منذ أول حكومة كويتية في الستينيات من القرن الماضي حتى أكتوبر 2022 تم تشكيل أكثر من 40 حكومة، هذا عدا التعديلات الوزارية التي صاحبت العديد من هذه الحكومات.

وخلال العشرين سنة الأخيرة تم تشكيل أكثر من22 حكومة حيث يتراوح أعداد الوزراء في هذه الحكومات ما بين 200 و320 وزيراً بفرض ثبات بعض الأسماء وإعادة توزير بعض الوزراء في هذه التشكيلات والتعديلات الوزارية، وأغلب السادة الوزراء الذين تم اختيارهم في هذه الحكومات تكنوقراط ومتخصصون في مجالات أعمالهم ويتمتعون بالكفاءة، إلا أن بقاءهم في المنصب الوزاري في كثير من الأحيان يتراوح ما بين 3 و6 شهور فقط بسبب التعديل الوزاري أو الاستقالة الفردية أو بسبب بعض الاستجوابات المقدمة للوزراء من بعض أعضاء مجلس الأمة أو بسبب استقالة الحكومة بكامل أعضائها، وبالتالي يحال الوزير للتقاعد الجبري!!

Ad

ونتيجة لذلك تخسر الدولة العديد من التكنوقراط والمتخصصين والكفاءات الشبابية الوزارية التي لا يتم الاستفادة منها في الجهاز الحكومي بعد الاستقالة!! ونتيجة لما أطلق عليه قانون «الخنة والطبطبائي» فقد تم السماح لأعضاء مجلس الأمة والوزراء السابقين العاملين بالجامعة والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب العودة لوظائفهم السابقة، أما بعض المحظوظين من الوزراء السابقين (وعددهم قليل جداً) فهم من تتم الاستعانة بهم كمستشارين في الديوان الأميري، أو ديوان سمو ولي العهد، أو ديوان سمو رئيس الوزراء أو كأعضاء في مجالس إدارة بعض المجالس العليا والمتخصصة.

أما الأغلبية العظمى من الوزراء السابقين الذين تتراوح أعمار الغالبية منهم ما بين 40 و55 عاماً فهم طاقة وخبرات معطلة لا يستطيعون العودة إلى وظائفهم السابقة بسبب قبولهم للمنصب الوزاري وإحالتهم للتقاعد، وفرص الاستعانة بخبراتهم سواء في القطاعين العام أو الخاص محدودة، إذا لم تكن معدومة بسبب مسماهم الوظيفي!!

لذا اضطر بعض الوزراء السابقين المتخصصين من الشباب وأصحاب الكفاءات والخبرات المتخصصة للعمل الجزئي والبحث عن فرص عمل خارج الدولة بسبب عدم عدالة وشفافية إجراءات التقييم والاختيار للمستشارين والمدربين الكويتيين داخل الكويت، وتفضيل الخبرات الأجنبية وبيوت الخبرة والمنظمات الدولية عليهم، كذلك صعوبة تقبل بعض متخذي القرار والقيادات الإدارية العليا في بعض الوزارات والجهات والمؤسسات والهيئات والإدارات الحكومية وجود بعض الوزراء السابقين كمستشارين أو مدربين في الجهات التي يشرفون عليها!!

لذا أقترح أن يتم إيجاد وحدة تنظيمية في ديوان رئاسة مجلس الوزراء تهتم بمتابعة الوزراء السابقين، وتسعى إلى الاستفادة والاستعانة بخبراتهم العلمية والعملية في كل المجالات التكنولوجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث إن تجاهلهم بعد خروجهم من الوزارة فيه عدم تقدير وهدر للطاقات والخبرات الوطنية الشابة والراغبة في العمل، والمشاركة في تحقيق أهداف وخطط التنمية بمختلف تفرعاتها التي تحرم من المشاركة في العمل في السلطة التنفيذية بسبب قبولها للمنصب الوزاري.

وفي الختام وحتى لا نعطي مجالًا للمتربصين والخبثاء والمتصيدين بالماء العكر، فأنا شخصياً أعتبر نفسي من فئة الوزراء المحظوظين، فقد تشرفت خلال السنوات الماضية بعضوية بعض المجالس العليا، وعضوية مجالس إدارة بعض المؤسسات والجهات الحكومية والخاصة لعدة سنوات، والهدف من كتابة هذا المقال هو دراسة ظاهرة هدر الخبرات الوطنية والطاقات الوزارية الشابة بعد استقالة العديد من الحكومات خلال العشرين سنة الأخيرة، وما تفرضه المصلحة العامة من ضرورة الاستفادة من هذه الطاقات الشبابية والخبرات العلمية والعملية في مجالات التنمية المختلفة، إذ تقول الحكمة الإنكليزية:

«A mind is a terrible thing to waste»... «إن تضييع العقل شيء فظيع».

ودمتم سالمين.