حق التعليم مكفول للجميع، آمنا بالله، لكن الكويت قد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي كانت في أيام الجهل وقلة أعداد المتعلمين وأصحاب الشهادات أفضل حالاً وأكثر تقدماً وريادةً من زمن انتشار العلم والتعليم الأكاديمي الحقيقي والمزور والزائف.

ولتوضيح الفوارق بينهم، فإن التعليم الحقيقي لا أظنه بحاجة للشرح، أما الزائف فهو غالباً ما يكون في جامعات دول عربية أو «عالمثالثية» ذات مستوى أكاديمي منخفض جداً تمنح طلبتها شهادات رسمية تعطي صاحبها الثقة بالنفس من غير العلم، ولأن البيئة المحيطة تؤثر على شخصية الطالب وثقافته ونظرته للحياة، فإن معظم هذه الجامعات تكون في دول لا يستفيد منها الطالب سوى إتقان الاستسهال وتهوين التلاعب بالقوانين، فيتخرج منها بعد سنوات بلا علم ولا ثقافة ولا أخلاق لينشر بعدها نتاج تجربته في المجتمع والسياسة ليثبت لنا بجدارة أن نصف العلم أخطر من الجهل، ويبقى التعليم المزور حيث لم يغادر الطالب منزله وربما لا توجد جامعة أصلاً لكنه تحصل على شهادة أكاديمية بالمراسلة أو بالفوتوشوب لتفتح له باب المستقبل في العلوم الطبيعية والإنسانية.

Ad

على أية حال، وبعد أن استبشرنا خيراً برد وزير التعليم العالي عن الشهادات العلمية المزورة والمزيفة وتأملنا إغلاق الباب ولو جزئياً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إلا أنه تراجع عن موقفه كعادة الوزراء في الكويت، فحتى ذوو الشهادات المغشوشة أصبحوا خطاً أحمر ولديهم «لوبي» يدافع عن مصالحهم ومستقبلهم الوظيفي، ولأنه يبدو أن استخدام المنطق السليم في حل القضايا غير المنطقية أمر غير منطقي، فلابد حينها من اللجوء للحلول غير المنطقية الخارجة عن المألوف، فطالما الدولة لا تستطيع منعهم فلتنظمهم عالأقل، وتذيق بعضهم بأس بعض، ولا تسمح مثلاً لأطباء هذه الجامعات إلا بعلاج زملائهم خريجي تلك الجامعات، ولا تسمح لهم وللمدافعين عنهم بالعلاج في الخارج إلا بدولهم التي درسوا فيها، وذات القياس على المحامي والمهندس وكل التخصصات، فالزميل أولى بزميله.