على الرغم من التباين الذي ظهر خلال اجتماع عمّان بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظرائه من السعودية ومصر وقطر والإمارات والأردن، بالإضافة إلى ممثلين عن الفلسطينيين، لم تسقط المفاوضات بشأن التوصل إلى هدنة في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي وحشي منذ 30 يوماً انتقاماً للهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي.

وبحسب معلومات وصلت لـ «الجريدة»، فإن هناك توافقاً عربياً على وضع مهلة للحراك الدبلوماسي الأميركي، أقصاها موعد انعقاد القمة العربية، السبت المقبل، للوصول إلى تطبيق للهدنة أو وقف إطلاق النار.

Ad

وجدد رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس تأكيده أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل عودة الرهائن، إلا أنه من المرجح أن تتزايد الضغوط على الإسرائيليين دولياً وإقليمياً، وهو ما بدأ يظهر أمس مع إعلان مصر وقف إجلاء الأجانب والجرحى من غزة رداً على استهداف الجيش الإسرائيلي لطواقم الإسعاف، في حين أشارت قطر إلى أن ممارسات إسرائيل تشكل خطراً على مفاوضات تبادل الأسرى، مشددة على أن إتمام صفقة التبادل يحتاج إلى «فترة هدوء».

وفي حال نجحت هذه الضغوط، وأنزلت تل أبيب عن الشجرة العالية التي تسلقتها، يمكن أن يستعيض الإسرائيليون عن عمليات التدمير الممنهج و«التجزير» في سبيل التهجير التي يقومون بها الآن في غزة، بمحاولة تنفيذ عمليات اغتيال لقيادات «حماس».

وفي تصريح قد يعكس العجز الإسرائيلي عن تحقيق اختراق بعد مرور شهر على بدء الحرب، دعا الوزير الإسرائيلي المتطرف أميخاي إلياهو إلى ضرب غزة بقنبلة نووية. وفي حين علق نتنياهو مشاركة الوزير في اجتماعات الحكومة، دانت دول عربية بينها السعودية والأردن تصريحاته باعتبارها تعبيراً عن تغلغل الوحشية لدى أعضاء الحكومة، ودعوة صريحة للإبادة الجماعية.

وفي تفاصيل الخبر:

رغم التباين الذي ظهر خلال اجتماع عمان بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظرائه من السعودية ومصر وقطر والإمارات والأردن، إضافة إلى ممثلين عن الفلسطينيين، لم تسقط المفاوضات بشأن التوصل إلى هدنة في قطاع غزة الذي يتعرّض لعدوان إسرائيلي وحشي منذ نحو 30 يوماً، انتقاماً للهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي، وأدى إلى مقتل نحو 1400 إسرائيلي.

وبحسب معلومات وصلت إلى «الجريدة»، فإن هناك توافقاً عربياً على وضع مهلة للحراك الدبلوماسي الأميركي، أقصاها موعد انعقاد القمة العربية، السبت المقبل، للوصول إلى تطبيق للهدنة أو وقف إطلاق النار.

ونقلت وكالة بلومبرغ عن الرئيس الأميركي جو بايدن في تصريح مقتضب، تأكيده أن «الجهود المبذولة لإعلان هدنة إنسانية مؤقتة في غزة تمضي قُدماً».

معبر رفح وصفقة التبادل

وفي هذا الإطار ستتزايد الضغوط على الإسرائيليين دولياً وإقليمياً، وهو ما بدأ يظهر أمس مع إعلان مصر وقف إجلاء الأجانب والجرحى من غزة رداً على استهداف الجيش الإسرائيلي لطواقم الإسعاف، في وقت أشارت قطر إلى أن تصرفات الإسرائيليين تشكل خطراً على مفاوضات تبادل الأسرى.

