أكد المشاركون في «القمة السعودية الأفريقية» اليوم الجمعة أن هذه القمة تُمثل منعطفاً تاريخياً مهماً في علاقات الدول الأفريقية مع المملكة العربية السعودية وستفتح آفاقاً أرحب لمستقبل العلاقات بينهم وتطويرها في كافة المجالات.

وجدد قادة أفريقيا والسعودية في بيانهم الختامي الالتزام بتعزيز التعاون بين الجانبين على أساس الشراكة الاستراتيجية والمصالح المشتركة والروابط الجغرافية والتاريخية والثقافية التي تتقاسمها القارة الأفريقية مع المملكة العربية السعودية.

من جانبها، أكدت المملكة العربية السعودية على الروابط التاريخية مع القارة الأفريقية واهتمامها بتطوير علاقاتها مع كافة دولها في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والتجارية والتنموية والثقافية والاجتماعية.
Ad


وأشاد قادة الدول الأفريقية بدعم وتأييد المملكة العربية السعودية المبكر لانضمام الاتحاد الأفريقي كعضو دائم في مجموعة العشرين، مشددين على ضرورة وقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وضرورة حماية المدنيين وفقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني حيث ناقشوا تطورات الأوضاع في فلسطين.

وأكدوا على أهمية الدور الذي يجب أن يضطلع به المجتمع الدولي في الضغط على الجانب الإسرائيلي لإيقاف الهجمات والتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، مشددين على ضرورة السماح بتمكين المنظمات الدولية الإنسانية من القيام بدورها في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الشعب الفلسطيني.

وأكد المجتمعون على ضرورة إنهاء السبب الحقيقي للنزاع والمتمثل في الاحتلال الإسرائيلي وأهمية تكثيف الجهود للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي وفقاً لمبدأ حل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بما يكفل للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

كما أكد القادة على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وحسن الجوار على أساس مبدأ المساواة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين الدول وفقاً للقانون الدولي وعزمهم على تطوير التعاون والتنسيق في المجالات الدفاعية والتأكيد على توحيد الجهود لمحاربة الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله.

وبحثوا أيضاً سبل تعزيز التعاون وتنسيق الجهود وتبادل الخبرات بما يخدم ويحقق المصالح المشتركة ويسهم في تحقيق الأمن والسلم في العالم واتخاذ كافة التدابير اللازمة لمنع وقوع الجرائم الإرهابية بالتعاون الوثيق فيما بين دولهم وتعزيز العمل في مجال نشر ثقافة الاعتدال والتسامح وتحقيق الأمن والسلام ومحاربة التطرف والغلو والإرهاب.

ونوهوا بانضمام المملكة العربية السعودية ورئاستها مجموعة التركيز المعنية بالشأن الأفريقي والتابعة للتحالف الدولي ضد ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» الإرهابي إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المغربية وجمهوريتي إيطاليا والنيجر ودعمها لهذه المجموعة بمبلغ مليوني دولار أمريكي.

وثمّن المجتمعون جهود السعودية لانشاء مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن.

وشدد القادة على عمق العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية ودول القارة الأفريقية حيث قدمت المملكة خلال 50 عاماً دعماً تنموياً بأكثر من 45 مليار دولار في العديد من القطاعات الحيوية استفادت منه 46 دولة أفريقية.

وأشاد قادة الدول الأفريقية بمستوى العلاقات التجارية مع المملكة حيث بلغ حجم التجارة بين الجانبين 45 مليار دولار أمريكي عام 2022، مؤكدين أهمية استمرار بذل الجهود لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي وتشجيع الاستثمارات المشتركة من خلال تنويع التجارة.

وأشاروا إلى المقومات الاقتصادية المتنوعة لدى المملكة والقارة الأفريقية والفرص التي تقدمها «رؤية المملكة 2030» و«الأجندة الأفريقية 2063» لتعزيز التعاون في شتى المجالات وتعزيز التعاون المشترك في مجالات النقل والخدمات اللوجستية.

واتفق القادة على تعزيز العلاقات بين الجانبين في قطاعي الصناعة والتعدين وزيادة الصادرات غير النفطية مرحبين بالنمو الملحوظ للتبادل التجاري بينهما خلال السنوات الخمس الماضية بارتفاع الصادرات السعودية غير النفطية إلى أفريقيا بمعدل نمو سنوي بلغ 5.96 بالمئة في الفترة من 2018 إلى 2022 لتبلغ بنهاية العام الماضي 31.94 مليار ريال سعودي (8.5 مليار دولار).

