تحكي الأسطورة الإغريقية قصة إيكاروس ووالده اللذين احتُجزا بأمر الملك مينوس داخل متاهته الشهيرة والمعروفة باستحالة الخروج منها كونه صنعها لحجز وحش المينوتور الأسطوري والمرعب، ولأن والد إيماروس دايدالوس كان عبقريا إغريقيا فقد توصل لحل عبر صنع أجنحة من شمع له ولولده للطيران بها فوق المتاهة، وفعلا نجحا وارتفعا عاليا وحلقا بعيدا عن المتاهة، ولكن إيكاروس ورغم تحذيرات والده أغراه شكل الشمس فحاول الاقتراب منها قدر الإمكان ليستعرض أجنحته أمام بلاط أشعتها، وبعد مدة قصيرة حدث ما توقعه دايدالوس فذاب الشمع وهوى إيكاروس سريعا نحو الأرض.

معارضة 2020 تعاني حاليا متلازمة إيكاروس، فبعد خروجها أخيراً من المتاهة البرلمانية التي استغرقت سنوات وسنوات منذ إبطال مجلس فبراير الأول حتى خطاب تعديل المسار واكتمال صنع أجنحة الشمع الشعبية في صناديق الانتخابات الأخيرة، حلقت المعارضة وحيدة في سماء دور الانعقاد الحالي، وتستطيع إكمال تحليقها طوال الفصل التشريعي لو فهمت فقط الفرق بين التعاون والتحالف، وأن التعاون مفهوم ومختلف عن التحالف، فالأول مطلب دستوري، والثاني التزام سياسي، قد يجعلها تقترب كثيرا بشكل أكثر من اللازم من شمس الحكومة الحارقة والتي تستطيع إذابة أي جناح شمع بسهولة كما فعلت بتحالفاتها السابقة والتاريخ أوضح من أن يوضح.

تحقيق متلازمة إيكاروس قد يكون مع مرور الأيام وتوارد الاختبارات البرلمانية الصعبة لاحقا وتشكل المهارية الجديرة وزيادة، وتم الضغط الشعبي الذي يريد سريعا قطف عنب قضاياه عبر نواطيره الدستوريين في المجلس، وسنعرف حينها من من نواب المعارضة سيكمل رحلته محافظا على أجنحته الشمعية بسلام حتى موعد الانتخابات القادمة، ومن سيلتصق بشمس الحكومة بعد أن أغرته كما أغرت غيره أشعة تحالفها المنعشة، فيهوي سريعا كما صعد سريعا، وفي كل الأحوال وحش المينوتور الشعبي جاهز في المتاهة لاستقبال أي ساقط في اختيار معادلة الشمس والشمع، وستمزقه الصناديق كما مزقت غيره، والتاريخ أيضاً أوضح من أن يوضح هنا، وكل ما علينا هو الانتظار ومشاهدة المسار القادم الذي تتشكل ملامحه حاليا وبصورة متسارعة قد تجعله واضحا جدا بعد نهاية الشهور الثلاثة الأولى لدور الانعقاد الحالي.
Ad