العالم يتنفس الصعداء بعد أزمة «صاروخ بولندا الطائش»
بايدن ودودا «يبرّئان» موسكو... والكرملين يشيد بـ «المهنية» الأميركية
ما أن أعلنت بولندا سقوط صاروخ على أراضيها، وكان يعتقد أنها روسية، حتى حبس العالم أنفاسه لساعات في أكبر أزمة كانت ممكن أن تتسبب في مواجهة مباشرة بين موسكو وحلف شمال الأطلسي (ناتو) تصل إلى حد الحرب العالمية، والتي تمّ تجنّبها منذ 24 فبراير حتى اليوم.
فبعد أقل من 12 ساعة، أكدت بولندا أن الصاروخ أوكراني، ليتوافق رأيها مع تقويم مماثل للرئيس الأميركي جو بايدن.
جاء ذلك بعد ساعات من الاتصالات وردود الفعل الدولية والتحرك على مستوى الدول الأعضاء، وبعد عقد «الناتو» اجتماعاً طارئاً، خصّص لسقوط صواريخ في بولندا، الدولة العضو في الحلف.
حادث مؤسف
لكن لاحقاً، أعلن الرئيس البولندي أندريه دودا للصحافة أنه «لا شيء يشير إلى أنه كان هجوماً متعمداً على بولندا، ومن المرجّح جداً أنه كان صاروخاً استُخدم في الدفاع الصاروخي الأوكراني. إنه على الأرجح حادث مؤسف».
وقال الناطق باسم الحكومة البولندية، بيوتر مولر، في مؤتمر صحافي أمس ، عقب اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي في وارسو، «اتخذنا قرارا برفع مستوى تأهب بعض من الوحدات القتالية وغيرها من الأجهزة».
وأضاف أن بولندا تتحقق مما إذا كانت بحاجة إلى طلب إجراء مشاورات بموجب المادة 4 من معاهدة التحالف العسكري لـ «حلف شمال الأطلسي، الناتو».
ورغم إعلان الأمين العام لـ «الناتو» ينس ستولتنبرغ للصحافيين في بروكسل أنه «ليس خطأ أوكرانيا. تتحمل روسيا المسؤولية الأخيرة لأنها تواصل حربها غير المشروعة ضد أوكرانيا». وقال ستولتنبرغ خلال مؤتمر صحافي في بروكسل: «تحليلنا الأولي يفيد بأن الحادثة ناجمة على الأرجح عن صاروخ أطلقه نظام الدفاع الجوي الأوكراني للدفاع عن الأراضي الأوكرانية ضد صواريخ عابرة روسية».
وفي بكين، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ، في مؤتمر صحافي، إنه «في ظل الوضع الراهن، يتعين على جميع الأطراف المعنية التزام الهدوء وضبط النفس من أجل تجنب التصعيد».
موقف حذر
وفي جزيرة بالي الإندونيسية، حيث اختتمت قمة مجموعة العشرين أعمال قمتها التي استمرّت يومين، تشاور المسؤولون الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون خصوصا مع نظرائهم البولنديين والأوكرانيين اليوم، في سلسلة من المكالمات الهاتفية.
وبعد اجتماع طارئ استمر قرابة الساعة، أكد رؤساء دول وحكومات بلدان مجموعة السبع (الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا واليابان) وحلف شمال الأطلسي (ناتو) «دعمهم الكامل» لبولندا.
ومن دون توجيه أي اتهامات لأي طرف، قرروا «البقاء على اتصال وثيق لتحديد الخطوات التالية بناء على التحقيق».
وقال الرئيس الأميركي: «سأكون حريصاً على معرفة ما حدث بالضبط. سنحدد بعد ذلك بشكل جماعي التدابير التي يجب اتخاذها»، مشيراً إلى أنه «من غير المرجح» أن يكون الصاروخ «أطلق من روسيا».
وقال مصدر في «الناتو»، إن بايدن أبلغ مجموعة السبع والشركاء في الحلف الأطلسي أن الانفجار نجم عن صاروخ أطلقه الدفاع الجوي الأوكراني. وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكدت في وقت سابق، أنها لا تستطيع تأكيد التقارير التي تفيد بأن صواريخ روسية عبرت الحدود إلى بولندا.
وفي حين حمّل مستشار الرئيس الأوكراني روسيا المسؤولية، أعلن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن «موسكو لا علاقة لها بالحادثة».
وأضاف: «في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى ردّ فعل يتميز بضبط النفس وبمهنية أكبر من الجانب الأميركي»، منددا بـ «هستيريا» من طرف «مسؤولين كبار لدول عدة».
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الروسية أنها لم تصب سوى الأراضي الأوكرانية، مضيفةً أنها تمكنت من تحديد أن الصاروخ الذي سقط في بولندا هو مقذوف أطلقه نظام دفاع S300 تابع للقوات الأوكرانية. وأضافت أن «الضربات العالية الدقة التي شُنّت على أراضي أوكرانيا كانت على مسافة تتجاوز 35 كلم من الحدود الأوكرانية ـ البولندية».
وزيرة الدفاع البلجيكية لوديفين ديدوندر، رأت من ناحيتها، أن الانفجار «نتيجة أنظمة دفاع أوكرانية مضادة للطائرات تستخدم لاعتراض الصواريخ الروسية». وأضافت أن «التحقيقات مستمرة ولا يوجد حاليا ما يشير إلى أنه هجوم متعمد».
كما حذر المستشار الألماني أولاف شولتس من القفز إلى الاستنتاجات.
وقال: «يُحظر في مثل هذه المسألة الخطيرة أي تحديد متسرع لمسار الواقعة قبل التحقيق الدقيق فيها».
لكن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك رأى أن الضربة على بولندا أيا كان منفذها «لم تكن لتحدث لولا الغزو الروسي لأوكرانيا».