وقال مصدران أمنيان مصريان وثالث طبي إن عمليات إجلاء المصابين من سكان غزة وحاملي جوازات السفر الأجنبية من خلال معبر ر فح إلى سيناء معلّقة منذ أمس الأول. وأوضح أحد المصدرين الأمنيين والمصدر الطبي أن تعليق عمليات الإجلاء جاء بعد ضربة إسرائيلية يوم الجمعة لسيارات إسعاف في غزة كانت تستخدم لنقل المصابين. وقال اثنان من المصادر إن شاحنات المساعدات لا تزال قادرة على الدخول إلى غزة عبر المعبر المصري.

فلسطيني يبكي خلال انتشال شقيقه من تحت الأنقاض في مخيم المغازي (أ ف ب)

وأتى ذلك في وقت أفادت أوساط بأن وفداً إسرائيلياً بحث في القاهرة الأربعاء الماضي التوصل إلى حل وسط بشأن إدخال كمية محدودة من الوقود إلى غزة لسد احتياجات المستشفيات، دون وصوله إلى «حماس»، بضغوط من إدارة بايدن التي تواجه اتهامات بالانحياز الكامل لإسرائيل وبإعطاء ضوء أخضر للمضي في الحرب المدمرة التي تهدد بوقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة.

في المقابل، شدد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن على أن الجهود المبذولة لتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأجانب من غزة تتطلب «فترة من الهدوء»، محذراً من صعوبات على الأرض بسبب استمرار ممارسات الاحتلال ضد القطاع، وهو ما يعقّد الجهود الرامية للتوسط بالملف.

وقال عبدالرحمن، خلال مؤتمر مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، إن «هناك تقارير كاذبة عن مفاوضات لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة»، وذلك دون التطرق إلى تفاصيل، مشيراً إلى ضرورة التنسيق مع الشركاء الدوليين للتوصل إلى هدنة إنسانية فورية دائمة ومستدامة.

ولفت إلى استخدام المساعدات الإنسانية كوسيلة للضغط على الشعب المحاصر وعجز المجتمع الدولي عن تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني.

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية إن الوضع في منطقة الشرق الأوسط، أصبح «شديد الخطورة ومثيراً للقلق».

وأكدت كولونا ضرورة بذل مزيد من الجهود لإيصال المساعدات الدولية لتخفيف معاناة الفلسطينيين، مشيرة إلى أن «المؤتمر الإنساني المقرر عقده يوم 9 الجاري سيتناول احترام القانون الدولي والاحتياجات الأساسية، مثل المياه والصحة والطاقة والغذاء».

تجدر الإشارة إلى أن «الخارجية» الفرنسية أفادت بأن «المؤتمر الإنساني» الذي ستشارك فيه السلطة الفلسطينية لن تتم دعوة إسرائيل لحضوره.

النزول عن الشجرة

وفي حال نجحت هذه الضغوط، وأنزلت تل أبيب عن الشجرة العالية التي تسلقتها، يمكن أن يستعيض الإسرائيليون عن عمليات التدمير الممنهج و«التجزير» في سبيل التهجير التي يقومون بها الآن في غزة، بمحاولة تنفيذ عمليات اغتيال لقيادات «حماس»، لتسجيل ما قد يسمونه إنجازاً عسكرياً.

إلى ذلك، لا يزال الغموض يحيط بتفاصيل الأسرى والرهائن الذين تنوي «حماس» الإفراج عنهم، وبحسب المعلومات، طالبت إسرائيل «حماس» عبر وسطاء بتقديم لائحة بأسماء الذين ستفرج عنهم، لكن الحركة ترفض ذلك.

وفي وقت تتضارب المعلومات حول وجود طرح أو تصوّر أميركي أو أميركي ـ إسرائيلي شامل حول الحل المستقبلي بعيد الآمد لقطاع غزة، تقول مصادر دبلوماسية عربية متابعة أنه في المسألة السياسية هناك 3 قضايا أساسية وكبرى، الأولى مسألة إعادة صياغة القيادة الفلسطينية، والثانية مصير الحكومة الإسرائيلية، وخصوصاً بنيامين نتنياهو، بدون ظهور أي بديل له، والثالثة مدى القدرة على فرض وقف لإطلاق النار والذهاب إلى إعادة تجديد التفاوض حول الحل السياسي.

