بالتزامن مع فشل مجلس الأمن الدولي، للمرة الثالثة، في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار في قطاع غزة الذي يتعرّض لعدوان إسرائيلي منذ هجوم «حماس» المباغت في 7 أكتوبر الماضي، الذي أسفر عن مصرع نحو 1400 إسرائيلي وأسر نحو 242، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن نيته إعادة تولي «المسؤولية الأمنية الشاملة لفترة غير محددة» في غزة، بعد انتهاء الحرب، وهو ما يعتبر احتلالاً مقنعاً للقطاع، على غرار ما تقوم به إسرائيل في الضفة الغربية.

وفيما لا تزال الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تردد أنه لم يعد بالإمكان السماح لـ «حماس» بالاستمرار في حكم غزة والعودة الى وضع ما قبل 7 أكتوبر، قال نتنياهو لمحطة إيه بي سي نيوز الأميركية ليل الاثنين ـ الثلاثاء: «عندما لا نتولى المسؤولية الأمنية، فإنّ ما نواجهه هو اندلاع إرهاب حماس».

Ad

وجدد رئيس الحكومة الإسرائيلية رفض وقف إطلاق نار شامل دون إطلاق سراح الرهائن الذين تحتفظ بهم «حماس»، لكنّه أشار إلى انفتاحه على فكرة «هُدن قصيرة»، موضحا: «فيما يتعلّق بفترات توقّف تكتيكية قصيرة للقتال، ساعة هنا وساعة هناك، فقد حدثت من قبل. وأعتقد أننا سنبحث الأوضاع من أجل تمكين دخول البضائع والسلع الإنسانية أو الرهائن من المغادرة».

وبعد ساعات من رفض الحركة أي سيناريو لإخراج مقاتليها وقادتها من القطاع، في تكرار لسيناريو الاجتياح الإسرائيلي للبنان وإخراج حركة فتح من بيروت عام 1982، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، إنه يجب على السلطة الفلسطينية تولّي السيطرة على غزة، إذا نجحت تل أبيب في تحقيق هدفها المعلن بإنهاء حكومة حركة حماس والقضاء على بنيتها العسكرية والسياسية، لكنّه شدد في المقابل، على ضرورة أن تبقى السيطرة الأمنية بيد الجيش الإسرائيلي، معبّراً عن معارضته «احتلال» القطاع، حتى لا تكون لإسرائيل أي التزامات تجاه السكان بموجب القانون الدولي. وقال البيت الابيض امس إنه لن يسمح لإسرائيل بإعادة احتلال غزة.

لا حدود للقوة

في موازاة ذلك، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، على أنه «لا قيود ولا حدود أمام جنودنا في غزة لاستخدام القوة». وخلال مشاركته في جلسة للجنة الشؤون الخارجية والأمن، استعرض غالانت أمام أعضاء «الكنيست» التقدم المزعوم الذي أحرزته قواته في القطاع، مشيرا الى أنه في النهاية «سيتم تحقيق 3 أهداف رئيسية: «حماس» ستنتهي من الوجود كإطار عسكري وحكومي في غزة، لن يكون هناك أي تهديد أمني من غزة لمواطني إسرائيل، وأخيراً سيكون للجيش الإسرائيلي حريّة العمل الكاملة من دون قيود على استخدام القوة».

إلى ذلك، كشف المتحدث العسكري الإسرائيلي أن الجيش يستخدم مقاتلة F - 35 الحديثة في الهجوم على قطاع غزة، في وقت قال رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية هرتسي هليفي إن الجيش الإسرائيلي يعرف كيفية الوصول إلى كل مكان في الشرق الأوسط.

حرب مدن

جاء ذلك في وقت أفادت التقارير الميدانية بأن القوات الإسرائيلية البرية وصلت إلى مشارف مدينة غزة. وتوقعت صحيفة هآرتس أن يتم اقتحام المدينة خلال ساعات.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته سيطرت على مركز عسكري لـ «حماس» بشمال غزة، فيما أكدت «كتائب القسام» أنها تصدّت للقوات المتوغلة، وأجبرتها على التراجع من عدة مناطق.

