دخلت وتيرة العمليات العسكرية التي ينفذها حزب الله ضد مواقع وأهداف عسكرية إسرائيلية في حالة شبه ثابتة، إذ لم يعد بإمكان الحزب التراجع عن منسوب العمليات، الذي وصل إليه في الأيام الأخيرة، مادامت المعارك مستمرة في قطاع غزة، لأن أي تراجع سيُظهر الحزب بموقف ضعيف.
بالتالي على الرغم من الاتصالات والضغوط الأميركية على لبنان وإسرائيل لمنع استمرار العمليات، فإنها لا تزال قائمة ومستمرة، وهذا يقود إلى إشكاليتين بارزتين.
الاشكالية الأولى، تتعلق بما سيفعله الحزب في حال ثبت الإسرائيليون وجودهم في شمال قطاع غزة، ونجحت المفاوضات حول إطلاق سراح الرهائن على مرحلتين، تبدأ بإطلاق سراح الرهائن الأجانب مقابل هدنة وإدخال مساعدات إنسانية ومحروقات، وتنتقل إلى إطلاق سراح المدنيين الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح 75 امرأة وألفَي قاصر فلسطيني من المعتقلات الإسرائيلية.
عملياً، في حال نجحت المفاوضات بتحقيق صفقة التبادل، يبقى السؤال الأساسي المطروح يتعلق بما سيفعله الإسرائيليون في شمال قطاع غزة، وإذا كانوا سيستمرون بعملياتهم العسكرية وتوغلهم البري، أم سينتقلون إلى مرحلة ثانية قد يكون عنوانها تنفيذ عمليات اغتيال لقادة «حماس».
وفي حال أوقف الإسرائيليون عملياتهم في غزة، هل سيقوم حزب الله بالمثل؟ وماذا إذا اغتال الإسرائيليون قادة «حماس» المقيمين على الأراضي اللبنانية؟
أما الإشكالية الثانية، وهي إشكالية إسرائيلية بحتة، في ظل رفض كثير من سكان مستوطنات الشمال العودة إلى منازلهم مادام حزب الله لا يزال يتمتع بقوته العسكرية دون رادع، وتخوفهم الدائم من احتمال تعرّضهم لهجوم شبيه بعملية طوفان الأقصى، يقوم خلالها مقاتلون في حزب الله بالتسلل إلى المستوطنات، وهو أمر لطالما هدد به الحزب.
هذا الأمر يشكل عنصر ضغط كبيرا على الحكومة الإسرائيلية وعلى الجيش، ويقود إلى توسيع الخلافات بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من جهة، ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش، اللذين حاولا إقرار ضربة استباقية في الشمال ضد حزب الله.
في هذا السياق، فإن التهديدات الأمنية والعسكرية والمعنوية تجاه السكان الإسرائيليين تبقى أخطر من أي تهديدات عسكرية، لأن ذلك سيؤدي إلى إبقاء هذه المستوطنات فارغة، وهذا سيضعف موقف الإسرائيليين أكثر.
هنا أيضاً لا يمكن إغفال الموقف الأميركي الذي يلجم الإسرائيليين من الذهاب إلى حرب شاملة في الشمال. وقد تكون الإجابة عن هذه الإشكالية مطروحة في سياق بحث واشنطن عن حلول سياسية لتطبيق القرار 1701، وهو ما يلبي المطلب الإسرائيلي الذي كان مقترحاً في عام 2006، وتم تضمينه بالقرار 1701 دون تطبيقه، بإخراج قوة حزب الله العسكرية إلى شمال نهر الليطاني.
ربما يتكرر مثل هذا السيناريو، بناءً على اتفاق سياسي برعاية دولية لمنع التصعيد، وهو ما سيكون مرتبطاً بمفاوضات إقليمية دولية وتحديداً أميركية - إيرانية.
هنا سيكون الإسرائيليون في سباق مع زمن حول الملفين، إما انفلات التصعيد وإن بدون إرادة الطرفين، وإما الوصول إلى صيغة وقف إطلاق نار ووقف العمليات العسكرية بناء على اتفاق خارجي لا بدّ أن يكون له ارتباط بمسار المفاوضات في قطاع غزة.