«الدولة» وحكم القطاع

وفيما أكدت وزارة الصحة مقتل 3 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي قرب نابلس، أمس، مما يرفع حصيلة القتلى في الضفة الغربية المحتلة إلى 150 شخصا منذ بداية حرب غزة، أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة خاطفة، غير معلنة، إلى رام الله، التقى خلالها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قبل أن يغادر متوجهاً إلى بغداد ضمن جهود واشنطن الرامية لمنع توسّع الحرب، مع الإبقاء على دعم جهود حليفتها العبرية المعلنة بشأن القضاء على «حماس».

وسعى بلينكن لطمأنة القيادة الفلسطينية عبر التأكيد على رفض التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، وقال عقب لقاء عباس: «الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل من أجل تحقيق التطلعات الفلسطينية لإقامة دولة»، مشيراً إلى التزام واشنطن بـ «تعزيز الكرامة والأمن للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء».

ونقل المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ملير، أن بلينكن ناقش مع عباس ضرورة وقف أعمال العنف التي ينفذها متطرفون ضد الفلسطينيين في الضفة»، في إشارة إلى عنف مستوطنين تسبب بمقتل عدد من الفلسطينيين خلال الشهر المنصرم على وجه التحديد.

بدوره، ربط الرئيس عباس عودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع الذي سيطرت عليه «حماس» في 2007، بـ «حل سياسي شامل» للنزاع.

وقال عباس، الذي التقى بلينكن للمرة الثانية منذ بدء الحرب، إن «القطاع جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وسنتحمل مسؤولياتنا كاملةً في إطار حل سياسيٍ شامل على كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وغزة».

الشهر الأول

ميدانياً، أتمت الحرب غير المسبوقة بين إسرائيل و»حماس» شهرها الأول. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم 2500 هدف في قطاع غزة منذ بدء العمليات البرية، في حين واصل الطيران الحربي مجازره بحق المدنيين بعد قصفه لمربع سكاني يضم نحو 10 بنايات في مخيم المغازي، مما تسبب بمصرع 51 شخصا أغلبهم من النساء والأطفال، فضلاً عن إصابة العشرات.

وأفادت وزارة الصحة بمقتل 21 فلسطينياً من عائلة «آل أبوحصيرة»، في استهداف المربع السكني الذي مُسح من على وجه الأرض بـ «المغازي».

وشنت الطائرات الإسرائيلية غارات مكثفة على أحياء غرب وشمال غزة، وألقت قنابل الفوسفور الأبيض على تلك الأحياء، خصوصاً على مخيم الشاطئ غرب القطاع.

كما شملت الغارات المستشفى الإندونيسي وآبار مياه ومسجدا يأوي نازحين شمال غزة. وجددت الطائرات الحربية غاراتها على مخيم جباليا.

وجدد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، دعوة المدنيين إلى مغادرة شمال القطاع إلى جنوبه عبر «ممر آمن» من الساعة 10 صباحا حتى 2 ظهرا لتجنّب القتال الضاري بين القوات الغازية المدعومة بقصف مدفعي وبحري وجوي يركز على أحياء غرب وشمال غزة.

وأعلن أمس مقتل الرقيب يهونتان ميمون (20 عاما)، من أوفكيم، وهو مقاتل في «لواء ناحال»، في معارك برية ليل السبت ـ الأحد.

وإضافة إلى الرقيب يهوناتان الذي ارتفع بمقتله عدد الضحايا الجنود منذ بدء العملية البرية إلى 32، أصيب بجروح خطيرة أثناء القتال في القطاع مقاتل في «ناحال» وضابط مدرعات في الاحتياطي. وفي المقابل، ذكرت «كتائب القسام»، الجناح المسلح لـ «حماس» أنها وثقت تدمير 24 آلية عسكرية إسرائيلية بين دبابة وناقلة جند وجرافة خلال 48 ساعة.

