حقيقة لا أريد أن أذكر القارئ بالاعتراف المسجل لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون بدور بلادها في إنشاء تنظيم «القاعدة»، ولا بدور الغرب في تأسيس تنظيم «الإخوان المسلمين» ولا بكيفية ظهور الحركة السلفية ولا من كان وراء إنشاء حركة «حماس»، ولا بغيرها من تنظيمات الإسلام السياسي على مسطح الوطن العربي، ولكن ليتذكر القارئ الكريم أن استخدام مصطلح «الفوضى الخلّاقة» والإشارة إلى إمكانية حدوثها أو تطبيقها في الشرق الأوسط كان في مارس 2005، عندما ورد على لسان وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كونداليزا رايس، حين أدلت بتصريح صحافي مطول للصحيفة الأميركية «واشنطن بوست»، مشيرة إلى نية الإدارة الأميركية نشر ما يسمى «الفوضى الخلَّاقة» في منطقة الشرق الأوسط بهدف إحداث فوضى شاملة في المنطقة، ومن ثم إيجاد شرق أوسط آخر جديد، وقد نفذ بالفعل على أرض الواقع نهاية عام 2010 وبداية 2011، بدعم سياسي أميركي حيناً، وبمساندة لوجستية عربية وخليجية أحياناً أخرى.
فكل ما يجري من مناوشات عسكرية أو اضطرابات سياسية أو فوضى تخريبية ما هو إلا نتاج لمخططات غربية أو صهيونية جربت عبر الأفلام السينمائية للتأكد من جدواها السياسية والاقتصادية، ليتم تنفيذها على أرض الواقع فيما بعد، تماماً كما عبر عن تسلسلها الزمني القس الأميركي جسي جاكسون، عندما أكد على كيفية صياغة الأحداث عبر الإشاعات، وذلك قبل سنوات من إطلاق ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني، لمقولته الشهيرة، عندما قال إن قوة إسرائيل ليست في سلاحها النووي، لكنها تكمن في تفتيت ثلاث دول كبيرة تحيط بإسرائيل إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، هي العراق وسورية ومصر، ونجاح الإسرائيليين في خطتهم هذه لا يعتمد على ذكائهم بقدر ما يعتمد على جهل وغباء العرب، وما يجري على امتداد الوطن العربي من اضطرابات شملت عدداً من الدول العربية منذ نهاية 2010 حتى يومنا هذا إلا دليل على ما يخطط له الغرب لمستقبل هذه المنطقة.
الغريب في الأمر أن الساسة الغربيين أنفسهم يقرون في العلن بنواياهم الإجرامية للإضرار بسمعة العرب والمسلمين بشتى الطرق غير المشروعة، ولا يترددون في الإعلان عن كيفية الإضرار بنا دون حياء وكأنها مؤامرة للسيطرة على مقدرات وثروات المنطقة، بل هي خطط إجرامية مدروسة بعناية فائقة، ومؤامرات لا تقف عند حدود النظريات، بل تنفذ على أرض الواقع.
الأدهى والأمر أنهم مستعدون للإضرار بأرواحهم وممتلكاتهم، كما حصل في برجي التجارة العالمية في الحادي عشر من سبتمبر 2001، والتي راح ضحيتها آلاف الأرواح ومليارات الدولارات، في سبيل توجيه تهم الإرهاب المعلبة إلى العرب والمسلمين، رغم اعترافهم بصنعهم للمنظمات الإرهابية والتكفيرية وألبسوها لباس الإسلام، والإسلام منهم براء.
كما أن الخبراء الغربيين أنفسهم حللوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وأقروا بعشرات الأدلة المنطقية بصعوبة وقوع هذه الأحداث المرعبة بفعل طائرتين فقط، فإذا كان مخرجو هذه المسرحية قد أقروا بوجود أربع طائرات في مسرح الجريمة في الولايات المتحدة الأميركية، فكيف اختفت آثار كل هذه الطائرات؟ وكيف لناطحتي سحاب تتكون كل منهما من أكثر من 125 طابقاً أن تنهار بطريقة «الدومينوز» خلال ثوان معدودة، دون أن يشترك في هذه الجريمة خبراء متفجرات زرعوها في كل طابق من هذين البرجين؟ وللحديث بقية.