ألقى العاهل البريطاني تشارلز الثالث اليوم الثلاثاء أول خطاب عرش له بمجلس اللوردات بالبرلمان البريطاني بمناسبة بداية السنة البرلمانية.
واستهل الملك تشارلز الثالث خطابه بالثناء على والدته الملكة الراحلة إليزابيث الثانية التي خلفها في العرش ثم استعرض قائمة أولويات الحكومة البريطانية للعام المقبل.
وأبرز في خطابه أولويات الاستثمار في قطاع المواصلات وتشريع قوانين تمنع الأطفال من التدخين وسن عقوبات مشددة على مرتكبي الجرائم الخطرة وحماية البيانات والمعلومات الرقمية والحد من الجرائم الإلكترونية.
ووصل الملك تشارلز الثالث ملك المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية إلى البرلمان بمراسم ملكية تعود لقرون على متن عربة اليوبل الماسي بعد جورج السادس آخر ملك افتتح السنة البرلمانية عام 1950.
وخطاب العرش الأول سعت من خلاله حكومة المحافظين بقيادة ريشي سوناك إلى تقديم رؤية «طويلة المدى» مع اقتراب موعد الانتخابات.
و«حرصاً» منه على إدامة إرث «والدته الحبيبة» إليزابيث الثانية، شارك تشارلز في أحد طقوس الحياة السياسية البريطانية الذي يتمّ من خلاله افتتاح الدورة البرلمانية بشكل رسمي.
وكان قد شارك في هذا التقليد عندما كان لا يزال وريثاً للعرش، فقد تلا الخطاب الأخير للعرش في مايو 2022 نيابة عن الملكة إليزابيث الثانية، التي كانت صحّتها هشّة.
ولدى وصوله بعربة إلى قصر ويستمنستر، استُقبل الملك الذي يحتفل بعيد ميلاده الـ75 في نوفمبر، من قبل عشرات المتظاهرين الذين كانوا يهتفون «ليس ملكي» و«يا لها من خسارة»، وهو أمر لم تشهده عهد إليزابيث الثانية.
وفي نهاية مراسم ذات تقاليد تعود إلى قرون مضت، تحدّث الملك الذي كان يرتدي التاج الإمبراطوري الاحتفالي، والذي جلس على العرش الذهبي لمجلس اللوردات بجوار الملكة كاميلا.
وفي إطار هذه المراسم، يقوم «حرّاس الملك» الذين يشكّلون أقدم فيلق عسكري في الجيش البريطاني، بتفتيش الأقبية بحثاً عن متفجّرات في إطار إحياء ذكرى «مؤامرة البارود» التي وقعت في العام 1605، حينما أراد الكاثوليك تفجير البرلمان، خلال وجود الملك البروتستانتي جيمس الأول لإلقاء خطابه.
وقال الملك في الخطاب الذي أعدّه رئيس الحكومة ريشي سوناك، إنّ «أولوية حكومتي هي اتخاذ القرارات الصعبة ولكن الضرورية على المدى الطويل لتغيير هذا البلد»، بعد تفشّي فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا، اللتين ساهمتا في أزمة تكلفة المعيشة التي تشهدها المملكة المتحدة.
ويُعدّ هذا الخطاب الأول أمام البرلمان لريشي سوناك الذي تولى رئاسة الحكومة قبل عام، بعد فضائح عهد بوريس جونسون وفي أعقاب 49 يوماً زاخراً بالأحداث خلال عهد ليز تراس، غير أنّ هذا الخطاب قد يكون الأخير بالنسبة لسوناك، إذ من المقرّر إجراء انتخابات بحلول يناير.
ويشهد المحافظون الذين يحكمون البلاد منذ حوالي 14 عاماً، تراجعاً في استطلاعات الرأي التي يتصدّرها حزب العمّال بقيادة كير ستارمر.
ويُشكّل هذا الخطاب الذي لا يتعدّى عشر دقائق، لحظة أساسية في الحياة السياسية رغم أنّ محتواه السياسي عادةً ما يكون غامضاً وعامّاً.
بالتالي، فإنّه يمثّل إحدى الفرص الأخيرة لريشي سوناك لإعطاء فكرة عن المسار المتّبع لعكس اتجاه التطوّرات في الممكلة المتحدة، وللنأي بنفسه عن حزب العمّال.
وأكمل الملك الخطاب الذي أعدّه سوناك، فكرّر فيه رغبته في محاربة التضخّم وخفض الفواتير الذي يدفعها المواطنون البريطانيون، وأيضاً تدريب المزيد من الأطباء والممرّضين وحظر بيع السجائر تدريجياً في المملكة المتحدة.
ويرغب ريشي سوناك الذي دخل داونينغ ستريت منذ ما يزيد قليلاً عن عام، في رسم «أطر قانونية جديدة» لدعم تطوير المركبات ذاتية القيادة وتشجيع الابتكار في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي.
ومنح سوناك وعوداً للجناح اليميني في حزب المحافظين، حيث اقترح تشديد العقوبات على القتلة ومرتكبي الجرائم الجنسية، وتعزيز صلاحيات الشرطة والمحاكم لمكافحة «الجرائم الإلكترونية أو استغلال الأطفال».
وكما أفيد الاثنين، فإنّ هناك مشروع قانون «سيدعم ترخيص حقول النفط والغاز الجديدة لمساعدة البلاد على تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050، من دون إضافة المزيد من الأعباء على الأسر»، حسبما قال الملك أثناء تلاوته خطاب سوناك، وذلك من دون أن يرفّ له جفن لا سيما أنّه معروف بالتزامه طويل الأمد بالدفاع عن البيئة.
غير أنّ هذه الإجراءات المتخذة باسم أمن الطاقة، تتعرّض لانتقادات قاسية من قبل الناشطين في مجال البيئة، الذين يتحرّكون منذ بداية تنوفمبر بدعوة من منظمة «جاست ستوب أويل» (Just Stop Oil) ضدّ مشاريع الحكومة الجديدة الهادفة إلى استخراج المحروقات.