سجال إسرائيلي ــ أميركي... وحصار مستشفيات غزة يشتد
• نتنياهو يرفض تولي «السلطة» حكم القطاع... وواشنطن: الشعب الفلسطيني يجب أن يقرر
• وزير إسرائيلي يصف النزوح بـ «نكبة 2023» وبن غفير يَعِد باحتلال مستوطنات «فك الارتباط»
بعد ساعات من تأكيد البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية الطارئة في السعودية، أن الشرط المسبق للسلام مع الدولة العبرية وإقامة علاقات طبيعية معها، هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانتقادات الدولية لحكومته جراء الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة بسبب الحرب التي تشنها على حركة حماس منذ 37 يوماً، مؤكداً أنه على استعداد لتحدي العالم «إذا لزم الأمر» من أجل هزيمة الحركة المسيطرة على القطاع الفلسطيني المحاصر.
ودخل نتنياهو في سجال علني مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي سبق أن أعلنت معارضتها لإعادة احتلال القطاع من إسرائيل، قائلاً، خلال مؤتمر عقده بمشاركة القادة المسؤولين عن إدارة الحرب المدمرة، ليل السبت ــ الأحد، إن السلطة الفلسطينية التي تدير مناطق بالضفة الغربية المحتلة، لا يمكنها حكم غزة بعد انتهاء المعارك.
وبعد تصريحات لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أشار فيها إلى احتمال العمل على إعادة حكم السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع ضمن رؤية تقوم على إحياء «حل الدولتين» لإنهاء النزاع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، أكد نتنياهو أن إسرائيل ستعارض تسليم حكم غزة إلى السلطة التي يتزعمها الرئيس محمود عباس.
نتنياهو يتهم «حماس» برفض عرضٍ لإمداد «الشفاء» بالوقود والأردن ينزل مساعدات للمرة الثانية
وانتقد السلطة الفلسطينية باعتبارها كياناً يعلم الأطفال رغبتهم في القضاء على إسرائيل، ويدعم الإرهاب ولم يُدِن هجوم «حماس» غير المسبوق ضد القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي، والذي تسبب في مقتل 1200 إسرائيلي وأسر 242، العديد منهم من مزدوجي الجنسية والأجانب، مضيفاً أن «إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية الشاملة في القطاع».
وتعهد رئيس الوزراء، وإلى جانبه وزير الدفاع يوفي غالانت والوزير بيني غانتس، بمواصلة الهجوم العسكري الطاحن الذي تسبب في مقتل أكثر من 12 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 30 ألفا ونزوح نحو 1.5 مليون من سكان القطاع داخلياً، والرد على الضغوط الدولية الرامية لإبطاء المعركة أو وقفها بسبب كلفتها الباهظة بحق المدنيين، وأكد استعداده لـ «الوقوف بحزم ضد العالم إذا كان ذلك ضرورياً»، معتبراً أنه ليس بحاجة إلى «مواعظ من قادة أوروبا».
احتلال ونكبة
وفي تصريحات منفصلة، أكد وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، أن عودة المستوطنين إلى مستوطنات جنوب غزة ضرورية، «لأن الانتصار في الحرب لن يتحقق سوى بالاحتلال». ورأى أن إخلاء مجمع مستوطنات «غوش قطيف» داخل غزة، عقب فك الارتباط عام 2005، هو ما تسبب في هجوم «حماس»، مشدداً على أن «المطلوب هنا هو الاحتلال. في كل مرة يخسر فيها أعداؤنا أرضاً، يخسرون الحرب. يجب أن تكون لدينا السيطرة الكاملة، وهذا سيردع أعداءنا، ويجعلهم يعرفون أننا انتصرنا ويسمحون للسكان بالعودة إلى ديارهم»، يقصد المستوطنات الإسرائيلية التي أُخليت من سكانها بمنطقة غلاف غزة بعد هجوم السابع من أكتوبر.
كما وصف وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر ما يحدث في غزة من عملية نزوح للسكان إلى جنوب القطاع بأنه «نكبة غزة 2023»، وهو ما يعزز معتقدات ومخاوف كثيرين من الفلسطينيين الذين أُجبروا على ترك منازلهم، من أنه لن يسمح لهم بالعودة كما حدث لأسلافهم في حرب عام 1948.