وذكر المتحدث باسم «الكتائب»، أبوعبيدة، في كلمة صوتية: «نخوض حرباً غير متكافئة، ولكنها ستدرّس في العالم»، مضيفاً: «مقاتلونا يواصلون الالتفاف خلف قوات العدو، ويلتحمون من المسافة صفر مع جنوده».

وواصلت الفصائل الفلسطينية قصف مستوطنات غلاف غزة وبلدات وسط إسرائيل، وصولا إلى تل أبيب.

وفي حين أعلنت وزارة الصحة بغزة مقتل 9770 فلسطينيا بينهم 4800 طفل في الضربات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر، حذر «المرصد الأورومتوسطي» لحقوق الإنسان من أن إسرائيل صعّدت في الساعات الأخيرة بشكل حاد من حرب التجويع ضد المدنيين في القطاع الفلسطيني كأداة للإخضاع، في إطار حربها للأسبوع الـ 5 على التوالي.

وأشار المرصد إلى أن حرب التجويع أخذت منحنيات خطيرة، بما في ذلك قطع كل الإمدادات الغذائية وقصف وتدمير المخابز والمصانع والمتاجر الغذائية ومحطات وخزانات المياه ومولدات الكهرباء وألواح الطاقة الشمسية وقوارب الصيادين عن عمد.

«أيزنهاور» والتهديد الإيراني

وبالتزامن مع وصول حاملة الطائرات الأميركية «أيزنهاور» الأميركية إلى المنطقة لتعزيز محاولة ردع أي تصعيد للصراع من قبل إيران والفصائل المتحالفة معها، استبقت طهران زيارة بلينكن إلى بغداد بتجديد تهديداتها الشفهية بشأن توسيع الصراع، إذ قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إن تصعيد الحرب بات أمرا لا يمكن تجنّبه في ظل الظروف الراهنة.

وأضاف الوزير الإيراني في اتصال مع نظيره العراقي فؤاد حسين، إن «الدعم العسكري الأميركي الواسع للكيان الصهيوني هو السبب الرئيس وراء تصعيد المواجهات في فلسطين، وتصعيد الحرب بات أمرا لا يمكن تجنّبه في ظل الظروف الراهنة».

ورغم أن عبداللهيان رفض، في وقت سابق، ربط أي هجوم في المنطقة أو أي استهداف للمصالح الأميركية من قبل أي جماعة، بإيران من دون دليل، حذر وزير الدفاع الإيراني، محمد رضا آشتياني، أميركا من أنها «ستتعرض لضرر بالغ» إن لم تنفذ وقف إطلاق نار في غزة.

وأضاف آشتياني: «نصيحتنا للأميركيين أن يوقفوا الحرب فوراً في غزة وينفذوا وقفا لإطلاق النار، وإلا فسوف يتعرضون للضرب».

كما شدد مساعد قائد «الحرس الثوري»، العميد محمد نقدي، على أن طهران قد تستهدف المصالح الأميركية في المنطقة رداً على استمرار «الجرائم الإسرائيلية بغزة».

في سياق قريب، ذكرت قوات الأمن الإيرانية أنها قبضت على 3 عناصر من «الموساد» الإسرائيلي، يحملون الجنسية الإيرانية عند حدود أفغانستان في عملية مشتركة مع حركة طالبان.

استدعاء تشادي

وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، قررت تشاد استدعاء القائم بأعمال سفيرها لدى إسرائيل، للتشاور، على وقع حرب غزة، وذلك بعد أشهر من إعادة فتح سفارة الدولة الإفريقية ذات الأغلبية المسلمة في تل أبيب.

وأصبحت تشاد الدولة السابعة التي تستدعي مبعوثها من إسرائيل رفضا للحرب، على خطى تركيا وهندوراس وتشيلي وكولومبيا والأردن والبحرين.