الوقيان: شعراء الكويت سباقون في الانتصار للقضية الفلسطينية
• خلال جلسة حوارية برابطة الأدباء أدارها سالم الرميضي
نظم بيت الشعر في رابطة الأدباء الكويتيين جلسة حوارية بعنوان «فلسطين في الشعر الكويتي»، قدّمها الشاعر د. خليفة الوقيان، وأدارها الشاعر سالم الرميضي على مسرح د. سعاد الصباح، حضرها الأمين العام للرابطة، م. حميدي المطيري، وجمع من الأدباء والمثقفين، منهم د. سليمان الشطي، والأديبة ليلى العثمان، ود. هيفاء السنعوسي، ود. ياسين الياسين، ود. عيسى الأنصاري، وغيرهم.
الوعي القومي عند الكويتيين متقدم جداً منذ فترة مبكرة
وبدأ الرميضي المحاضرة بقوله «د. خليفة الوقيان هو أحد صنّاع الثقافة في الكويت إبان الزمن الجميل»، مشيراً إلى أن العَلَم لا يُعرّف. وذكر الرميضي، أن الحوار سيركز حول كتاب «فلسطين في الشعر»، مبيناً أن ذلك الكتاب الجميل صدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ورابطة الأدباء الكويتيين عام 2016، حينما كانت الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية، لافتاً إلى أن هذا الكتاب بحث فيه د. الوقيان وعاد إلى بداية التفكير في إقامة وطن قومي لليهود منذ عام 1616، لافتاً إلى أننا عندما نسمع عن القضية الفلسطينية نتوقع أنها بدأت منذ وعد بلفور عام 1917. وذكر الرميضي أن د. الوقيان أرّخ لها تأريخاً واعياً جداً في هذا الكتاب، ولاحظ الرميضي من خلال قراءته للكتاب اهتمام الشاعر الكويتي بالدرجة الأولى بقضايا الأمة، وأيضاً بالقضية الفلسطينية، حيث إن الشاعر الكويتي - وعلى سبيل المثال الشاعر خالد الفرج - يرحمه الله، تناول القضية الفلسطينية عام 1929 قبل النكبة، مؤكداً أن الشاعر الكويتي موجود ويتحدث عن قضايا أمته القومية، مضيفاً: «د. الوقيان جمع لنا من خلال كتابه النفيس العديد من هذه النماذج».
من جانبه، بدأ د. الوقيان حديثه قائلاً: «طلب منّى أمين السر رابطة الأدباء سالم الرميضي المشاركة بمحاضرة أو حوار عن فلسطين في الشعر الكويتي، وحاولت الاعتذار، لأني كتبت عن هذا الموضوع قبل 50 عاماً، إذ كانت رسالتي للماجستير عن «القضية العربية في الشعر الكويتي»، وفيها فصل عن فلسطين، وأنا لن أضيف إلى ما قلت، لكنّه أصر عليّ، وساندته عضوة مجلس إدارة الرابطة، تغريد الداود، فخضعت لطلبهما، وخاصة لأنّ الأمر يتعلّق بفلسطين التي تحتل في ضمائرنا موقعاً خاصاً.
وعد بلفور أيقظ الشعور بخطورة ما سيجري في فلسطين وكان الموقف الكويتي من ذلك الوعد دالاً على وعي مبكر بما يعنيه من تهديد
وأضاف الوقيان: كان أمامي 3 أيام لإعداد مادة هذه المحاضرة، أو المحاور، وكان هناك تحدّ آخر، وهو أن الموضوع يقوم على الاستشهاد بنصوص الشعر التي أسهم فيها الكويتيون لمناصرة الحق العربي في فلسطين. وهي أكثر من أن يتّسع الوقت لقراءتها، إذ إنها تمتد منذ عام 1928 حتى يومنا هذا، فضلاً عن الحديث عن المراحل التي مرّ بها المشروع الصهيوني لإقامة وطن لليهود في فلسطين منذ عام 1616، وصدى كل مرحلة وكل حديث في الشعر الكويتي».
