غزة على خطى الحسين
عندما عزم الإمام الحسين على المسير إلى الكوفة كان أعرف الناس بمصيره وما ستؤول إليه الأوضاع بعد استشهاده، والتي زادته عزيمة وإصراراً على ما مضى عليه، لذلك وأثناء طرقه هذه المسيرة الخالدة سمعه ابنه علي الأكبر يسترجع «إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين ثلاثًا»، فأقبل إليه وكان على فرس له، وقال له: جُعلت فداك مما استرجعت وحمدت الله؟ فقال الحسين خفقت برأسي خفقة فعرض لي فارس يقول القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا، قال علي الأكبر يا أبتي ألسنا على الحق؟ فقال الحسين: بلى، والذي إليه مرجع العباد، فقال علي الأكبر إذاً لا نبالي إن أوقعنا على الموت أو وقع الموتُ علينا، فقال الحسين، عليه السلام، جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده.
وهكذا هي حال المجاهدين في غزة لم يبالوا بالموت إن وقعوا أو وقع الموت عليهم، فساروا إلى ما وراء غلاف غزة غير مكترثين لما تؤول إليه الأحداث، فكتب الله لهم النصر.
غزة على طريق الحسين
«أبالموت تهددني يا ابن الطلقاء، الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة»، هذا الموقف البطولي ردده أبناء غزة بعد الأحداث الدامية والقصف بلا توقف من الكيان الصهيوني وحلفائه بغية تصفيتهم وهزيمتهم، لكن الإرادة الإيمانية تنتصر مرةً أخرى ولسان حالهم يقول العبارة ذاتها التي رددها الإمام زين العابدين «أبالموت تهددوننا يا أبناء الطلقاء، ألا تعلمون بأن الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة».
غزة على خطى الحسين
الكلمة الخالدة للسيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، وهي تشير إلى جثمان أخيها الحسين: اللهم تقبل منا هذا القربان، أيضاً وجدت صداها عند أمهات أخوات وبنات غزة وهن يزففن جثامين الشهداء، ولسان حال الحسين، وهو يقف وحيداً في المعركة يقول: ألا من ناصر ينصرنا، ألا من ذاب يذب عن حرم رسول الله، هذه العبارة قالها الحسين لم تكن من جزع أو خوف من الموت، لكنه أراد أن يرمي الحجة على الظالم وأعوانه، فكان وقعها عظيماً على الأحرار، فكانت إجابة الحر الرياحي بحجم جموع الجيوش، لذلك وقف الحسين على مصرعه ليقول له صدقت أمك، إذ سمتك حراً، فأنت حر بالدنيا والآخرة.
هذا المشهد أيضاً لم يغب عن أبطال أهل غزة، فقد رددوا المناشدة ذاتها للعرب والمسلمين لرمي الحجة عليهم أو لعلها تلقى الأذن الحرة نفسها التي لبى لها النداء الحر بن يزيد الرياحي بعد أن كان أحد قادة جيش عبيدالله بن زياد.
غزة على خطى الحسين
«إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، محمد صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار»، وهنا نتوقف ونتوجه بالسؤال إلى المثبطين والمرجفين من الأعراب: هل خروج أهل غزة يختلف كثيراً عن خروج سيد الأحرار الحسين بن علي؟ أولا تستحق فلسطين والمسجد الأقصى ذلك؟
شعب يملك كل هذا الإيمان لن يهزم بإذن الله، حتى لو وقف وحيداً فريداً في وجه هذا الكيان الصهيوني الظالم، ومن يقف معه من قوى الشر، ولا أظنه سيبقى وحيداً فريداً ما دام هناك أمهات نجيبات شريفات يلدن أحراراً.
ودمتم سالمين.