وأكدت الدول الأفريقية على دور المملكة الريادي ودور مجموعة دول «أوبك بلس» في تعزيز موثوقية أسواق البترول العالمية واستقرارها والحاجة إلى ضمان أمن الإمدادات لجميع مصادر الطاقة في الأسواق العالمية.

ورحبوا بإطلاق المملكة مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» ودعمهم لجهود المملكة في مجال التغير المناخي بتطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون والذي أطلقته المملكة وأقره قادة دول مجموعة العشرين.

وأكدت المملكة تشجيعها للشركات والمستثمرين السعوديين على زيادة الاستثمارات النوعية في القارة الأفريقية بمختلف المجالات مرحبة بالمستثمرين والشركات الأفريقية للاستفادة من الفرص الاستثمارية الضخمة التي توفرها رؤية المملكة 2030 وبرامجها ومشاريعها العملاقة.

ورأى القادة أن هناك ضرورة لتعزيز التعايش الحضاري والتسامح الإنساني بين المملكة العربية السعودية ودول القارة الأفريقية، داعين إلى تعزيز التعاون الثقافي بينهما في كافة المجالات الثقافية بما يسهم في تبادل الخبرات والمحافظة على التراث الثقافي والعمل على زيادة تنظيم الأنشطة المشتركة في مجالي الرياضة والشباب وخلق مبادرات مشتركة.

كما أكدوا على وضع تصور استراتيجي مشترك للتعاون الإعلامي السعودي الأفريقي في مجالات التبادل الإخباري والإذاعة والتلفزيون وتنظيم قطاع الإعلام وعلى أهمية تمكين المرأة لتصبح عضواً فاعلاً في الأسرة والمجتمع وتنمية الوعي بين أفراد الأسرة والمجتمع حول مفهوم الإيذاء والعنف الأسري والآثار المترتبة عليه ونشر القيم الاجتماعية والمبادئ التي تعزز تماسك الأسرة والمجتمع المدني واستقرارهما والتعريف بتاريخ القارة الأفريقية وما يكتنزه من آثار وثقافات عريقة وقواسم مشتركة بين الجانبين.

وأكد قادة الدول الأفريقية دعمهم لترشح المملكة لاستضافة معرض إكسبو 2030 في مدينة الرياض وبذل كافة الجهود لدعم هذا الترشح مرحبين أيضاً بترشحها لاستضافة بطولة كأس العالم في كرة القدم لعام 2034.

بدورها، رحّبت المملكة بدعم السياسات والخطط والتوجهات التي من شأنها تطوير قطاع السياحة في دول الاتحاد الأفريقي بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية والاتحاد الأفريقي وتوفير الدعم الفني اللازم لتنمية القدرات البشرية والمؤسسات التعليمية في الاتحاد الأفريقي والمساهمة في تطويرها لتحقيق الاستفادة المرجوة من القطاع السياحي لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة في الدول الأفريقية.

وأكد قادة الدول الأفريقية على أهمية تعزيز الرقابة الغذائية والدوائية في دول القارة الأفريقية وزيادة التعاون المشترك لتعزيز برامج التنمية المستدامة لتحسين المستوى المعيشي لشعوب دولهم وخلق فرص عمل جديدة وخفض معدلات الفقر وتوفير الغذاء والحد من الجوع وفق خطة تنموية ترتكز على مجالات التنمية الإنسانية والزراعية والصحة والخدمات الإنسانية النوعية.

وأقر القادة توصيات القمة بشأن تشكيل مجموعات العمل الأربع «مجموعة الشأن السياسي والأمني والعسكري ومحاربة التطرف والإرهاب» و«مجموعة الشأن الاقتصادي والتنموي والتجاري والاستثماري» و«مجموعة الشأن الثقافي والتعليمي والتواصل الحضاري» ومجموعة «الشأن الإنساني والصحي» وأن تعقد أعمالها خلال ستة أشهر من انتهاء القمة لمتابعة مخرجاتها.

وقدّم قادة الدول الأفريقية شكرهم وتقديرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان على استضافة المملكة هذه القمة التاريخية التي تعكس الدور القيادي الذي تضطلع به المملكة على الساحتين الإقليمية والدولية وما تتمتع به من احترام في المجتمع الدولي.