أول العمود: مطلوب من الحكومة إيضاح ما يتحدث عنه بعض الناس من أن مناصب قيادية يجري حجبها عن المتجنس.
***
الجانب السلوكي– أو الانتفاضة الحياتية– التي أحدثتها عملية «طوفان الأقصى» في المحيط العربي والعالمي لا يمكن تجاهلها أو إغماض العين عنها، فالضمير العام كان قد اعتاد على ما يحدث في فلسطين قبل هذا الحدث المزلزل بسبب التسويف في القضية الفلسطينية التي تُوجت بهرولة نحو التطبيع مع كيان وحشي أفصح على الملأ أنه يريد إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، وأن جيشه يستطيع الوصول لأي دولة ويدمرها!
هذه الانتفاضة السلوكية أنعشت «التدريب» الذي فُرِضَ على البشر زمن كورونا بالمنع القسري عن التسوق، وها هو اليوم يتشكل في صيغ طوعية بسبب «الطوفان» من رغبة في مقاطعة شركات تجارية تمول الكيان الصهيوني، أو الامتناع عن التبضع من محلات استهلاكية، كما تسببت في إنتاج فني موسيقي داعم لفلسطين، وتظاهرات عارمة في عواصم مؤثرة، وتصريحات مباشرة من مؤثرين في الرياضة والفن والموضة بإعلان وقوفهم مع الفلسطينيين، وتوصيف جرائم العدو بأنها جرائم حرب وإبادة على لسان رؤساء دول.
وفي مسألة الوعي، فقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت في يد الأطفال والشباب معاً في فتح مسرح المسألة الفلسطينية بكل تفاصيلها، وتعريف هذا الجيل بقصة مجرمين جاؤوا من أوروبا وقتلوا وأرهبوا أهل فلسطين بدعم قوى كبرى، واحتلوا أرضهم وطردوهم وقتلوهم ولا يزالون منذ 75 عاماً.
«طوفان الأقصى» أعاد تعريف «السردية الصهيوينة» كما يجب، وكشف للأجيال التي تجهل الأهداف الرئيسة للنهج الصهيوني منذ قيامه، وهي: قتل الفلسطينيين وتهجيرهم والجلوس مكانهم!! كما أسفر «الطوفان» عن مدى الرغبة الجامحة لدى دول كبرى في أن يبقي الصهاينة بعيدين عنهم جغرافياً وعن مشاكلهم، وصمتهم عن كل مخالفة لقانون دولي وإنساني بشكل لم يسبق له مثيل حتى بات الأطفال والنساء نصف القتلى في فلسطين اليوم.
ما يحدث في غزة والضفة الغربية اليوم، والتهديدات التي تطول دولاً عربية من قبل الصهاينة يختصر قصة هذا الكيان، فرد الفعل على «طوفان الأقصى» ما هو إلا فيلم سينمائي مجاني المشاهدة يعكس عقيدة من يحكمون هذا الكيان ونظرتهم للمنطقة العربية لا فلسطين فقط، فهم يهينون العرب يومياً أمام شاشات التلفزيون ويتطاولون على كرامة الدول العربية وشعوبها بكل وقاحة.
شكراً لـ«الطوفان» الذي أيقظ العالم، وأيقظ قبلها عقولنا، فما يحدث اليوم في غزة بكل هوله وإجرامه كان يحدث قبله لكن بالتقسيط المريح... «طوفان الأقصى» اختزل 75 عاماً في فيلم مُحكم الإخراج والسيناريو.