إسرائيل تفتك بمستشفيات غزة
• خطاب نصرالله الثاني: سنبقى «جبهة مساندة»
مع دخول الحرب التي أطلقتها الدولة العبرية ضد حركة حماس يومها الـ 36، لتتجاوز بذلك مدة الحرب التي أطلقتها ضد «حزب الله» اللبناني عام 2006، تركز القصف الإسرائيلي الجوي والمدفعي على محيط عدة مستشفيات، وسط وشمال قطاع غزة، في حين حاصرت القوات البرية الإسرائيلية مستشفى الشفاء، الأكبر في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وركّز الطيران الحربي الإسرائيلي ضرباته على أحياء النصر واليرموك والرمال، وفي محيط مستشفى الشفاء وسط مدينة غزة، بالتزامن مع اشتباكات وُصفت بالأعنف منذ بدء التوغل البري الإسرائيلي في 27 أكتوبر الماضي.
ووسط حديث عن تقدم القوات الإسرائيلية البرية بهدف السيطرة على مستشفى الشفاء، الذي يعد الأكبر بغزة، وتقول الدولة العبرية، إن غرفة عمليات «حماس» العسكرية تقع في أنفاق أسفله، قالت حكومة القطاع التابعة للحركة الإسلامية، إن المقر الصحي يتعرّض «لجريمة مكتملة الأركان»، مشيرة إلى أن الآلاف داخل المستشفى، الذي تحولت ساحاته إلى ملجأ للنازحين، مهددون بالموت.
وفي وقت نقلت شبكة إن بي سي عن مصدرين بـ«الكونغرس» الأميركي، أن واشنطن لا تستطيع تأكيد ادعاء إسرائيل بوجود مقر قيادة لـ «حماس» تحت مستشفى الشفاء، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن قوات الجيش تقدمت إلى مسافة 3 كيلومترات من المستشفى، وطالبت بإخلاء كل من فيه لتسهيل التعامل مع عناصر الحركة الإسلامية به.
وجدد الجيش الإسرائيلي، أمس، المطالبة بإخلاء كل مستشفيات غزة «من أجل التعامل مع حماس»، معلناً استيلاءه على «11 موقعا عسكريا تابعا لحماس»، منذ بداية العملية البرية. وأمس الأول، ذكر جيش الاحتلال أنه سيطر على «موقع بدر» التابع لكتيبة الشاطئ في «كتائب القسام»، الجناح المسلح لـ «حماس»، بوصفه آخر موقع على ساحل البحر المتوسط للحركة الفلسطينية.
وزعم جيش الاحتلال أنه تمكن من اغتيال القيادي في «حماس»، أحمد صيام، خلال قصف تسبب في مجزرة بمدرسة البراق التي تديرها الأمم المتحدة كملجأ للنازحين.
كما شنت المقاتلات الإسرائيلية غارات على عموم القطاع تسببت في سقوط العشرات بين قتيل وجريح، خصوصا في مخيم الشاطئ وتل الهوا والشجاعية ومنطقة تل الزعتر ومحيط المستشفى الإندونيسي ومخيم الشاطئ شمال غزة، إضافة إلى رفح جنوب القطاع المحاصر.
وذكرت السلطات الإسرائيلية أن ما لا يقل عن 150 ألف شخص غادروا شمال غزة باتجاه جنوب القطاع خلال الأيام الثلاثة الماضية.
في المقابل، قصفت «القسام» و«سرايا القدس» التابعة لحركة الجهاد موقع مارس العسكري وعدة بلدات إسرائيلية بالصواريخ وقذائف الهاون.
وأكد الناطق العسكري باسم «القسام» أبوعبيدة أن «مقاتلي المقاومة يخوضون اشتباكات ضارية، ويفجّرون آليات العدو في كل محاور ونقاط التوغل بمدينة غزة».
انهيار طبي
في غضون ذلك، ذكرت حكومة «حماس» أنه «لا أحد يستطيع دفن الجثث الموجودة بساحات مستشفى الشفاء بسبب استهداف كل من يتحرك خارج المباني بواسطة طائرات مسيّرة»، في حين تحدث المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، منير البرش، عن عزم إدارة المستشفى «حفر مقبرة جماعية في الصباح داخل الشفاء لدفن 100 جثة ملقاة الآن في المستشفى».
وقال البرش: «نحن محاصرون داخل مجمع الشفاء الطبي، وهناك عدد كبير من المسيّرات الإسرائيلية في كل الاتجاهات»، مشيراً إلى توقف قسمَي العناية المركزة والأطفال وأجهزة الأوكسجين عن العمل، وفقدان مريض في قسم العناية المركزة، ومريض آخر في قسم العناية.
كما حذرت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، من كارثة يشهدها القطاع الطبي في غزة مع خروج 20 مستشفى من أصل 30 عن الخدمة، في ظل استهداف الاحتلال للمستشفيات بشكل مباشر بما في ذلك بقنابل الفسفور المحرّمة دولياً، فضلا عن نفاد الوقود الذي تمنع سلطات الاحتلال دخوله إلى غزة منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.
