إيجابيات وسلبيات القمة الأميركية لجزر المحيط الهادئ
في 28 و29 سبتمبر، استضافت الولايات المتحدة أول قمة على الإطلاق لجزر المحيط الهادئ في البيت الأبيض، وشارك قادة تلك الجزر وعدد من المراقبين من أكثر من 12 دولة في ذلك الحدث ووقّعوا على «إعلان الشراكة بين الولايات المتحدة والمحيط الهادئ» المؤلف من 11 نقطة، حيث يتعهدون بمعالجة مشتركة لتحديات متنوعة مثل التغير المناخي، والنمو الاقتصادي، والتنمية المستدامة، والأمن البحري، وأزمة كورونا، لكن لم تُحقق هذه القمة التاريخية نجاحاً مطلقاً، بل يُفترض أن توضع في سياقها المناسب، ويمكن استخلاص استنتاجات جيدة وسيئة أو حتى مريعة من ذلك الحدث، ومن المتوقع أن تنعكس بكل وضوح على الاستراتيجية الأميركية في المنطقة خلال المرحلة المقبلة.
من الناحية الإيجابية، تسلّط القمة الضوء على منطقة أوقيانيا التي تجاهلتها واشنطن كثيراً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد كان لافتاً أيضاً أن تقوم استراتيجية الشراكة التي طرحتها إدارة جو بايدن لمنطقة المحيط الهادئ ونشرتها في نهاية القمة بتعقب «استراتيجية المنطقة لقارة المحيط الهادئ الزرقاء» لعام 2050، حتى أنها ذهبت إلى حد ربط مختلف نقاط الاستراتيجيتَين صراحةً، كذلك تعطي الاستراتيجية الأميركية الأولوية للتغير المناخي، وهو جزء من أولويات إدارة بايدن أيضاً، حيث يطرح التغير المناخي تهديداً وجودياً على أوقيانيا، لذا تصيب المصطلحات المستعملة الهدف.
لكن من الناحية السلبية، لم يشارك جميع أعضاء منتدى جزر المحيط الهادئ، رغم حضور عدد كبير منهم، وبالتالي هل يمكن اعتبار إعلان الشراكة شرعياً في المنطقة؟
ظاهرياً، يبدو تعهد الولايات المتحدة بتقديم 810 ملايين دولار لمنطقة المحيط الهادئ خلال القمة الأخيرة توجّهاً واعداً، لكن عند مراجعة التفاصيل، يتبيّن أن نائبة الرئيس كامالا هاريس سبق أن تعهدت بمبلغ 600 مليون منها حين ألقت خطابها في قمة منتدى جزر المحيط الهادئ في شهر يوليو، مما يعني أن إدارة بايدن تحاول حصد الإشادة مرتَين مقابل وعدٍ لم تنفذه بعد، وترتبط معظم هذه المبالغ أيضاً بحماية مصايد الأسماك ومنع توسّع عمليات الصيد الصينية في المنطقة، مما يعني أن معظم الأموال لن تلبّي الحاجات المُلحّة الأخرى لسكان جزر المحيط الهادئ، وفي الوقت نفسه، سيمتدّ توزيع الأموال على عشر سنوات ويجب أن يحصل على موافقة الكونغرس أولاً، مما يعني احتمال عدم إقراره أصلاً.
أخيراً لم تذهب واشنطن، في بيانها المشترك مع جزر المحيط الهادئ بعد القمة، إلى حد الاعتذار والتعويض عن جزر مارشال بدرجة كافية غداة اختباراتها النووية المريعة خلال الحرب الباردة، فبين العامين 1946 و1958، اختبرت الولايات المتحدة 67 قنبلة نووية بالقرب من موقعَي «بيكيني» و«إنيويتاك أتولز»، ويواجه السكان حتى الآن تداعياتها الإِشعاعية على شكل مشاكل صحية وحالات سرطان، وهذا الوضع قد ينعكس سلباً على إعادة التفاوض حول «اتفاق الارتباط الحر بين الولايات المتحدة وجزر مارشال».
في مطلق الأحوال، كانت القمة التي جمعت الولايات المتحدة وجزر المحيط الهادئ استثنائية على مستويات كثيرة، فهي لن تُحدد الوجهة النهائية للاستراتيجية الأميركية في منطقة المحيط الهادئ، لكنها تعكس جزءاً من قوة تلك الاستراتيجية وضعفها إقليمياً. كذلك، أطلقت تلك القمة حقبة جديدة من التواصل الأميركي المكثف مع جزر المحيط الهادئ، ومن دون الإغفال عن دور الصين.
