى غرينلاند، ثم إلى نيويورك. وكان من المفترض أن يبقى في نيويورك ليلة واحدة، لكنه قرر أن يُكمل رحلته إلى سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا في نفس اليوم.
وأضاف في رسالته: «شعرت وقتها أنني متجه إلى عالم مجهول»، فقد استغرقت رحلته 36 ساعة من الطيران من الكويت إلى سان فرانسيسكو، مع التوقفات التي ذكرتها مسبقاً.
لقد كان الطلبة الكويتيون في وقتها يحصلون على تذاكر درجة أولى من الحكومة، وكان ذلك يساعدهم على تحمُّل رحلة الطيران الطويلة والمتعبة. وعند وصوله إلى سان فرانسيسكو، أخذه شخص من المطار، وأوصله إلى بيت الطلبة في مدينة بيركلي، وحاول النوم تلك الليلة، لكنه لم يستطع، لأنه كان قلقاً، حيث لم يلتق زملاءه الطلبة الكويتيين، ولم يقابل السيد غيل، المسؤول عن الطلبة الكويتيين.
وفي صباح اليوم التالي، التقى السيد غيل، الذي أخبره بأنه لابد أن يتجه إلى مدينة منتريه، التي تبعد ثلاث ساعات، حيث يوجد الطلبة الكويتيون. وبعد وصوله إلى منتريه، استقبله زملاؤه، ومنهم طارق البراك، ومحمد تقي، وعبدالواحد محمد عقيل زمان، وعبدالعزيز سلطان العيسى. وفي منتريه، سكن مع صديقه محمد عبدالرحيم تقي في منزل عائلة أميركية.
قال لي إنه ظل في منتريه سنة كاملة، ثم انتقل بعدها إلى مدينة سكريمنتو، وسكن في بيت تملكه عائلة أميركية من أصل يوناني مع زميلين له، هما: طارق البراك، وعبدالله الرشيد. وبعد سنة أخرى، انتقل إلى جامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي، ليتم دراسته فيها، ويتخرَّج بتخصص هندسة كهربائية عام 1963. وفي بيركلي، كان سكنه في شقة مع زميليه عبدالرزاق ملا حسين وجاسم يوسف الحميضي.
أخبرني بوفهد في رسالته أن المخصصات المالية الشهرية للطالب الكويتي في بداية رحلته الدراسية كانت 110 دولارات، وكانت تكلفة السكن 90 دولاراً، وهو أمر صعب، لولا مساعدة عائلاتهم لهم.
وأخبرني بأنه كان معروفاً بين زملائه بطبخه الجيد، وفي إحدى المرات طبخ «مجبوس لحم» لأكثر من 40 شخصاً أثناء رحلة وحفلة طلابية.
وبعد عودته للكويت، اشتغل مع وزارة الكهرباء والماء لمدة عام كانت مليئة بالرضا والسعادة، كما ذكر في رسالته، حيث كان يعمل على توصيل التيار الكهربائي إلى المنازل، وكان الأطفال فرحين بذلك، والأمهات يدعون له ويشكرنه.
وتاريخ العم عبدالرحمن الحوطي مليء بالإنجازات، فقد عُيِّن وزيراً للإسكان عام 1985، ثم وزيراً للأشغال العامة عام 1986، ورئيساً للهيئة العامة لتقدير التعويضات عن خسائر العدوان العراقي عام 1991، ورئيساً للمجلس البلدي عام 1996. كما كان وكيلاً مساعداً للشؤون الهندسية بوزارة الإعلام من عام 1964 إلى عام 1985، ورئيساً لجمعية المهندسين الكويتية 1971 - 1985.