الوعي القومي
وأكد أن الكويتيين بدأوا في التفاعل مع قضايا الوطن العربي منذ فترة مبكرة جداً، فقد تناولوا قضية ثورة الريف بالمغرب عام 1922، أما الجانب الآخر من الموضوع فيتناول الحركة الصهيونية، مضيفاً: «الحركة الصهيونية تهدف إلى جمع شمل اليهود، وإقامة كيان قومي لهم في فلسطين، ولتحقيق هذا الهدف نشأت منذ فترة مبكرة عدة جمعيات يهودية، كان دورها نشر الوعي القومي والدعوة إلى التجمع».
وأضاف «وفي عام 1616 - وهو تاريخ مهم - صدر كتاب «نداء لليهود» للسير هنري فيتش، وهو أول كتاب يطالب بإنشاء دولة لليهود تجمع فئاتهم وأفرادهم في ظل قومية موحدة، ثم نشر الحاخام هيرش كاليشر عام 1861 كتاب «البحث عن صهيون»، كما نشر موسى هس في العام التالي كتاب «روما والقدس»، الذي نادى فيه بإقامة دولة يهودية في فلسطين، ويُعدّ كتاب ليون بنسكر، «التحرير الذاتي» الصادر عام 1882، أقوى الكتب الصهيونية الأولى وأعمقها.
إسهامات الكويتيين في نصرة الحق الفلسطيني توالت بكل الوسائل
وأوضح الوقيان أن القضية التي يهمّنا أن نشير إليها هي أن النتائج السياسية التي نراها تكون بذورها قد غُرست من قِبل مفكرين، فأي قضية يبدأ المفكرون بغرس بذورها ويتعهدونها بالرعاية حتى تنبت، ومن ثم يأتي السياسيون لتنفيذها، ربما نحن نتعثر في كثير من أهدافنا، لأن السياسيين يتسلمونها مبكراً، فتتعثّر التجربة، ولو اعتمدنا على ما يبذله المفكرون في التخطيط لتنفيذ أهدافهم، لربما كان الوضع مغايراً.
وعد بلفور
وتابع الوقيان، أن الحديث دائماً حين يمرّ بقضية فلسطين نستذكر وعد بلفور عام 1917، على حين بدأت جهود المفكرين اليهود في إقامة وطن قومي لهم قبل 3 قرون من هذا التاريخ.
وعن مجلس الشورى ووعد بلفور يقول الوقيان: «أيقظ وعد بلفور الشعور بخطورة ما سوف يجري في فلسطين، وكان الموقف الكويتي من ذلك الوعد دالّاً على وعي مبكر بما يعنيه من تهديد، وكان أول تحرّك تجاه وعد بلفور بعد وقت قصير من صدوره هو تحرّك مجلس الشورى الكويتي، الذي أسس عام 1921، إذا بعث رئيس المجلس الحاج حمد عبدالله الصقر خطاب احتجاج إلى رئيس مجلس العموم البريطاني عام 1921، ضد صدور ذلك الوعد المشؤوم».
وبشأن التبرعات المبكرة لفلسطين، قال الوقيان «توالت إسهامات الكويتيين في نصرة الحق الفلسطيني بكل الوسائل، ففي عام 1921، زار مفتي القدس الحاج أمين الحسيني الكويت، فجمعت التبرعات لفلسطين بمناسبة زيارته، كما باشر الكويتيون بتهريب الأسلحة إلى المجاهدين الفلسطينيين منذ بدء الانتفاضات ضد اعتداءات اليهود، مثل انتفاضة حائط البراق عام 1929م، وثورة 1936، ومن أشهر من قاموا بالمخاطرة بنقل الأسلحة إلى فلسطين عبدالله حمد الصقر وأحمد القطامي».