يجب أن تفكر واشنطن في المراحل المقبلة بإبقاء تصرفاتها التنافسية تجاه الصين في حدّها الأدنى، وتُحسّن أداءها في خوض اللعبة الدبلوماسية، وتكتسب خبرة حقيقية في شؤون جزر المحيط الهادئ، وتفكّر بزيادة التمويل للمشاريع التي تؤثر على السكان العاديين في الجزر، وتحترم مسار منتدى جزر المحيط الهادئ وتتحرّك بموجبه، وحتى الآن على الأقل من الواضح أن الاستراتيجية الأميركية في هذه المنطقة تحتاج إلى تعديل واسع النطاق.
* ديريك غروسمان
من الناحية الإيجابية، تسلّط القمة الضوء على منطقة أوقيانيا التي تجاهلتها واشنطن كثيراً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد كان لافتاً أيضاً أن تقوم استراتيجية الشراكة التي طرحتها إدارة جو بايدن لمنطقة المحيط الهادئ ونشرتها في نهاية القمة بتعقب «استراتيجية المنطقة لقارة المحيط الهادئ الزرقاء» لعام 2050، حتى أنها ذهبت إلى حد ربط مختلف نقاط الاستراتيجيتَين صراحةً، كذلك تعطي الاستراتيجية الأميركية الأولوية للتغير المناخي، وهو جزء من أولويات إدارة بايدن أيضاً، حيث يطرح التغير المناخي تهديداً وجودياً على أوقيانيا، لذا تصيب المصطلحات المستعملة الهدف.
لكن من الناحية السلبية، لم يشارك جميع أعضاء منتدى جزر المحيط الهادئ، رغم حضور عدد كبير منهم، وبالتالي هل يمكن اعتبار إعلان الشراكة شرعياً في المنطقة؟
ظاهرياً، يبدو تعهد الولايات المتحدة بتقديم 810 ملايين دولار لمنطقة المحيط الهادئ خلال القمة الأخيرة توجّهاً واعداً، لكن عند مراجعة التفاصيل، يتبيّن أن نائبة الرئيس كامالا هاريس سبق أن تعهدت بمبلغ 600 مليون منها حين ألقت خطابها في قمة منتدى جزر المحيط الهادئ في شهر يوليو، مما يعني أن إدارة بايدن تحاول حصد الإشادة مرتَين مقابل وعدٍ لم تنفذه بعد، وترتبط معظم هذه المبالغ أيضاً بحماية مصايد الأسماك ومنع توسّع عمليات الصيد الصينية في المنطقة، مما يعني أن معظم الأموال لن تلبّي الحاجات المُلحّة الأخرى لسكان جزر المحيط الهادئ، وفي الوقت نفسه، سيمتدّ توزيع الأموال على عشر سنوات ويجب أن يحصل على موافقة الكونغرس أولاً، مما يعني احتمال عدم إقراره أصلاً.
أخيراً لم تذهب واشنطن، في بيانها المشترك مع جزر المحيط الهادئ بعد القمة، إلى حد الاعتذار والتعويض عن جزر مارشال بدرجة كافية غداة اختباراتها النووية المريعة خلال الحرب الباردة، فبين العامين 1946 و1958، اختبرت الولايات المتحدة 67 قنبلة نووية بالقرب من موقعَي «بيكيني» و«إنيويتاك أتولز»، ويواجه السكان حتى الآن تداعياتها الإِشعاعية على شكل مشاكل صحية وحالات سرطان، وهذا الوضع قد ينعكس سلباً على إعادة التفاوض حول «اتفاق الارتباط الحر بين الولايات المتحدة وجزر مارشال».
في مطلق الأحوال، كانت القمة التي جمعت الولايات المتحدة وجزر المحيط الهادئ استثنائية على مستويات كثيرة، فهي لن تُحدد الوجهة النهائية للاستراتيجية الأميركية في منطقة المحيط الهادئ، لكنها تعكس جزءاً من قوة تلك الاستراتيجية وضعفها إقليمياً. كذلك، أطلقت تلك القمة حقبة جديدة من التواصل الأميركي المكثف مع جزر المحيط الهادئ، ومن دون الإغفال عن دور الصين.
يجب أن تفكر واشنطن في المراحل المقبلة بإبقاء تصرفاتها التنافسية تجاه الصين في حدّها الأدنى، وتُحسّن أداءها في خوض اللعبة الدبلوماسية، وتكتسب خبرة حقيقية في شؤون جزر المحيط الهادئ، وتفكّر بزيادة التمويل للمشاريع التي تؤثر على السكان العاديين في الجزر، وتحترم مسار منتدى جزر المحيط الهادئ وتتحرّك بموجبه، وحتى الآن على الأقل من الواضح أن الاستراتيجية الأميركية في هذه المنطقة تحتاج إلى تعديل واسع النطاق.
* ديريك غروسمان