أنهى العدوان الإسرائيلي على غزة امس يومه الـ31، حاصدا أرواح اكثر من 10 آلاف فلسطيني، في حين أعلنت حركة حماس انها لن تخرج من القطاع مستبعدة سيناريو الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في عام 1982 والذي اخرج حركة فتح من لبنان. وأعلن القيادي في «حماس» في لبنان أسامة حمدان امس أن الفصيل الفلسطيني لن يقبل بـ«وصاية» على قطاع غزة، رافضا إمرار خطط لـ«عزل» حماس التي وضعت إسرائيل هدف القضاء عليها في حربها على القطاع المحاصر.
وقال حمدان خلال مؤتمر صحافي «للذين يظنون أن حماس ذاهبة، ستبقى حماس ضمير شعبنا وتطلعاته ولن تستطيع قوة في الأرض انتزاعها او تهميشها»، مضيفاً أن «مخططات أميركا والاحتلال احلام وجزء من حرب نفسية نرجو ألا يتورط بها أحد».
وتابع «نحذر كافة الأطراف من التسابق مع هذه المحاولات المشبوهة التي تسعى لفرض وصاية على شعبنا يكون فيها للاحتلال الكلمة العليا، ولن يسمح شعبنا بان تمرر الولايات المتحدة مخططاتها بايجاد قيادة على مقاسها وعلى مقاس الاحتلال».
إلى ذلك، أفاد الجيش الأميركي، في إعلان نادر، بأن غواصة مزودة بصواريخ موجهة «توماهوك»، وصلت إلى الشرق الأوسط، في رسالة ردع موجهة بوضوح إلى الخصوم الإقليميين، في إشارة إلى إيران و«حزب الله».
وأعلنت القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)، أن غواصة من طراز «أوهايو»، التي تعمل بالطاقة النووية، دخلت منطقة مسؤوليتها. ونشرت صورة للغواصة التي عادة ما تتحرك جنبا إلى جنب مع منصات الصواريخ البالستية العابرة للقارات والقاذفات الاستراتيجية، فيما يطلق عليه «الثالوث النووي الأميركي»، في قناة السويس المصرية.
وانضمت الغواصة، التي لم يتم الكشف عن اسمها، إلى عدد من الأصول البحرية الأميركية الأخرى الموجودة بالفعل في المنطقة، بما في ذلك مجموعتان هجوميتان من حاملات الطائرات، ومجموعة برمائية جاهزة.
حرب كبرى
وفي ظل حديث عن إمكانية تحول الحرب في غزة الى نزاع إقليمي واسع مرتبط بالوضع الجيوسياسي العالمي، على ضوء التوترات بين واشنطن وبكين والحرب الدائرة في أوكرانيا، حذر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من أن دول الغرب تدفع الشرق الأوسط إلى «حافة حرب كبرى».
هجومان ورسالتان
وأتى تعزيز واشنطن حضورها العسكري في وقت تعرّضت قاعدتا حرير وعين الأسد في العراق، وكلتاهما تضم قوات أميركية لهجومين متزامنين.
وتزامن الهجومان مع استقبال المرشد الإيراني علي خامنئي، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في طهران، ومطالبته بغداد بزيادة الضغط السياسي على الولايات المتحدة، واتهامه واشنطن بالانخراط المباشر في الحرب ضد غزة، مشدداً على أنه «لولا الدعم التسليحي والسياسي الأميركي لما تمكن الصهاينة من الاستمرار».
ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين أن إدارة بايدن بعثت برسائل إلى طهران و«حزب الله»، من خلال الشركاء الإقليميين، بما في ذلك تركيا، مفادها أن الولايات المتحدة مستعدة للتدخل عسكرياً ضدهما إذا شنوا هجمات ضد إسرائيل.
ويؤكد التقرير الأميركي صحة تقرير «الجريدة» المنشور يوم الجمعة الماضي عن تهديد واشنطن لطهران وحليفها اللبناني في رسالة وجّهت مباشرة الى خامنئي.
وفيما بدا أنه تعليق ضمني على تقرير «نيويورك تايمز»، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، إن طهران تلقت رسالة أميركية قبل 3 أيام تؤكد فيها أنها تسعى لهدنة في غزة، متهماً واشنطن بأنها بدلا من ذلك «تدعم عملیاً الإبادة الجماعية».
بدوره، اتهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي واشنطن بالكذب بشأن إعلانها السعي لهدنة.
وفي محطة جديدة في إطار جولة في المنطقة شملت إسرائيل، والضفة الغربية المحتلة، والأردن، حيث التقى وزراء خارجية 5 دول عربية هي مصر، والسعودية، والإمارات، وقطر، والأردن، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بعد لقاء بارد مع نظيره التركي، هاكان فيدان، في أنقرة، ان واشنطن تواصل مساعيها لهدنة مؤقتة، ومحاولات زيادة المساعدات الى غزة، ومنع توسع الصراع.
