دوامة النفوس المرهقة

نشر في 16-11-2022
آخر تحديث 15-11-2022 | 21:01
 د. منيرة سعد السلطان السالم التنفيس العاطفي في المكان والزمان والأشخاص الصح، قصص مشابهة قد حدثت لنا في حياتنا، فعندما تحدث العشوائية لتفريغ مشاعر قد تكون في بوح موضوع أو مشاركة إحساسك بما لا علاقة له في صميم الحديث بينك وبين شخص آخر أو مجموعة أشخاص، هل لأنك في لحظة فوضى مشاعر تقلب شعورك على تفكيرك، وتم فتح قفل سور خصوصيتك؟ أم بسبب إحساسك بالضعف والحاجة للبوح بما يدور في رأسك في تلك اللحظة حتى تصل نشوة الراحة المؤقتة؟

وهل لأنك كنت تحتاج إلى فضفضة أو طبطبة أو سماع رأي الآخر ليرتاح الجدل داخلك؟ ولكن هل الرد سيكون ذا قيمة أو مجرد الرد سينتقل للتراكمات السلبية وخلط مشاعر في باطنك؟ والأهم هل من مزيد من ثرثرة بما ليس له أي أهمية للآخرين، وهل هناك من يستغل حديثك ليستفزك ويدينك؟ ارفع نفسك عن ذل الشكوى والحاجة، وهناك النصوح، هل سبق لك أن قابلت هذا الشخص؟

لا يطغى علينا هذا النزاع بين القبح والجمال في تنفيس وتحكم المشاعر، وننسى حقيقة أهمية مشاركة المشاعر، فهو جانب إنساني من التواصل في الحياة لتبدو أجمل بحدود التحكم العاطفي لتحقيق التوازن، وليس قمع العاطفة والتطرف فيها، فالأفضل أن تكون دائما في المنتصف، فالشعور له قيمته ودلالته، وتكتمل المعادلة في الاعتدال، فمن غير المشاعر تكون الحياة مملة وكئيبة، فكيف لنا أن نتبادل الحديث من غير التفاعل والانفعال المتزن لنبدو بشراً حقيقيين؟

والإفراط في المشاعر هو الوجه الآخر للعملة عندما تنتقل المشاعر لنوع آخر وهي الأكثر شفافية للخصوصية لتعبر عن أذى أو شعور بالغضب أو الحزن فيبدأ التنفيس لتتكون هالة لتفريغ المشاعر أمام الأشخاص الغلط.

أنا مع تنفيس المشاعر بطريقة أكثر منطقية وسيطرة، فهناك حلول بديلة لها تأثير إيجابي، فمثلا أعد صياغة الأفكار والمشاعر بدلا من الفضفضة لكل ما يغضبك أو يحزنك، وفكر في إعادة صياغة أفكارك بكلمات لها تأثير إيجابي عليك، فجزالة الكلمة قوة، وقم بصياغة أفكارك حتى يكون لها تأثير في نفسك أولاً، وقل للآخر كل شيء يمكن أن يكون مصدراً لعلاج غضبك أو ضعفك، ولا تدع غيرك يحصل على مفتاحك.

استوقفتني هذه الأبيات من الشعر لتكون امتداداً يعكس واقعاً نعيشه، يقول فيها الشاعر:

«لا تَشْكُ للناس جُرْحاً أَنْتَ صَاحِبُهُ



لا يُؤْلِمُ الجَرْحُ إلا مَن بِهِ ألَمُ

شَكْوَاكَ لِلنَّاسِ يا ابنَ النَّاس منْقصَةٌ

ومَن مِنَ النَّاسِ صَاحِ مَا بِهِ سَقَمُ

فالهمُّ كالسّيْلِ والأحزان زاخِرَةٌ

حُمْرُ الدَّلائلِ مَهْمَا أهْلُها كَتمُوا

فَإِنْ شَكَوْتَ لِمَنْ طَابَ الزَّمَانُ لَهُ

عَيْنَاكَ تَغْلِي وَمَنْ تَشْكُو لَهُ صَنَمُ

وَإِذَا شَكَوْتَ لِمَنْ شَكْوَاكَ تُسْعِدُهُ

أَضَفْتَ جُرْحًا لِجُرْحِكَ اِسْمُهُ النَّدَمُ».

back to top