وتحدثت «القسام»، الجناح العسكري لـ «حماس»، عن تدمير 4 دبابات وآليات وجرافات خلال 24 ساعة من القتال. وذكر المتحدث باسم «القسام»، أبوعبيدة، أن قواته أعلنت قبل عدة أيام أنها على وشك الإفراج عن 12 محتجزا من حملة الجنسيات الأجنبية، متهما سلطات الاحتلال بعرقلة ذلك. وأشار إلى أنه مازال يؤكد «الاستعداد للإفراج عنهم، ولكن الوضع الميداني والعدوان الإسرائيلي الذي يهدد حياتهم يعيقان إتمام ذلك».

نزوح وغضب

وفيما أفادت وزارة الصحة في غزة بارتفاع عدد القتلى جراء الهجوم الإسرائيلي إلى 10330، كشفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أن 70 بالمئة من سكان القطاع أصبحوا نازحين، ويعيش معظمهم في ظروف مروعة بملاجئ الأمم المتحدة، غداة قول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن غزة تحولت إلى «مقبرة للأطفال»، وهو ما أثار حفيظة إسرائيل.

الى ذلك، بدأت مصر باستقبال حالات أطفال مرضى بالسرطان من القطاع عبر معبر رفح، كما خرجت دفعة جديدة من الأجانب من القطاع، بينهم مصريون.

الهدنة

يأتي ذلك، بعد أن رفضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أمس الاول، مشروع قرار دولي لوقف القتال في غزة. ولا تزال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن متمسكة برفض وقف نهائي أو طويل الأمد للنار، رغم تزايد الضغوط التي تتعرّض لها، والتي كان آخرها «مذكرة حساسة» كشفتها صحيفة بوليتكو، وأظهرت أن موظفين في وزارة الخارجية الأميركية وجّهوا انتقادات لاذعة لتعامل الإدارة مع الحرب والوضع الكارثي في غزة.

وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، أن الرئيس الأميركي ناقش مع نتنياهو، مساء أمس الأول، إمكان التوصل إلى «هدنات تكتيكية» في القطاع الذي يسكنه نحو 2.4 مليون نسمة، نزح منهم نحو 1.5 مليون داخلياًَ.

وكشف مسؤول إسرائيلي لصحيفة وول ستريت جورنال عن توقعات بأن تطلب أميركا وقفا لإطلاق النار في غزة خلال 10 أيام. بدوره رجّح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، في تصريحات لـ «بوليتيكو» أن توافق تل أبيب على المطالب الأميركية في غضون الأسبوعين أو الأسابيع الثلاثة المقبلة، مضيفا أن أمام إسرائيل أسابيع فقط لهزيمة «حماس»، بسبب تضاؤل التعاطف العالمي معها.

وكانت مصادر دبلوماسية ذكرت لـ «الجريدة» أن دولاً عربية وضعت مهلة للتوصل الى هدنة قبل موعد القمة العربية الطارئة المقررة السبت المقبل.

وفي القاهرة، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال اجتماعه بمدير الـ «CIA»، وليام بيرنز، ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية وعدم إعاقة تدفقها. وبدأ بيرنز من القاهرة جولة تشمل إسرائيل ودولاً إقليمية، تركز على ما يبدو على الإفراج عن الأسرى.

كما زار بيرنز إسرائيل، حيث التقى رئيس جهاز الشاباك رونين بار، وأجرى معه محادثات حول أنشطة الشاباك والجهود المبذولة لتحرير المختطفين.

وفي بروكسل، أعرب ملك الأردن عبدالله الثاني، خلال لقاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن رفض المملكة أي محاولة للفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيراً إلى أنهما «امتداد للدولة الفلسطينية الواحدة».

كما أعلنت السلطات اليابانية والبريطانية، في بيان وزاري مشترك، أن «حل الدولتين هو الطريق الوحيد القابل للتطبيق نحو السلام العادل والدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين».

في السياق، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، خلال استقباله مفوض الأمم المتحدة، فولكر تورك، أن «مشاهد القتل والرعب في غزة ستستمر في ذاكرة الأجيال لعقود قادمة».