إسهامات الشعر
وعن إسهامات الشعر قال: «كان شعراء الكويت أصحاب السبق في الانتصار للقضية الفلسطينية على المستوى القومي. وتعود أقدم النصوص الشعرية التي وصلتنا عن فلسطين إلى عام 1928، حين قال شاعر الكويت والخليج العربي خالد الفرج عن وعد بلفور:
هزئ القوي بسيفر وعهودها ولوعد بلفور بنا أطواق
فهو يشير إلى رفض مصطفى كمال أتاتورك معاهدة سيفر التي فرضت على تركيا بعد الحرب العالمية الأولى، على حين يطوّقنا وعد بلفور بقيوده، وفي العام التالي كتب قصيدة أخرى، وظل يتتبع كل صغيرة وكبيرة، مثله أيضاً إلى حد كبير الشاعر محمود شوقي الأيوبي أيضاً كتب عن انتفاضة البراق، ثم كتب قصيدة عام 1930 يرثي فيها من أعدمتهم سلطات الانتداب البريطاني بسبب مشاركتهم في هذه الانتفاضة».
ثورة 1936
الشاعر فهد العسكر خاطب البعثة التعليمية الفلسطينية التي جاءت إلى الكويت عام 1936، أي في العام الذي انطلقت فيه الثورة:
باللَهِ يا رُسلَ الثقافةِ خبّرو نا كيف حالُ الأختِ يا إخواني أعني فلسطيناً وكيف أميـنُها وجنودُه وبقيّةُ السكّانِ؟
أما صقر الشبيب فقد كتب عن فلسطين قصائد كثيرة تتبّع فيها كل مراحل النضال الفلسطيني، وكرر الدعوة إلى نصرة الحق الفلسطيني، ومن ذلك قوله:
بني يعرب من فاته أمس سله حساماً به عن قومه يحسن الذبّا فما فاته أن تمنح اليوم كفُّه فلسطين ما يمحو به ذلك الذنبا
وأيضاً أشاد الشبيب بالقائدين الشهيرين فوزي القاوقجي وسعيد العاص. وفي عام 1937 ينشر الشبيب قصيدة يرى فيها أنه لا عذر للعرب إن تراخوا في مناصرة إخوانهم في فلسطين، لأنّ القضية عربية.
قرار تقسيم فلسطين 1947
وكتب الشاعر خالد الفرج مخاطباً مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة عام 1947:
يا مجلس الأمن، بل يا هيئة الأمم ماذا التلاعب في الألفاظ والكَلِم؟
هل العدالة سلب المرء موطنه والأمن هل هو في التقتيل والنقم؟
أما الشاعر عبدالله زكريا الأنصاري فكتب مخاطباً الوسيط الدولي الكونت برنادوت:
رفعوا عن المسرح الظلم ستارا وانبروا يبغون في الأرض جهارا أوغلوا في الجور حتى خلتهم في مدى جورهم قوما سكارى
وفي نهاية الانتداب البريطاني بفلسطين في مايو 1948، عبّر شعراء الكويت عن مشاعر المواطنين في تلك المناسبة، إذ يقول الشاعر أحمد السقاف من قصيدة نشرها في شهر أغسطس عام 1948:
أقسم العرب أن تُصان فلسطين وألا يروعها أيّ قاسم وتنزّت مما ارتكبتم ملايين وخفّت إلى الجهاد عوالم
وذكر الوقيان أن شعراء الكويت استمروا في تتبّع كل حدث يقع في فلسطين، ولم يتوقف الشعر الكويتي عن مناصرة الحق الفلسطيني منذ صدور وعد بلفور حتى يومنا هذا.
المداخلات
أما في جانب المداخلات، فشارك العديد من المثقفين والأدباء، ومنهم د. سليمان الشطي، ود. خالد الطراح، أما الأديب عبدالله خلف، فقال إن المناهج التعليمية فقدت ذكر القضية الفلسطينية، ما عدنا نرى ذكرها في مناهج الأبناء منذ زمن بعيد.
وردّ الرميضي «إن شاء الله من خلال رابطة الأدباء سنخاطب وزارة التربية»، وبدورها شكرت د. هيفاء السنعوسي الرابطة على هذه الندوة الجميلة. وردا على سؤال د. عيسى الأنصاري عن تصدُّر الأدب في كل مرة عند اندلاع أي قضية، ليجيب د. الوقيان «يبدو أن العرب لا يزالون ينظرون إلى الشعر كما نظر إليه الأوّلون، الشعر ديوان العرب، وأيضاً الشعر هو وسيلة فنية فكرية في الوقت نفسه».