سجال أميركي
وفي أوضح مؤشر على بروز خلافات علنية بين إدارة الرئيس جو بايدن وحكومة الحرب الإسرائيلية بشأن عدة نقاط تتعلق بسير العمليات العسكرية ومستقبل الأزمة التي تهدد بتضرر المصالح الأميركية الإقليمية، شدد مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان على أن «واشنطن لا تريد أن ترى معارك بالأسلحة قرب المستشفيات بالقطاع» بعد محاصرة الدبابات الإسرائيلية لعدة مقار صحية أبرزها «الشفاء» ومطالبة الجيش الإسرائيلي بإخلاء جميع المستشفيات في شمال غزة أمس الأول.
وأكد سوليفان أن «القرار سيكون للشعب الفلسطيني حول شكل الحكم مستقبلاً في غزة»، لكنه أشار إلى أنه لا يمكن العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل «7 أكتوبر»، في إشارة إلى استمرار حكم «حماس».
من جانب آخر، ذكر موقع «واللا» الإخباري، أن كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك سيزور إسرائيل والأردن والسعودية وقطر والبحرين لبحث الجهود المبذولة لتحرير نحو 80 إسرائيليا، من النساء والأطفال فقط، في مقابل إطلاق سراح أسيرات وأطفال فلسطينيين تحتجزهم سلطات الاحتلال في سجونها. وأكد الموقع العبري أن تلك الصفقة «من المتوقع أن تشمل هدنة تصل إلى بضعة أيام، ومن المحتمل أن تتضمن كذلك إدخال كميات محددة من الوقود إلى غزة». وتحدثت نتنياهو بنفسه عن تقدم إلا أن مسؤولاً في حركة حماس أعلن تعليق المفاوضات بسبب ما يجري في مستشفى الشفاء.
في هذه الأثناء، علق الأمين العام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، على تصريحات نتنياهو، قائلاً إن «كراهية الفشل» التي يشعر بها رئيس الوزراء تدفعه إلى «العمى الأخلاقي والإنساني والسياسي»، وهو ما سيؤدي إلى «المزيد من سفك الدماء والدمار والتشريد».
وكتب الشيخ عبر منصة «إكس»: «خرج نتنياهو أمس ليعلن الهدف الاستراتيجي للحرب: إعادة احتلال غزة والضفة بشكل كامل، ناسياً أو متجاهلاً أن احتلاله إلى زوال، ونحن من سيبقى».
في غضون ذلك، كثف الطيران الحربي الإسرائيلي غاراته وقصفه في محيط عدة مستشفيات في شمال قطاع غزة، وفي مقدمتها «الشفاء» الذي يوصف بأنه الأكبر في مركز القطاع، وتقول سلطات الاحتلال، إن به أو تحته غرفة عمليات وقيادة «حماس».
وأفادت التقارير بأن «الشفاء» خرج من الخدمة بشكل كامل بعد انقطاع الاتصال به وانقطاع التيار الكهربائي عنه بالكامل، في حين أفاد شهود بتدمير مبنى رعاية مرضى القلب بغارة إسرائيلية. وبالتزامن مع تقدم الدبابات الإسرائيلية بمحيط المستشفى الواقع في قلب مدينة غزة. حذرت وزيرة الصحة مي الكيلة من أن «الكلاب الضالة بدأت تنهش جثث نحو 100 شهيد موجودة في ساحة الشفاء بعد فشل محاولة حفر قبر جماعي لدفنها»، وتحدثت الوزيرة عن احتمال وفاة العشرات جراء توقف الأجهزة الضرورية لإنعاشهم.
وفي حين حذر متحدث باسم «الأونروا» من أنه في حال استمرار إسرائيل في منع إدخال الوقود إلى القطاع فإن الحياة ستتوقف، زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه عرض إمداد «الشفاء» بالوقود لكن «حماس» رفضت، وقال إنه اقترح إنشاء مستشفى ميداني لعلاج المرضى بعد إخلاء «الشفاء».
وتواصلت أمس الاشتباكات الضارية بين عناصر «كتائب القسام» الجناح العسكري لـ «حماس»، وقوات الجيش الإسرائيلي المتوغلة على عدة محاور بشمال القطاع، خصوصاً في خان يونس وجنوب مخيم الشاطئ والشجاعية.
في السياق، أعلن الجيش الأردني قيام طائرة تابعة له بإنزال مساعدات طبية للمستشفى الأردني الميداني، في شرق القطاع للمرة الثانية منذ بدء الحرب، في حين طالب المدير العام لمستشفيات غزة مصر بـ«تسيير قافلة إسعاف لنقل 650 مريضا دون اتباع الآلية الحالية»؛ لإخراج الجرحى والمرضى عبر معبر رفح البري لاستكمال علاجهم بمستشفيات سيناء.