بقايا خيال: حنظلة
أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا، اسمي حنظلة، اسم أبي، نضال، اسمه الكامل «نضال ماعرفش لإمتى» آه، هو اسمه هيك هو كاللي (قال لي) «نضال ماعرفش لإمتى»، هه، مش ضروري تعرفوا ليش سموه هيك، أو لإمتى النضال هاظا، المهم نضال وبس، أمي اسمها نكبة، لهلق عايشة، إحنا بنحب أمنا، طلبنا من أمي تسمي أخواتي التلات كلهن نكبات، نكبة الكبرى، نكبة الوسطى، ونكبة الصغرى، نمرة إجري (قدمي)، ما بعرف كديش، لأني دايم حافي، تاريخ ولادتي في 5 حزيران 1967، أمي كالت لي ولادتك كانت عسرة، وما حدا من الجيران عرف يساعدني على توليدي، مشان هيك ما بيحبوك، ويمكن بيكرهوك، لأنك بتزكرهم (تذكرهم) بضعفهم وهوانهم في الماضي، وهسه في الحاضر كمان، همه أضعف مما تتصور، آه واللا؟، شو مفكر يعني؟
بس وجودي مهم، دايم أكرر اللي كتبوه على قبر أبوي (أنا أفكر إذاً أنا موجود)، هاظا كلام أبوي، والكلام هاظا هو اللي مصبرني، وإيماني بالله طبعاً، واللا؟ بالستينيات والسبعينيات كانت «فلسطين» وشم عزنود الشباب العربي، في الثمانينيات والتسعينيات صاروا يكتبوها بالحبر السري بس، اليوم، للأسف بيطلعوها غصب من ذاكرتهم، بس لم تسقط قنبلة يهودية على أطفال فلسطين، أو صاروخ على نساء فلسطين، أو رصاصة تطلق على شيوخ فلسطين، جيرانَّا ما تغيروا، يمكن تغيروا للأسوأ، مثل بول البعير، لِوَرا، بيحكوا كتير عن الكضية الفلسطينية، وبيدافعوا عنها بالإعلام الرسمي بس، للاستهلاك المحلي فقط، بس كله حكي، حكي فاضي، لا يودي ولا يجيب، يعني بالفلسطيني (ضراط ع بلاط)، يعني صوت مسموع بلا فعل.
أنا ما بعرفش جنسيتي حتى، شو هيه ما بعرفش، نسيتها، لا العرب همه اللي نسوني اياها، من زمان كالوا لي إنت عربي منا وفينا، وبعدين همه اللي اتبروا مني، كالوا لي إنت مش فلسطيني، ومش أردني، ومش كويتي، مش لبناني، مش مصري، مش مغربي، ولا عراقي، ولا حدا، معيش هوية، ولا ناوي أتجنس، بس كالوا لي إنت عربي ابن عربي ابن عربي، بعدين فجأة نسيوني، وداروا ظهورهم علي، ما بعرفش ليش، هيك بدون سبب، كأني غريب، ولا كأني أخوهم، أو حتى كريبهم، وراحوا الضفة التانية، للأغراب، لدرجة أني صرت كأني مقيم بينهم بصورة غير قانونية، ووكفوا (وقفوا) ضدي وراحوا مع اللي اتسبب بالكضية، وجاب إلنا المصايب، همه العرب هيك، بيركعوا للقوي، والضعيف والفقير عندهم أخو الكلب، بس ما بيعرفوا إن الله أقوى، الله معنا.
أهلي وعزوتي وِكْفُوا ضدي، بعضهم كالوا لي (إنت متهم حتى تثبت إدانتك)، حاولوا يكتلوني مرات ومرات، وهمه ما بيعرفوا إن الله معنا في كل دكيكة ولحظة، همه ما بيعرفوا إن طائر الفينيق عايش فينا من زمان، ومش ناوي يرحل، صار لي زمان بغني (بلادي، بلادي، بلادي، لك حبي وفؤادي)، وكلما غنيتها راحوا اليهود يبنوا مستوطنة، وبس أسكت يروحوا يبنوا مستوطنتين، بطلت أسكت يا زلمه، همه يبنوا مستوطنة، وانا أغني ببلادي، وأحفر خندق، همه يخربوا البيارات وبساتين القمح، بس ما بيعرفوا إن السنبلة إذا انكسرت وسكطت حباتها عالأرض بتنبت عشرات السنابل، وهيك إحنا الفلسطينيين، بيموت منا واحد وبيولد غيره عشرة، الله معنا، ومع بلادي، بلادي، بلادي، لك حبي وفؤادي. «حنظلة».