ولفتت إلى أنّ 39 طفلاً من الخدج في مجمع الشفاء الطبي مهددون بالموت في أي لحظة، وقد ارتقى منهم طفل صباح أمس، محذرة من أنّ عدم إدخال الوقود إلى المستشفيات سيكون حكماً بإعدام البقية.
في موازاة ذلك، قالت منظمة أطباء بلا حدود، إن الهجمات تكثفت على مستشفى الشفاء بشكل كبير خلال الساعات القليلة الماضية.
وكررت المنظمة دعواتها بشكل عاجل لوقف الهجمات على المستشفيات وحماية المرافق الطبية والطواقم الطبية والمرضى.
وأكد الهلال الأحمر الفلسطيني أنه بعد 3 ساعات سيحرم 500 مريض وجريح في مستشفى القدس في غزة من الرعاية الصحية، وسيفقد المرضى في غرفة العناية المكثفة والأطفال في الحاضنات حياتهم، من جراء نفاد الوقود.
اعتداءات الضفة
في هذه الأثناء، شهدت عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة صدامات واشتباكات بين أهالي وقوات إسرائيلية غداة تشييع حاشد لضحايا أعنف مواجهات شهدتها مدينة جنين (معقل المقاومة المسلحة) منذ عام 2005.
وجاء التوتر المتصاعد منذ بدء حرب غزة في وقت حذرت جماعات حقوق إنسان إسرائيلية من أراضي الضفة الغربية، المحتلة 1967، تتعرض لأكبر عملية استيلاء عدوانية من المستوطنين تحت تهديد السلاح والضرب منذ 50 عاماً.
وذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية في تقرير نشرته، أمس، أن «نحو 450 ألف مستوطن يعيشون في الضفة الغربية المحتلة التي يسكنها نحو 3 ملايين فلسطيني، وأن المستوطنات مبنية على الأراضي التي استولت عليها إسرائيل في حرب 1967، وهي تتوسع بشكل مطّرد، وهي غير قانونية بموجب القانون الدولي، وغالباً ما يُشار إليها على أنها العقبة الرئيسة أمام السلام وأمام حل الدولتين».
وتقول جماعات حقوق الإنسان الدولية والمحلية، إن «عنف المستوطنين الذي ترعاه الدولة كان في ارتفاع منذ فترة طويلة، ويستخدم إلى جانب القيود المفروضة على البناء وخنق الوصول إلى المرافق، لإجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم».
وأوضح التقرير أن «هذه الهجمات والاستيلاء على الأراضي تسارعت في الشهر الذي أعقب هجوم حماس، في السابع من أكتوبر الماضي، التي ردت عليه إسرائيل بقصف غزة بشراسة والهجوم البري الذي يتم تنفيذه حالياً، وكما أن هذا العام يبدو بالفعل أنه الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ 20 عاماً، إذ قتلت القوات الإسرائيلية والمستوطنون، في الشهر الماضي، 170 فلسطينياً، من بينهم 45 طفلاً. وقُتل 3 إسرائيليين في هجمات شنها فلسطينيون. وقُتل 15 شخصا على يد القوات الإسرائيلية، أمس الأول فقط، في مدينة جنين ومخيم اللاجئين الواقع بها.
وحذَّر التقرير من «خطورة تسليح المستوطنين الذي نادى به وزير الأمن القومي المؤيد للاستيطان، إيتمار بن غفير، وعارضته الولايات المتحدة الأميركية من خلال طلب ضمانات من الحكومة الإسرائيلية بعدم تسليم إمدادات السلاح من البنادق إلى فرق الرد السريع المدنية».
من ناحيته، أكد الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله، في خطابه الثاني منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في 7 أكتوبر الماضي، أن جبهة لبنان ستبقى «جبهة ضغط ومساندة لغزة».
وتحدث نصرالله عن تصاعد كمّي ونوعي في المواجهات على جانبي الحدود بين الجيش الإسرائيلي من جهة و«حزب الله» وفصائل فلسطينية ولبنانية مسلحة من جهة أخرى، كاشفاً عن استخدام المسيّرات الهجومية الانقضاضية وصواريخ البركان الثقيلة. وشدد على أن أي تغيير في جبهة لبنان يجب ان يكون مرتبطا بالأوضاع الميدانية في غزة، حيث «فشلت إسرائيل في تقديم أي صورة انتصار أو صورة انكسار أو استسلام للمقاومة في غزة».
وأشار إلى أن إيران «لا تقرر نيابة عن حركات المقاومة»، وأن العمليات لم تتوقف من لبنان وسورية والعراق واليمن، رغم انه «لم يترك الأميركيون قناة لإيصال تهديداتهم».
وتزامن خطاب نصرالله مع تنفيذ إسرائيل قصفاً في عمق نحو 40 كيلومترا داخل لبنان في منطقة الزهراني، وهو أبعد مدى يصل اليه الإسرائيليون، في حين نعت حركة أمل أحد عناصرها، ليصبح أول قتيل للحركة الشيعية المتحالفة مع «حزب الله».