وقال مصدر بوزارة الخارجية التركية إن فيدان أبلغ بلينكن أنه يتعين إعلان وقف إطلاق النار على الفور في غزة، ومنع إسرائيل من استهداف المدنيين وتهجيرهم.
وقال بلينكن في المطار إن الولايات المتحدة حققت بعض التقدم الجيد في توسع المساعدات الإنسانية لغزة. وتحدث عن جهود تجنب التصعيد الإقليمي، حين سُئل عن التقدم الملموس الذي أحرزه خلال جولته في المنطقة، وقال: «عدم حدوث شيء سيئ في بعض الأحيان قد لا يكون هو الدليل الأكثر وضوحا على التقدم، لكنه كذلك».
وأشار الى أن التوصل الى هدنة سيفيد محادثات الإفراج عن الرهائن. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال أمس انه لا توقف للقتال دون الإفراج عن الرهائن. وقالت قطر التي تتوسط في صفقة تبادل إن مهمتها تحتاج الى نوع من الهدوء.
واقترح وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس، خطة يمكن بموجبها لإسرائيل تعليق عمليتها العسكرية في غزة مقابل وصول الصليب الأحمر إلى الرهائن الذين تحتجزهم «حماس». وقال بوريل لدبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي في بروكسل «أعتقد أن هدنة انسانية يوازيها الوصول إلى الرهائن مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر كخطوة أولى نحو إطلاق سراحهم هي مبادرة يمكننا العمل عليها». وأكد بلينكن استمرار المساعي لإطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى «حماس»، ملمحا الى دور تركي في هذا المجال.
ولفتت تقارير تركية عن محاولة وزير الخارجية الأميركي «معانقة نظيره التركي» خلال تبادل التحية معه، «لكن الأخير تراجع خطوة إلى الوراء» في موقف «صادم ومحرج».
ويغادر بلينكن المنطقة مع استعداد مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA بيل بيرنز للقيام بجولة تشمل إسرائيل ودولا اقليمية لإجراء مناقشات بشأن الحرب مع «حماس»، والتعاون الاستخباراتي والمفاوضات حول تبادل الرهائن.
وفي هذه الأثناء، أعلنت منظمة التعاون الإسلامي عقد قمة إسلامية استثنائية، بناء على دعوة السعودية يوم الأحد 12 الجاري، في الرياض، لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. وسيشارك الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في الاجتماع في اول زيارة له إلى المملكة.
ومن المقرر أن تعقد القمة الإسلامية بعد يوم من انعقاد قمة طارئة لجامعة الدول العربية، لبحث سبل وقف الحرب ومعالجة تداعيتها.
العدوان على غزة
ميدانياً في غزة، قالت حركة حماس إن عدد قتلى العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر تخطى الـ 10 آلاف، فيما أشارت وزارة الصحة الى أن الغارات على القطاع ليل الأحد ـ الاثنين قتلت 200 شخص، وتحدثت عن بلاغات عديدة بشأن جثث ملقاة في الشوارع لضحايا كانوا على «ممر آمن» أعلن الجيش الإسرائيلي أنه مخصص للنزوح من شمال القطاع إلى جنوبه.
في المقابل، ذكر الجيش الإسرائيلي أنه قتل قياديا بارزا في «حماس»، هو جمال موسى، وتحدث عن ارتفاع عدد قتلاه منذ بدء الغزو البري إلى 35، زاعماً أن مقاتلاته قصفت ليلا 450 هدفا لـ «حماس» في غزة، وإن قواته سيطرت على مجمع للمسلحين في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وفيما أعلنت «كتائب القسام» الجناح العسكري لـ «حماس»، استهداف حشود برية توغلت شرقي حجر الديك وشمالي غرب بيت لاهيا، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إن سكان غزة يمكن أن ينهوا الحرب بشكل أسرع بقتل زعيم «حماس»، يحيى السنوار، بأنفسهم.
وفي الضفة الغربية، تعرض شرطيان إسرائيليان للطعن في البلدة القديمة بالقدس، مما أسفر عن إصابة أحدهما بجروح خطيرة، فضلا عن مقتل المهاجم كما قتلت اسرائيل 4 فلسطينيين.
ومع عودة فتح معبر رفح أمام الأجانب والجرحى، كشف العاهل الأردني الملك عبدالله عبر منصة إكس أن سلاح الجو التابع للمملكة الأردنية قام بإنزال مساعدة طبية عاجلة إلى المستشفى الميداني الأردني في غزة بالمظلات، في وقت أصدر رؤساء 18 وكالة تابعة للأمم المتحدة ومنظمة إغاثة كبرى بيانا مشتركا نادرا، دعا إلى «وقف إنساني فوري لإطلاق النار».